IMLebanon

تآمر مفضوح لتهديم لبنان والدول العربيّة شعاره النفط علناً والمياه.. ضمناً!!

تفيد الخبرات التاريخية للبشرية بأن التسويات السياسية المبكرة للصراعات، الداخلية أو الإقليمية، هي أقصر الطرق وأقلها تكلفة، هذا ما أشارت اليه احدى المرجعيات السياسية، والتي تتابع، بأنه لا مناص من اللجوء إليها في نهاية المطاف، غير أن ما لا يعد ويحصى من وقائع على امتداد التاريخ يؤكد أن أصحاب القرار في أحد أطراف الصراع، أو أكثر من طرف، كانوا يذهبون في اتجاه معاكس، لتجريب الحلول العسكرية والأمنية حتى الإنهاك، دون الالتفات إلى الحلول السياسية، إلى أن تفرض عليهم، بعد أثمان غالية بشرية ومادية يدفعها الجميع وتستنزفهم. البعض يجادل في أن طبيعة تعقيد الأزمات يصعب معها الوصول إلى تسويات سياسية ترضي كل أطراف الأزمة، لاسيما إذا كان الصراع يتسم بأبعاد قومية أو عرقية أو إثنية أو دينية أو طائفية، وفي بعض الحالات مركبة.

واشارت المرجعية السياسية الى انه من بلاد الشام إلى بلاد الروهينقا، مروراً بالعراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان وسوريا واليمن ومصر وليبيا وتونس يغص المشهد بألوان الدم والدخان، وبالقتل والحرائق وبيارق الفرق المتناحرة، وتضج الأنفس بالشكوى من أشكال الظلم والقهر والجوع والرعب، ومن انحطاط أخذ يتفشى ويتفتق عن مكائد وسموم في سياسات وكتابات ووسائل إعلام بلغ بعضُها درجات من التحلل والانحلال والتهافت والتهالك على الصغائر والمهالك. وربما يكون مفيداً القول بان الذين ركبوا قطار الربيع قادمين من لبنان وتونس ومصر وليبيا، واليمن وسوريا، كانوا جميعاً في قطار واحد.

هذا صحيح لكن لم يكن الجميع على هدف واحد، ومن مرجعية واحدة، ومن أمة واحدة، ولذلك تقول المرجعية، بانهم جاؤوا على قطار لعبة الأمم بأمتهم، وأهداف الأعداء بثروات بلادهم، وموقعها الجيوإستراتيجي وهكذا فقد كانوا مرتهنين لمن يقود القطار وليس بإمكانهم أن يفعلوا غير ما يؤمرون. واليوم، فالخراب الذي ينتشر في دول ما يسمى «الربيع العربي» يوضح أن ما شهدته وتشهده ليس بثورات وإنما تآمر مفضوح يهدف إلى تهديم المجتمعات العربية وتفكيك روابطها، والعودة بها إلى الدرك الأسفل من مراحل تطور البشرية، ومن ثم تكريس الاستباحة الأميركية والإسرائيلية، سياسياً واقتصادياً وعسكريا.

وتذكر المرجعية بالحرب الباردة، حيث عملت كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي بصفة مباشرة أو عن طريق وسطاء، ولا سيما خلال الحروب العربية الإسرائيلية واهمها حرب تموز اللبنانية وايضا الحرب الأهلية اليمنية، في تغيير الخارطة السياسية بالمنطقة. ولم تكن لعبة القوى العظمى دائما ضارة، ففي عام 1958 جنّب التدخل الأميركي في لبنان والبريطاني في الأردن من دخول هذين البلدين في حالة فوضى، وفي عام 1987، سرّع التدخل البحري الغربي في الخليج في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية، وفي عام1991، مكّن التحالف الدولي من تحرير الكويت ومن استقرار شبه الجزيرة العربية. ومنذ اختفاء الكتل، أصبحت الولايات المتحدة هي الوحيدة التي بإمكانها أن تؤثر في الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط. ليدرك الأميركيون في وقت لاحق أن نهاية الحرب الباردة كانت وراء رجوع القومية وإحياء المنافسات القديمة، كما تسبب غزوهم للعراق عام 2003 في إدخال البلاد في حالة فوضى. وهنا، حسب زعم المرجعية، اكتشفت واشنطن أن الشرق الأوسط هو أكثر تعقيدا مما تصورته الإدارة الأميركية، ما أجبرها اليوم على التفاعل مع عدد متزايد من الفاعلين السياسيين الذين لديهم مصالح مختلفة وذلك للدفاع على مصالحها في المنطقة والمتمثلة في حرية حركة الملاحة والوصول إلى الطاقة والسيطرة على الأسواق الجديدة وأمن مواطنيها وحماية حلفائها. في حين أن روسيا والصين وإيران وتركيا والاتحاد الأوروبي لا يسعون لشيء آخر، وإنما لكل واحد من هذه الدول مقدار من المصالح في المنطقة يعنيه.

خلافا للاعتقاد الشائع، حسب ما تختم المرجعية، بانه نادرا ما كانت الثورة النفطية وراء الحروب في الشرق الأوسط، على الرغم من أن السيطرة على هذه الثروة والتحكم في أسعار الطاقة لعب في كثير من الأحيان دورا مهما في سير العمليات العدائية، لإضعاف أحد طرفي النزاع. في المقابل، فإن السيطرة على المياه العذبة هي من تسبب في الكثير من الأزمات وستكون غدا هي السبب الحقيقي في الحروب، وخاصة مع تزايد الاحتباس الحراري والضغط السكاني.