نمطية جلسات الانتخاب الرئاسية، تكرّرت مع الجلسة الحادية والأربعين أمس الخميس. التغيير الوحيد الحاصل، تمثل بانخفاض عدد النواب الحاضرين من أربعين نائباً في الجلسة السابقة وما قبلها الى واحد وثلاثين أمس.
وواضح انه بدل ان يؤدي الفراغ الرئاسي الى تكوين قناعات لدى المقاطعين بضرورة الحضور، ما حصل أمس، يؤشر على العكس، ما يعني وكأن الطبقة السياسية المتحكمة بهذا المرفق الدستوري، مرتاحة على وضعها بغياب رئيس الجمهورية. فغياب الرئيس أطلق يدها في مغارة الحكومة التي فقدت ثقة رئيسها قبل غيره، حيث بات البلد لا سائل ولا مسؤول، لا مراقب ولا محاسب، ونامت نواطير الدولة عن ثعالبها وضاع الاحساس بالمسؤولية، وتحولت ادارات المحاسبة والضبط والربط الى مجرد أطياف عديمة الجدوى ضامرة الوجود، وهذا ما سمح لبعض المؤسسات بالتجرؤ على الكيل بمكيالين، وتقديم سعرين متفاوتين لمناقصات متشابهة، وعلى عينك يا تاجر…
ان ثمانية أشهر من اغراق اللبنانيين بالنفايات، لم تشفع لهؤلاء الناس، لدى المتحكمين بهذا القطاع.
والصرخة الأكبر التي ننتظر، ستنطلق من ملف النفط والغاز، المتقدم سريعاً نحو غرفة المقاصة السياسية. فهناك بين الوزراء من يستعجل اجراءات استثمار الغاز والنفط على الشاطئ اللبناني، بداعي تفريج الاقتصاد وتسديد الديون، وهناك من ينادي بابقاء ثروة الأجيال تحت مياه الشاطئ اللبناني، كي لا تتبخّر حال استخراجها، قبل تأمين وعاء السلطة الحافظ…
ووعاء السلطة، يعني هيكلية الدولة، التي تحولت، بعد سنتين من غياب الرئيس، الى سلّة من قصب…
وبعد صرخة الرئيس سلام من وجع الفساد المتغلغل في شرايين الدولة وأوردتها، ومن جرأة الفاسدين المتحكمين بمسارات الأمور، يبدو خارج كل منطق سليم، السماح باحراق هذا الحقل الواعد.
المصادر الوزارية القلقة على مصير ثروة لبنان النفطية، تملك معلومات حول اصرار بعض الجهات المحلية على ادخال الغاز والنفط، ضمن بازار اللامركزية الادارية، كما حصل في موضوع النفايات، وبما يسمح لكل منطقة لبنانية حرية استثمار ثروتها الغازية والنفطية أينما وجدت في البرّ أو البحر على غرار الحاصل في بعض البلدان العربية وفي طليعتها العراق، مع العلم ان النفط العراقي، في حقول الشمال خصوصا يتحرك تحت مظلة الدولة العراقية.
والتقدير تمرير المراسيم النفطية في جلسة مجلس الوزراء اليوم، غير وارد، لكن نقاشا سيدور حول هذا الموضوع إلاّ اذا قرر الرئيس سلام ابقاءه خارج النقاش، باعتبار ان ثمة ما هو أولى منه بالعناية، والمقصود رئاسة الجمهورية التي تصدرت خطابات الافطارات الرمضانية اليومية، الى الحد الذي جعل الرئيس سعد الحريري يقول في افطار اقليم الخروب: لا أحد يتحدث عن موضوع رئاسة الجمهورية غيرنا…
وهذا من طبيعة الأشياء، فالذين يقاطعون جلسات انتخاب الرئيس يتحدثون عن الرئاسة على طريقتهم…
والسؤال: ألم يحن بعد وقت رفع الستارة عن الواقع؟