IMLebanon

أيّها الرأي العام… أينَكَ؟

أياً يكن دور ارتباطات الداخل اللبناني بقوى خارجيّة فاعلة، وأيّاً يكن تأثير الأعاصير العربيّة في التركيبة اللبنانيّة والصيغة والسيبة، يظلّ دور النووي الإيراني محفوظاً مثلما تظلّ إيران قادرة على “منع” اللبنانيّين من انتخاب رئيس للجمهوريّة… قبل أن يدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تحصل طهران على المطالب والهدايا الموعودة بها من لدن واشنطن.

هذا التوضيح لا يُراد له أن يقول لمخترع البارود قم لأقعد مطرحك، إنما هو جزء من ردّ على كلام مشوَّش حول خفايا الفراغ الرئاسي والمتسبّبين به.

أجل، إن اللبنانيّين ممنوعون من انتخاب رئيس جديد بعد مرور سنة و14 يوماً على انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان. وللمرة الأولى يبقى لبنان بلا رئيس للجمهوريّة مدّة بهذا الطول. حتى خلال حروب الآخرين، والحرب الأهليّة، وحروب السطو على البنوك والمتاجر والمرافئ والأملاك العامة تمكّن لبنان من انتخاب رئيسين، حرصاً على عدم تمكين التقسيميّين والانعزاليّين من فسخ الولد.

والمنع الحاصل علناً، وعلى صنوبر بيروت، أخذ المجتمع الدولي علماً به، مثلما تراكم لدى الشرعيّة الدوليّة ملف كامل عن كل ما يتّصل بهذه الفضيحة الدستوريّة الوطنيّة.

إلا ان المثير للدهشة والاستغراب أن اللبنانيّين ومرجعيّاتهم الروحيّة والسياسيّة يبدون للملأ كأنهم موافقون على ما تعرّض ويتعرّض له الاستحقاق الرئاسي، من دون إبداء أي اعتراض جدي. أو الإقدام على أية خطوة، أو مبادرة، تدلّ أو تنمّ عن رفض قاطع لهذه الفضيحة المثيرة للاستغراب والاستنكار والدهشة.

حتى غدا الفراغ الرئاسي كأمر طبيعي، لا كأمر واقع، أو نزولاً عند إرادة رغباتها، أقوى من الأوامر: لا المرجعيّات الروحيّة والسياسيّة “المعنيّة” حرّكت ساكناً في هذا الاتجاه، تعبيراً عن اعتراض على واقع الحال، على الأقل. ولا الجماهير الغفورة حرّكت ساكناً تعبيراً عن احتجاجها وعدم رضوخها لمشيئة الخارج وأوامره. ولا سارت تظاهرة، ولو رمزيّة من عشرين ثلاثين شخصاً، رفضاً لهذه الاستكانة المهينة لمشيئة الغرباء وإن كانوا أقوياء.

ولا مَن يقاربون هذه المهزلة في الزجليّات التلفزيونيّة التي تقشعرّ لها الأبدان، وينفر منها حتى الذين لا يفقهون حرفاً من أبجديّة السياسة.

فأين هم أولئك الذين كانوا يملأون الشوارع والساحات والزواريب بالمتظاهرين من أجل خاطر فيتنام وكوبا وأفغانستان وعربستان وكرجستان و… كان يا ما كان؟

بلا طول سيرة، الرأي العام الغائب عن الوعي يطلب من القيادات المسيحيّة المعنيّة بالموضوع الرئاسي التخلّي عن سياسة اللامبالاة وعدم “تسويد” الوجه مع هذه الدولة أو تلك، والاعتصام حتى انتخاب رئيس جديد.

أعلم أن هذا الطلب أشد تعقيداً من حلم ليلة صيف.