IMLebanon

الخائف من الموت… يموت من الخوف

 

منذ أن بدأت الازمة المالية – الاقتصادية تطلّ برأسها في لبنان، حاول «حزب الله» جاهداً وبكل الوسائل المتاحة، الفصل بين هذه الأزمة وسلاحه. فهو يعتبر أنّ اتهام سلاح ايران بالتسبّب بالأزمة المالية – الاقتصادية سيطيح مكانة ايران في المنطقة، وسيعطي لخصومها الإمكانية والحجج للاعتراض على سياساتها أكثر وأكثر. ولتأمين ذلك، قام بترتيب ما نسمّيه «حولاً سياسياً» – أي بمعنى- أنّه بعد نجاحه في بناء سلطة صديقة له، نجح في وضع سقفٍ لكل المعارضات، أكانت من طبيعة برلمانية أو من طبيعة شعبية. فربط اللبنانيون أزمتهم بالفساد، بسوء التدبير، بسوء الادارة، بالطائفية والمذهبية، بالمصارف، بحاكمية مصرف لبنان… إنما لم يتجرؤوا على ربط الأزمة المالية – الاقتصادية بالسلاح غير الشرعي.

 

عندما تقدّمت المحادثات بين الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان من جهة وصندوق النقد الدولي من جهة أخرى، وبعد أن تكشّف للرأي العام إصرار المجتمع الدولي على احترام لبنان لقرارات الشرعية الدولية، عاد إلى الواجهة موضوع الربط بين السلاح وبين الأزمة التي تعصف بالبلد.

 

تجرّأت بالأمس مجموعة من الشابات والشباب وفي وسط بيروت، ليس في شارع سامي الصلح خلف قصر العدل أو ساحة ساسين أو ساحة النور، بل في ساحة الشهداء في وسط بيروت، حيث عدسات كل الصحافة العربية والعالمية التي وثّقت وشهدت على أنّ هناك مجموعة- صغيرة أو كبيرة، ليس هذا هو الموضوع- طالبت بتطبيق القرارات 1559، 1701 و1680 وربطت موضوع الأزمة المالية بموضوع السلاح.

 

هذا هو الحدث الذي أزعج «حزب الله» البارحة ودفعه إلى التلويح بإمكانية ضرب السلم الأهلي في لبنان. فافتعل الهجوم على عين الرمانة والهجوم على طريق الجديدة، للقول بأنّه قادر على إشعال حربٍ أهلية مع المسيحيين وحربٍ مذهبية مع السنّة.

 

الغريب في ما حدث هو استجابة اللبنانيين، أحزاباً ومجتمعاً أهلياً، لمشروع «حزب الله»! هناك من يقول «الخوف»، وهناك من يقول «التقدير»، وآخرون يقولون «البراغماتية» وقيل أيضاً «موازين القوى لا تسمح»، كل هذه الاعتبارات كانت قائمة خلال مرحلة الوصاية السورية على لبنان، لكنها سقطت كلّها حين أعلن «لقاء قرنة شهوان» بزعامة البطريرك صفير أمام اللبنانيين، أنّ أزمة لبنان الاقتصادية والسياسية والمعنوية وحتى المسيحية، هي أزمة وطنية وليست مسيحية أو سنّية أو شيعية.

 

إذا لم يعد اللبنانيون إلى الأساس لن يكون هناك مخرج مما نحن نتخبّط فيه على كل الأصعدة. أي أنّه لا حلّ في لبنان إلّا بالجميع، ولا حلّ في لبنان إلّا للجميع، وإنّ موضوع إدارة الشأن الداخلي يحتاج إلى دولة، ووجود هذه الدولة يكون باحتكار السلاح وفقاً لقرارات الشرعية الدولية 1559، 1680 و1701 ووفقاً للدستور طبعاً، وباحترام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وكل القرارات الشرعية ذات الصلة.