IMLebanon

“صحوة” مسيحية تهزّ سطوة “الثنائي”: “اللامركزية” تهزم “المثالثة”!

 

لم يعد أحد يستطيع إتّهام أحزاب «الجبهة اللبنانية» بسعيها إلى التقسيم أو الفدرلة، فكل هذه المصطلحات ينتقدها الآخرون بينما يعملون بصمت وهدوء على تطبيقها. وقد نكون وصلنا إلى أكثر مرحلة في تاريخ لبنان حيث تُحكى الأمور بصراحة، وينتظر الجميع ساعة الصفر لإعلان موت النظام.

 

ولا أحد ينكر وجود جوّ مسيحي ممتعض من كل ما يحصل. وقد تكون مسألة إنتخاب رئيس الجمهورية أظهرت ما هو مخفيّ، فتصرّف الثنائي الشيعي في محاولته فرض رئيس لا يحظى برضى مسيحي جعل كل قوّة مسيحية تفكّر جديّاً في قلب الطاولة وعدم الرضوخ لقوة الأمر الواقع.

 

قد يكون مفهوماً إمتعاض أحزاب «القوات اللبنانية» والكتائب اللبنانية و»الوطنيين الأحرار» ومستقلّين من تصرفات «حزب الله»، لكن وصول الأمر إلى حدّ تمرّد «التيار الوطني الحرّ» على «الحزب» واتهامه مباشرةً بكسر إرادة المسيحيين بدعمه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فهذا يعني أنّ الأمور وصلت إلى نقطة اللاعودة.

 

وكان «التيار» طرح اللامركزية المالية وتحدّث رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل عن الطلاق، في حين ثمة جوّ مسيحي يُفكّر جدياً في طريقة حكم جديدة ونظام جديد لا يطغى فيه فريق على آخر. لم يمرّ مرور الكرام كلام رئيس حزب «القوات اللبنانية» منذ أشهر مع الزميل جورج صليبي عن التفكير في صيغة جديدة إذا استطاع «حزب الله» فرض مرشحه بالقوة، فما أدلى به جعجع جديد من نوعه بعد خروجـه مـن المعتقـل، والجميـع يعـلم أنـه لـولا غطــــاء «القــوات اللبنانية» عام 1989 لمـــا كان هنـــاك نظام الطائف.

 

في الفترة الممتدّة من العام 2000 إلى العام 2005، كان النظام السوري ومعه السلطة اللبنانية التابعة له، يشهران سيف العددية عندما كان البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير وأعضاء «لقاء قرنة شهوان» يطالبون بانسحاب جيش الإحتلال السوري من لبنان، في تلك المرحلة كان هناك خوف مسيحي جدّي على النظام وسط موجات الاضطهاد وسجن الدكتور سمير جعجع ونفي العماد ميشال عون.

 

ويبدو الوضع اليوم مغايراً تماماً لما كان عليه في تلك المرحلة، فـ»المثالثة» التي يلوّحون بها وتلقى تجاوباً فرنسياً وأوروبياً لم تعد تُخيف المسيحيين، خصوصاً مع ظهور معالم تفاهم مسيحي على الأساسيات وليس اليوميات السياسية، وأيضاً وضع خطط تحرّك ومواجهة وصمود للمرحلة المقبلة. وتعمل الأحزاب المسيحية، وعلى رأسها «القوات اللبنانية»، جدّياً ويومياً، للتخطيط للمستقبل إذا نسفت صيغة إتفاق الطائف وضربت المناصفة الإسلامية – المسيحية، ويبدو واضحاً غياب القلق في معراب على وضع المسيحيين أو دورهم. ويظهر تحضّر «القوات اللبنانية» جيداً لتحدّيات المرحلة المقبلة وتأمين مقومات الصمود لجمهورها وللبيئة المسيحية عموماً.

 

لا تُبدي معراب أي خوف مادي أو سياسي أو حتى عسكري على الوضعية المسيحية، وكل ما يُلوّح به من تهديدات حول إختراق «حزب الله» أو غيره من القوى للساحة المسيحية، ولا يتوقّف الأمر على «القوات» وحدها، بل هناك موجة مسيحية لا يمكن إخفاؤها، تطالب بنظام جديد يمنح كل ذي حقّ حقه.

 

من بكركي إلى معراب والصيفي وميرنا الشالوحي، هناك حديث مسيحي جدّي عن اللامركزية الموسّعة وليس الإدارية فقط، وعن صيغة حكم جديدة، فسلاح «المثالثة» لم يعد يُخيف المسيحيين، وربما باغت جعجع «حزب الله» وبقية القوى بحديثه عن نظام جديد، ما استدعى ردّة فعل من الرئيس نبيه برّي باعلان التمسك بـالطائف وتخوّفه من أي حديث عن فدرلة أو لامركزية، وبالتالي قد تكشف المرحلة المقبلة عن خطّة تحرّك جديدة لطرح تعديلات جديّة تطال طريقة عمل النظام، فما كان يُهدَّد المسيحي به صار هو من يُهدِّد به، وسط رغبة مسيحية في العيش بسلام والحفاظ على الوجود، ليس فقط في ضواحي بيروت الشرقية ومحيطها، بل في كل بلدة لبنانية، وهذا الأمر لا يُراوغ فيه المكوّن المسيحي.