IMLebanon

ما يقرّره “الشعب السوري”؟

قبل عشر ساعات من بداية مؤتمر فيينا تحدثت تقارير ميدانية عن سيطرة مفاجئة لتنظيم “داعش” على الطريق الممتد من بلدة خناصر الواقعة في ريف حلب الجنوبي الى بلدة إثريا في ريف حماه الشرقي، وهو ما قطع طريق الإمداد الوحيد الى مواقع النظام في حلب ومحيطها.

المثير هنا بالنسبة الى قياديين في المعارضة، كان غياب الدعم الجوي الروسي وتراجع قوات النظام بما مكن الإرهابيين من تحقيق هذا التقدم، ولكن سرعان ما برزت شكوك في ان الروس تعمّدوا تسهيل الأمر هناك على “داعش”، بدليل ان سيرغي لافروف سارع فور بداية الاجتماع الى مخاطبة زميليه التركي والسعودي بالقول “هذا هو بديل الأسد الوحيد، وهو يشكّل خطراً كبيراً، يجب ان نضع أيدينا في يد نظام الأسد لقتال داعش”!

لكن الرد غير المنتظر جاء على لسان جون كيري ليقطع الطريق على محاولة لافروف تحقيق كسب سياسي، فقال له “هل كثير اذا لاحظنا ان التدخل العسكري الروسي لم ينتج منه حتى الآن إلا المزيد من التقدم على الأرض لتنظيم “داعش”؟”.

ليس في كلام كيري أي مبالغة فبعد شهر من بداية التدخل العسكري الروسي، يبدو واضحاً ان العمليات تركّز على إعادة ترميم مواقع الأسد في منطقة الساحل التي بدت مهددة في الأشهر الماضية، لكن هذا لا يمنع الروس والإيرانيين من الإصرار الدائم على تعطيل الحل وعرقلة عملية الانتقال السياسي عبر التمسك بعقدة الأسد.

ففي حين خرج لافروف من فيينا مكرراً نظرية أن الشعب السوري هو الذي يقرر مستقبل الأسد، من غير ان يتذكّر أن معظم أبناء هذا الشعب باتوا مشردين في العالم، قال المرشد علي خامنئي [رغم مشاركة ايران في اجتماع فيينا] إن من الحماقة ان تجتمع دول عدة وتقرر مصير نظام ورئيسه، وان الحل في سوريا يأتي بعد انتهاء الحرب وإجراء انتخابات!

الحديث عن الشعب السوري يدعو الى البكاء قياساً بالأهوال التي جعلت نصفه في القبور أو في اللجوء، ويدعو الى الضحك قياساً بالموقفين الروسي والايراني اللذين يتمسكان ببقاء الأسد حتى آخر سوري على طريقة “الأسد أو نحرق البلد”، والمثير ان بيان البنود التسعة الذي صدر عن اجتماع فيينا لا يقل تعمية ووهماً عندما يتحدث عن حقوق الشعب السوري ودوره في تقرير مستقبله!

من البند الأول الى التاسع كلام إنشائي جميل عن وحدة سوريا وسلامة اراضيها وهويتها العلمانية وعن بقاء مؤسسات الدولة، وحقوق السوريين، ووقف الحرب، وإيصال المساعدات الى النازحين في الداخل والخارج، لكن السؤال كيف سيتمكن هؤلاء النازحون وهم بالملايين من تقرير مستقبل سوريا والأسد، وفي المناسبة القصف الروسي أضاف عشرات الآلاف منهم الى النزوح نحو تركيا؟