بعد أن كانت مُعادلة «إمّا إنتخاب رئيس للجمهوريّة أو الشلل» هي السائدة في الماضي القريب بالنسبة إلى أعمال مجلس النواب، جاءت الجلسة التشريعيّة، وما سبقها ورافقها من مفاوضات وتسويات، لتفرض مُعادلة جديدة مفادها «إمّا قانون الإنتخاب أو الشلل» على مستوى السلطة التشريعيّة. وعلى الرغم ممّا نُقل عن رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من أنّه في حلّ من أيّ إتفاق بين «تيّار المُستقبل» و«الأحزاب المسيحيّة»، فالأكيد أنّه لا يُمكن فتح أبواب مجلس النوّاب بعد إنتهاء الجلسة التشريعيّة الحالية، إلا للبحث في قانون الإنتخابات النيابيّة المُقبلة، في حال صدقت وعود «تيّار المُستقبل»، خاصة أنّ «الأحزاب المسيحيّة» مُتمسّكة بموقف مُتشدّد إزاء هذا الموضوع.
وكشفت مصادر سياسيّة مطلعة أنّ لدى كل من «العَونيّين» و«القوّاتيّين» معطيات عن وُجود نيّة واضحة لدى أكثر من طرف سياسي داخلي، من قوى «8 و14 آذار» على السواء، لتمييع موضوع قانون الإنتخابات، وُصولاً إلى حزيران من العام 2017. وأضافت المصادر أنّه عندها سيكون الجميع أمام الحلقة المُفرغة نفسها، أيّ إمّا إجراء الإنتخابات وفق القانون الحالي، بحجّة ضيق الوقت، وإمّا التمديد للمجلس النيابي من جديد وللمرّة الثالثة على التوالي، باعتبار أنّ «تيّار المُستقبل» يخشى تراجع حجمه التمثيلي، والكثير من النوّاب المُستقلّين يخشون على مقاعدهم، وكل من «حزب الله» و«حركة أمل» لن يكون قادراً على رفع حجم كتلته أكثر ممّا هي عليه حالياً بسبب السقف الذي يُحدّده الدستور اللبناني لعدد النوّاب الشيعة، كما لغيرهم. وشدّدت المصادر على أنّ هذه الحقائق تعني عدم إستعجال أيّ طرف غير الأحزاب المسيحيّة لإجراء إنتخابات جديدة، مُشيرة إلى أنّ «الجنرال» ليس بوارد القُبول هذه المرّة بهذا «السيناريو» بأيّ شكل من الأشكال، لأنّه يعني إستمرار حجمه السياسي على ما هو عليه، وبقاء الأمور في لبنان من دون تغيير، والقضاء على طموحه الرئاسي أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى «الحكيم» الذي يرفض أن تبقى كتلة «القوات» النيابيّة بهذا الحجم الصغير، إضافة إلى كونها محطّ تشكيك وإنتقاد بأنّها ما كانت لتكون على ما عليه لولا أصوات الناخبين السُنّة!
وتابعت المصادر السياسيّة المُطلعة نفسها بالإشارة إلى أنّه بناء على ما سبق، لن تتوقّف الحركة «الحزبيّة المسيحيّة» المُستجدّة عند حدود الجلسة التشريعيّة والمخرج الذي إعتمد لعقدها، لجهة الوعد بإدراج قانون الإنتخابات النيابيّة في أوّل جلسة تالية، بل ستتجاوزها للأسابيع والأشهر المقبلة، حيث إتخذ قرار مُشترك برفع مستوى الضغوط على «الحلفاء» و«الخُصوم» على السواء، لتحريك مسألة الإنتخابات النيابيّة جدّياً لإقرار قانون جديد بأسرع وقت ممكن، خاصة أنّ كلاً من «التيّار» و«القوات» وحتى «الكتائب» متشوّقون لإثبات حجمهم في صفوف المسيحيّين عبر قانون إنتخابي جديد. ولا شكّ أنّ الطريق أمام ذلك ليس مُعبّداً بالورود، بسبب تمسّك أطراف عدّة بأولويّة إنتخابات الرئاسة، وبسبب الإنقسام الكبير بشأن قانون الإنتخابات الأمثل، وكذلك بسبب سعي أطراف أخرى ليكون الحلّ اللبناني على مختلف المستويات دفعة واحدة.