خطاب السيّد حسن نصر الله، وما حصل قبله وبعده في مناطق بيروت، وفي طريق الجديدة بشكل خاص وردّ الرئيس فؤاد السنيورة من جهة والوزير نهاد المشنوق من جهة ثانية، لا بدّ وأن ينعكس على مجريات الحوار بين التيار والحزب الذي يُعقد مساء اليوم بين التيار والحزب.
وعشية انعقاد الجلسة الرابعة حرص رئيس الكتلة النيابية للتيار فؤاد السنيورة على إطلاق سلسلة مواقف حادّة ردّاً على الرسائل التي بعث بها السيد نصر الله الى الحكومة اللبنانية وإلى كافة الفرقاء اللبنانيين، واعتبر فيها أن السيّد تجاوز كل الخطوط الحمر بما يجعل أي توافق أو تفاهم بين اللبنانيين متعذّراً لا بل مستحيلاً، ما يعني أن حوار اليوم سيكون محطة صعبة بالنسبة الى الفريقين المتحاورين.
لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ساهم بشكل مباشر في تهيئة الأجواء لهذا الحوار لم يتوقف مطولاً عند الخطاب وردود الفعل عليه واعتبر أن الحوار سوف يستمر ولن يتأثر بالشظايا التي أصابته بعد خطاب السيّد نصر الله.
وإذا كان الرئيس بري ما زال متفائلاً بهذا الحوار بين المستقبل والحزب، فمما لا شك فيه أنه يملك معلومات بأن الفريقين محكومان باستمرار الحوار بينهما حتى ولو لم يؤد إلى نتيجة سوى تخفيف حدة التشنّج على صعيد الشارع بين السنّة والشيعة والحؤول بالتالي دون وقوع الفتنة، وهذا بحدّ ذاته يشكل بالنسبة إلى رئيس المجلس إنجازاً كبيراً وإن ظلّت المواقف من القضايا الخلافية مثل سلاح الحزب وحربه في سوريا وحتى الموقف من الاستحقاق الرئاسي على حالها.
لكن مثل هذا المنطق الذي يتبنّاه الرئيس بري، قد لا يُثمر على مستوى الشارع بعد ذلك المشهد المرعب الذي عاشه أهالي بيروت ومنطقة الطريق الجديدة على وجه الخصوص قبل وبعد خطاب السيّد، حيث طاول إطلاق الرصاص الغزير السكان وترك جروحاً بليغة في النفوس لا يمكن لأي حوار بعدها أن يدملها أو يخفّف من تشنجاتها.
وعلى افتراض أن المتحاورين سيتجاوزون هذا الأمر من منطلق أن استمرار الحوار قد يخفّف من حدته إلا أن الموضوع الأساس المطروح على الطاولة وهو تعميم الخطة الأمنية على المدن اللبنانية مثل بيروت وصيدا إضافة إلى منطقة بعلبك والبقاع، يبدو حتى الآن متعذراً إذا لم نقل مستحيلاً بعد ذلك المشهد المرعب التي شهدته العاصمة ابتهاجاً بخطاب السيّد في حفل تكريم شهداء عملية القنيطرة التي نفّذها سلاح الجو الاسرائيلي والذي أنعش الاحتقان المذهبي بدلاً من أن يكون الهدف الأساسي من أي تحرك يقوم به أحد الفريقين هو تهدئة الأجواء والتخفيف من الاحتقان المذهبي، وفي مطلق الأحوال فإن اللقاء الرابع بين المستقبل والحزب لن يكون أفضل من سابقاته التي غرقت في جنس الملائكة ولم تتقدّم أية خطوة بالنسبة إلى المواضيع الخلافية الحسّاسة أو بالنسبة الى الموضوع الأساس الدافع للحوار وهو الاستحقاق الرئاسي.