IMLebanon

موت برنارد لويس الرّجل الخبيث

 

مات أمس برنارد لويس، صاحب الآراء الوجيهة لدى مجموعة السياسيين الأميركيين المعروفين باسم «المحافظين الجدد» من جماعة جورج بوش الإبن ومن لفّ لفّه، ولكن هل ماتت خرائطه ومخطّطاته لتقسيم المنطقة، لا نظنّ ذلك؟!

 

الرّجل الذي تخصص في تاريخ الإسلام والتفاعل بين الإسلام والغرب وتشتهر خصوصا أعماله حول تاريخ الدولة العثمانية، «إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، والحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أميركا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة، لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أميركا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديموقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أميركا بالضغط على قيادتهم الإسلامية – دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أميركا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها».

هذا هو رأي برنارد لويس في العرب والمسلمين ومخططه لهم باختصار، وهذا الكلام ورد بالنص في مقابلة أجرتها وكالة إعلام مع «برنارد لويس» مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط في عهدي بوش الأب والابن، ونشرته مجلة وزارة الدفاع الأميركية، في 20 أيار 2005.

مات أمس صاحب أخطر مشروع في القرن العشرين لتفتيت العالم العربي والإسلامي من باكستان إلى المغرب، من 56 دولة إلى 88 دويلة صغيرة على أساس عرقي وديني وطائفي، وفي مقال لبرنارد لويس كتب في صحيفة «وول ستريت» عندما دعت أميركا عام 2007 إلى مؤتمر «أنابوليس» للسلام: «يجب ألّا ننظر إلى هذا المؤتمر ونتائجه إلّا باعتباره مجرد تكتيك موقوت، غايته تعزيز التحالف ضد الخطر الإيراني، وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضاً»!

وصل برنارد لويس وهو يهودي بريطاني الأصل إلى واشنطن ليكون مستشارًا لوزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، وهناك أسس فكرة تفكيك البلاد العربية والإسلامية، وهو الذى ابتدع مبررات غزو العراق وأفغانستان، وأوضح ذلك بالخرائط التى اوضح فيها التجمعات العرقية والمذهبية والدينية والتى على اساسها يتم التقسيم وسلم المشروع إلى بريجنسكي مستشار الأمن القومي في عهد جيمي كارتر، ولـ»زبينغيو بريجنسكي» مستشار الأمن القومي الأميركي في العام 1980 مقولة اشتهرت في عزّ اشتعال الحرب العراقية ـ الإيرانية «المعضلة التي ستعاني من الولايات المتحدة من الآن (1980)، هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران، تستطيع أميركا من خلالها تصحيح حدود سايكس ـ بيكو».

مات برنارد لويس ولكن آراءه  السلبية تجاه العرب والمسلمين وتصوراته للمنطقة باقية، لطالما رأى هذا الرّجل أنّ تأخر العرب والمسلمين عن أوروبا هو لأسباب ثقافية ودينية، كما رأى بأن العالم الإسلامي في حال صراع مستمرة مع المسيحية وان فترات السلم ليست إلا استعداد لفترات حرب قادمة.

أكثر ما يلفت في برنارد لويس صاحب الباع الطويل في دراسة وثائق وأرشيف وتاريخ الدولة العثمانيّة أنّه أحد أبرز منكري مذابح الأرمن حيث تغير موقفه جذرياً من الاعتراف بحدوث «مجازر» مزعومة أودت بحياة أكثر من مليون ونصف على يد العثمانيين ورفضه تسمية ما حدث بالمجزرة واعتبارها «أعمال مؤسفة أودت بحياة أتراك وأرمن على حد سواء»، وللمفارقة هذا الموقف أدى إلى محاكمته في فرنسا حيث قررت المحكمة كونه مذنبا بتهمة إنكار مذبحة الأرمن وتغريمه مبلغ رمزي قدره فرنك فرنسي واحد.