IMLebanon

أيها المسؤولون عنَّا:  تواضعوا فالعالَم مُنشغِلٌ عنكم

لا أحد في العالم يعيش من دون أجندة:

الدول والمنظمات والأحزاب والمؤسسات والأفراد. لكلٍّ أجندته يضعها ويعمل بموجبها، هكذا تنتظم الحياة فلا يكون مكان للفوضى.

بهذا المعنى فإنَّ أيَّ قراءةٍ سياسيةٍ للتطورات، سواء تلك العالمية أو الإقليمية أو العربية أو الداخلية، تستلزم معرفة أجندات تلك الجِهات، فتسهل القراءة ويكون التحليل أكثر قرباً من الواقع.

ومعرفة هذه الأجندات يدفع المتعاطين بالشأن العام إلى أن يكونوا أكثر تواضعاً في مقاربة التطورات، فلا يتوهمون بأنَّ الكرة الأرضية تدور حولهم وبأنَّهم محور الكون.

أولاً: دولياً، الولايات المتحدة الأميركية، الدولة العظمى، منهمكة في محادثاتها النووية مع إيران، هذه المحادثات مفصلية، وواشنطن لا تولي أهميةً هذه الأيام إلا لهذا الملف، لذا من السذاجة أن يكلِّمها أحدٌ عن ملفٍّ آخر، كملفّ الإنتخابات النيابية في لبنان أو ملفّ المعارضة في وجه أردوغان.

تركيزها منصب على التوصل إلى إتفاق مع إيران خلال هذا الشهر، وإذا لم يحصل الإتفاق ستحاوِل أن تُعدِّل في أجندتها.

ومن مظاهر أهمية هذا الملف أنَّ المرشد الأعلى في ايران آية الله خامنئي دَعَم على حسابه على تويتر المفاوضات، التي جرت في عُمان، والتي ستُعاوَد في الأسبوع المقبل، فإما إتفاق وإما لا إتفاق، وبناء على النتيجة تتحدَّد مواقف واشنطن وطهران من أجندات المنطقة، ومن بينها الأجندة اللبنانية.

ثانياً: اقليمياً، الدول الخليجية منهمكة في التحضير لقمَّة دول مجلس التعاون الخليجي التي تواجهها عقدة انعقادها في قطر، وكلُّ المؤشرات تدل على أنَّ القمة ستُعقَد في نهاية المطاف في السعودية، بعد رفض عقدها في الدوحة بسبب ملاحظات بعض الدول الأعضاء على الأداء القطري.

الإنشغال بهذه الأجندة يحرم لبنان، ولو لفترة، من الإهتمام العربي أو على الأقل لا يكون الوطن الصغير على رأس أولويات الدول العربية.

إذا أخذنا هذه المسارات بعين الإعتبار، فماذا يتبقَّى من إهتمام يوجّّه الى وضعنا الداخلي؟

هنا بيت القصيد، وهنا جوهر الموضوع الذي يُفتَرض بالمسؤولين عندنا أن يأخذوه بعين الإعتبار، لا أحد باله فينا وعلينا أن نقلع شوكنا بأيدينا أو ننتظر حلحلة الأجندات الخارجية، بهذا المعنى ماذا سيفعل المسؤولون عنّا، وفي مقدَّمهم الحكومة ومجلس النواب؟

بالتأكيد لا أحد ينتظر منهم المعجزات لأنَّ تكوين السلطة غيرُ مكتملٍ، ولا وجود لأجندة الحد الأدنى التي يُفتَرض أن تُطبَّق؟

الجواب ليس مستحيلاً بل هو واضح أمام جميع الأعين وما على المسؤولين سوى النظر لرؤيته.

على مجلس النواب والحكومة معاً أن يُهيِّآ الأجواء والظروف التي تُسهِّل إنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، فمن دون هذه الخطوة وهذا الإنجاز تبقى سائر الملفات منقوصة.

وبعد ذلك يكون المطلوب إعداد قانون جديد للإنتخابات النيابية، لأنَّ القانون المعمول به حالياً لا يصلح لأن تجري الإنتخابات على أساسه، خصوصاً أنَّه تضمَّن أن الإنتخابات وِفقَه تجري لمرّة واحدة.

أما الأجندة الكبرى فهي تتعلق بالملفات المعيشية وهي التي تهمُّ الناس أولاً وأخيراً، فالمواطن المحتاج كيف يأكل ويشرب ويدفع أقساط المدارس، هل يفعل ذلك من الخطب النارية، التي لا تحمل سوى الوعود والتي لا إنجازات من ورائها؟

أعطونا ما يوفِّر لنا حياةً حرةً وكريمة وغير مُذلَّة، وخذوا منا تأييداً لكلِّ أجنداتكم، أما إذا لم تفعلوا ذلك فلا تطلبوا منا تأييداً أو إلتزاماً، لا تدفعونا الى الكفر بكم لأنه أهون السبل، فالمعيار عندنا هو إلتزامكم بهمومنا لا الإلتزام باهتماماتكم فقط!!