كشف دبلوماسي لبناني مطلع على كواليس الاتجاهات السياسية لعواصم القرار عن معلومات حساسة ودقيقة لـ»الجمهورية»، تتعلق بحراك الشارع الذي دخل يومه السادس على التوالي.
لا يعكس الموقف الاميركي الذي اعلنه مسؤول في الخارجية الاميركية في الأسبوع الفائت عن عمق العلاقة الاميركية بالحراك الشعبي المستمر، رغم انه كان داعماً بشكل علني للتظاهر السلمي، متأملاً ان تدفع هذه التظاهرات إلى الأمام عن طريق الاصلاح الاقتصادي، مؤكّداً انّ الالتزام بالاصلاح وتطبيقه قد يفتحان الباب امام الدعم الدولي للبنان بمليارات من الدولارات.
الكلام الاميركي الرسمي يخبئ خلفه الكثير من التشجيع لهذا الحراك بل التحريض المباشر. ويقول الدبلوماسي اللبناني المطلع على حقيقة الموقف الاميركي: «انّ الحضور الاميركي في المنطقة يتجّه إلى الانكفاء، الّا انّ الادارة الأميركية مصممة على تعزيز حضورها السياسي والديبلوماسي في لبنان لدفعه نحو الاستقرار والازدهار، لكن الاميركيين يريدون أن تسبق ذلك تغييرات في السلطة عبر فك ارتباطها بحزب الله».
ويضيف: «لا تزال واشنطن تراقب تطور هذه الموجة الشعبية باهتمام كبير، ويقلقها اصرار السلطة على الارتباط بـ»حزب الله» سواء عن طريق العهد المتمثل بالرئيس ميشال عون أو رئيس الحكومة سعد الحريري».
ويلفت الديبلوماسي اللبناني، إلى انّه لا يهمّ الاميركيون ما هي عناوين الحراك ولو كانت اقتصادية معيشية، الّا انّها ستؤدي في النهاية إلى تغييرات جذرية في الوضع اللبناني. من هنا ثمة كباش خطير يستمر على الأرض بين «حزب الله» و»أمل» والعهد من جهة والحراك المتصاعد من جهة أخرى. علماً انّ الاميركيين يعرفون انّ ادخال مطالب سياسية على الحراك قد يؤدي إلى افشاله، لأنّ تكويناته متعددة ومتناقضة سياسياً. كذلك يتابع الاميركيون باهتمام كبير تموضع الجيش اللبناني الذي يلتزم الحياد وضبط أمن البلد، لكن هذا الوضع قد يضطره إلى المواجهة. وهنا يطرح الاميركيون علامات استفهام عديدة حول قدرة الجيش على المواجهة في ظل تركيبته، رغم انّهم ابلغوا المعنيين بعدم المس بالمتظاهرين، الّا انّ الامساك امنياً بالأرض في ظل هذا الحراك الضخم يشكّل تحدّيات كبيرة وخصوصاً مع وجود عشرات الأجهزة المخابراتية الدولية في لبنان».
وعن الموقف الفرنسي يقول الديبلوماسي اللبناني، «انّ الفرنسيين لم يقطعوا اتصالاتهم بالرئيس الحريري، وقد ابدوا قلقهم من الوقوع في الفراغ، لكن لا يمانعون التغيير الوزاري اذا حصل، شرط ان يطال وزراء باتوا رموزاً للأزمة بوجودهم في الحكومة، فيُستبدلون بوزراء معروفين بالنزاهة والشفافية».
كذلك، يشير الديبلوماسي اللبناني، أنّ البريطانيين دخلوا على الخط، واظهروا حرصهم على المتظاهرين. ويوضح، «انّ عواصم القرار تشجع بعض القياديين في الحراك على تشكيل لجنة تتفاوض مع السلطة على الطريقة السودانيّة، لكن لا يُخفى على أحد انّ الاتفاق بين قياديي الحراك الميدانيين ليس سهلاً، إذ يبدو الحراك متعدد الولاءات للأحزاب والمجتمع المدني».
ويختم الديبلوماسي اللبناني، «قد تكون اهداف الحراك الشعبي اقتصادية معيشية، الّا انّ عواصم القرار، ولا سيما واشنطن، تريد تغييرات جذرية في السلطة لأنّها غير مستعدة بعد اليوم لدعم لبنان مالياً وعسكرياً طالما انّ الدولة اللبنانية منخرطة في المحور الايراني والسوري، وتريد من السلطة قطع الارتباط بحزب الله. من هنا، لا تبدو الصورة واضحة بعد، وقد تكون الفوضى عنواناً اساسياً في المرحلة المقبلة».