في بلدٍ اسمه لبنان، وفي دولة يُقال لها الدولة اللبنانية، وفي جمهوريةٍ اتُفِق على تسميتها طوعاً، ومن دون ضغطٍ من أحد الجمهورية اللبنانية، وفي حكومة تحل محل رئيس الجمهورية وتعقد جلساتٍ لإتخاذ القراراتِ الملائمة من أجل شعبها، نقرأ المقررات التالية الصادرة عن أحدثِ جلسة لمجلس الوزراء، وفي هذه القرارات الحيوية والإستراتيجية:
الموافقةُ على طلباتِ نقل إعتمادات من إحتياطي الموازنة العامة إلى موازنات رئاسة مجلس الوزراء وبعض الوزارات للعام 2015، على أساسِ القاعدة الإثنتي عشرية من أجل نشاطاتها.
الموافقةُ على قبول بعض الهبات المقدمة لصالح بعض الوزارات.
الموافقةُ على طلبِ بعض الوزارات المشاركة في مؤتمرات في الخارج.
ماذا نستخلص، أو ماذا يجب أن نستخلص من هكذا مقررات؟
بدايةً لنضع هذه المقررات في التوقيت والظروف التي صدرت فيها:
المصدِّرون اللبنانيون يئنون من المعاناةِ بسبب عدم القدرة على تصدير منتجاتهم.
اللبنانيون عموماً يعانون أوضاعاً في السلامة العامة لا تدعو أبداً إلى الإرتياح.
قلقٌ دائم واضطرابٌ واضح من إنعكاسات الحروب المتعددة في المنطقة على اللبنانيين.
ومع ذلك، وفوق ذلك، لا همّ لمجلس الوزراء مجتمعاً سوى الإذن للوزراء ليسافروا على حساب خزينة الدولة، تحت بند المشاركةِ في مؤتمرات في الخارج. كما لا هم له سوى الصرف ثم الصرف ثم الصرف تحت بند نقل اعتمادات إلى موازنات رئاسة مجلس الوزراء وبعض الوزارات من أجل نشاطاتها.
دققوا في التعابير الأخيرة، من أجل نشاطاتها! يا سادة، أيُّ نشاطات؟
ما هي طبيعتُها؟
ما هو نوعُها؟
أليس من حق الشعب اللبناني معرفتها؟
كلُّ جلسةٍ تكلِّف خزينة الدولة ملايين، لا بل مليارات الليرات اللبنانية من أجل سفر الوزراء وموازنات وزاراتهم من أجلِ نشاطاتهم، فهل هذا معقول؟
***
إنَّ المطلوبَ، وبصورةٍ عاجلةٍ أن يتحرَّك رئيس مجلس النواب ويضع أداء الحكومة كبندٍ أول في الجلسة العامة لمجلس النواب قريباً، لمساءلتها عن هذه الأموال التي تُصرَف يميناً وشمالاً على وزراء لا يُنتجون، أما المنتجون فلا يشاركون في مؤتمرات في الخارج، هل رأى أحدٌ من القراء ان الوزير وائل أبو فاعور شارك في أيِّ مؤتمرٍ خارج لبنان منذ تسلمه وزارة الصحة؟
لم يكن لديه الوقت للمشاركة في مؤتمرات غير مطابِقة في الخارج، لأنه كان منهمكاً في الداخل، أما الذين لا إنهماكاتٍ لهم في الداخل فإنهم يتطلعون إلى المؤتمرات في الخارج.
لهذه الأسباب، وإذا كانت الجلسة العامة لمجلس النواب علنيةً ومنقولةً عبر الشاشات، فإن الشعب اللبناني متلهِّفٌ ليسمع من رئيس الحكومة عن موجِبات هذه المقررات التاريخية القائمة على الصرفِ، وعلى الصرفِ فقط.