استوقفني التصريح الذي أدلى به النائب ابراهيم كنعان إثر الإجتماع الاسبوعي لـ»تكتل التغيير والاصلاح» مساء يوم أول من أمس الثلاثاء.
ولقد تبيّـن لي، كما لجميع الذين استمعوا إليه، وكأنّهم في «التيار الوطني» صُدموا لأنّ محاولاتهم استغلال الجريمة البشعة والمدانة جداً التي ارتكبها طارق يتيم وأسفرت عن قتل المغدور المرحوم جورج الريف لم تحقق أهدافها في تسييسها وهي جريمة فردية أرادوا ركوب موجة بشاعتها وتعاطف الرأي العام مع ذوي الضحية لينالوا من انطوان بك الصحناوي رجل الأعمال الناجح والذي كان أوّل من أدانها وأعلن تضامنه مع عائلة القتيل عملياً وليس بالشعارات الفارغة.
واللافت أنّ كنعان تحدّث عن مرتكب الجريمة «ومَن يغطيه» (الخ…) وهي إشارة إستغلالية واضحة… والسؤال: هل قال القضاء كلمته في هذه الجريمة النكراء أم أنّه لم يقلها بعد، فكيف عرف النائب كنعان بأنّ هناك مَن «يغطي» المرتكب؟ وهل أنّ التحقيق سرّي أم ماذا؟
ألَيْس في هذا الكلام محاولة مكشوفة للضغط على القضاء ومجريات التحقيق؟
لقد أفسدت السياسة، بل السياسيون، كل شيء في لبنان… وها نحن في فراغ رئاسي يتمادى، عُرف متى بدأ ولكن لا يمكن لأحد أن يعرف متى ينتهي.
ثم ليس في البلد شيء واحدٌ يمشي بشكل طبيعي.
ومن ثم ها أنّ الجميع عاجزون عن مواجهة أي مشكلة، مهما كانت، والأزمات تتناسل أزمات وكل يوم أزمة جديدة: من الخلاف على آلية عمل مجلس الوزراء، كما الخلاف على التعيينات الأمنية والعسكرية ما أدى الى تعطيل عمل مجلس الوزراء عملياً فلحق ما تبقى من السلطة التنفيذية بالرئاسة الفارغة وبالسلطة التشريعية المعطّلة أيضاً.
وها هو القضاء يتعرّض للضغوطات والإيحاءات، والقضاء هو سلطة مستقلة في المبدأ والممارسة… فهل ضاق في عينهم ذلك؟ وهل أرادوا أن يلحقوه بسائر السلطات المعطلة؟!.
وإلى أين يريدون أن يأخذوا البلد؟
ولمصلحة مَن يمكن أن يأتي تعطيل القضاء العادي؟
وهل يريدون أن يلحقوه بما عايناه من القضاء العسكري ولدينا مثالان فاقعان عنه: مثال الحكم الذي صدر على فايز كرم، والحكم الذي صدر على ميشال سماحة. فهل هذا هو القضاء الذي يريدونه؟
ونعود الى النائب كنعان لنسأله، وهو المحامي قبل أن يكون نائباً: ما دخلك في هذا الموضوع الذي أثرته؟ ونكرر: مَن أخبرك أنّ هناك من «يغطّي» مرتكب الجريمة؟!.
يا حضرة النائب – المحامي ويا حضرات السياسيين دعوا القضاء وشأنه، دعوا القضاة يحتكمون الى ضمائرهم، فلا تثقلوا عليهم بضغوطاتكم وإيحاءاتكم.
بالله عليكم، رحمة بهذا البلد، وبما تبقى فيه من سلطة، ارفعوا أيديكم عن القضاء.