ماذا تراها تقدم او تؤخر استقالة الحكومة التي يقال انها صارت وشيكة ومحتملة اقرب من اي وقت مضى بعدما فاض كأس الصبر لدى الرئيس تمام سلام؟
لا نثير الامر من زاوية قوى سياسية تحترف استباحة المواطن اللبناني بطريقة وحشية بارغامه على تجرع الازمات قوتا يوميا. نثيره من زاوية المواطن في يومياته العادية التي باتت توازي الموت السريري لحقوقه البديهية في ابسط حدودها. منذ ثمانية اشهر أسقطت الطبقة الشرهة الفاسدة اهانة جماعية على اللبنانيين وتركتهم عرضة لأبشع صورة جماعية لبلد ومواطنيه ولأشد تشويه لحضارته وهو الذي لم تقو أنواء الحروب المتعاقبة على تحطيم عنفوانه يوما. صار اللبناني المتكيف مع أزمة النفايات والعاجز عن قلب الطاولة اشبه بفأر تجارب وما ادراك ما يعني ذلك من تحويل الناس الى جماعات مقهورة وحاقدة وما يمكن ان يتأتى عن ذلك يوما.
بالامس شاهد اللبنانيون انفجار احدى العينات الفاضحة من جوانب الفساد المستأصل في الدوائر بلوغا الى مؤسسة رقابية، فبدا مشهد رئيس هيئة التفتيش المركزي وهو يفجر الفضيحة اشبه باعلان مدو لموت الدولة اللبنانية بفعل الجرعات الزائدة من الفساد. قبله وبعده تتصاعد أساطير المليارات المنهوبة والمهدورة في أزمة النفايات وسواها من حكايا الانهيار الذي لا ندري ما اذا كان بلد بلغ مستوياته الحقيقية التي ستبقى عاصية على مراصد الشفافية العالمية. ولنذهب الى الأبسط من هذا في انتهاك اقل حقوق الناس. هل تعرف أيها اللبناني انك تمضي ما يقارب ربع او ثلث عمرك وتستهلك معظم عافيتك وانت تقبع ساعات في زحمة السير والاختناقات المرورية التي توقفت الدولة اللبنانية، تحت عصف الخناقات على الفساد او لأسباب اخرى، عن استحداث اي همة او مشروع او خطة للتخفيف من العذاب اليومي للناس؟ هل تدرك ايها اللبناني ان صحتك المهددة بكل أوبئة النفايات لا تقيم دولتك وزنا لها ما دام هؤلاء “الاشاوس” الذين يقبضون على مصيرك لا يسمعون ولا يَرَوْن ولا يعرفون أصلا ما يجري على “أرضية جماهيرهم” ويوميات العذاب؟
بالامس، يطلع في صبيحة يوم عطلة خبر حزين ينبئ باقفال مكتبة البرج في نهاية نيسان المقبل. هذه الجوهرة الثقافية في وسط بيروت الذي كان يوما يضج حياة وحضورا وفرحا كأنها تذوي الآن لتصدم أولئك الذين في آذانهم وقر ولم يعرفوا بعد ان قلب بيروت كله ينطفىء تباعا وان كل ما فيه وحوله ينبئ بالجفاف والحزن والهجران.
هل ثمة من سيسأل بعد عن حكومة باقية او راحلة وما الفرق بين هيكل متداع وهيكل مدفون؟ كان شجاعا الرئيس سلام حين تحدث عن النفايات السياسية، ولكن ألم يحن أوان طمرها؟.