IMLebanon

القرار عند الرئيس سعد

صحيح أنه يوجد في «تيار المستقبل» آراء مختلفة.

وصحيح أيضاً أنّ الرئيس فؤاد السنيورة له رأي خاص به، ورأيه محترم جداً عند الجميع في التيار، خصوصاً عند الرئيس سعد الحريري.

وصحيح أيضاً أنّ الوزير الصديق الزميل نهاد المشنوق لديه رأي خاص به، وهذا ليس بجديد، بل إن رأي الوزير كان سديداً منذ أيام الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري وذلك بشهادة الجميع خصوصاً الشهيد الذي كان رأي الوزير نهاد مرجحاً عنده.

نعود لنقول إنّ الرئيس فؤاد السنيورة والوزير نهاد المشنوق كانا من أقرب الناس في كل المجالات للرئيس الشهيد، وهكذا هي حالهما بالنسبة للرئيس سعد الحريري.

لا نبالغ عندما نقول إنّ اقتناع الرئيس سعد الحريري بأهمية الرئيس فؤاد السنيورة جاء منذ زمن بعيد، وازداد الرئيس سعد اقتناعاً بأهمية الرئيس السنيورة من خلال حادثتين مرّتا في تاريخ الرئيس السنيورة: الحادثة الأولى كانت بعد اغتيال شهيد لبنان الرئيس الحريري وبعدما أصبح الرئيس السنيورة رئيساً للحكومة، وعندما احتل «حزب الله» ساحة رياض الصلح واعتصم جماعته وحلفاؤه فيها… وقرروا في حينه احتلال السراي الحكومي… وبالرغم من تهديد الرئيس السنيورة بالقتل لدفعه الى الهروب من السراي قال يومها للضباط الذين حاولوا إقناعه بترك السراي: أفضّل أن أموت هنا داخل مكتبي… وإذا كان مكتوباً لي أن أموت هنا فإنني أتقبّل قدري.

طبعاً، وهنا نتذكر المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية وجهود سفيره في لبنان الوزير عبدالعزيز خوجة، وقد كان لتدخل خادم الحرمين الشريفين دور في منع «حزب الله» من احتلال السراي.

والحادثة الثانية تعود الى حرب تموز 2006 وكيف استطاع الرئيس السنيورة بإيمانه وعزيمته وتصميمه على مقاومة إسرائيل في المحافل الدولية إجبارها على وقف عدوانها على لبنان وتهديم البنية التحتية حيث كلفت تلك الحرب المدمرة لبنان 5000 قتيل وجريح من الشعب والجيش والمقاومة اللبنانية.

أما بالنسبة للوزير الصديق نهاد المشنوق فقد أثبت قدرته وكفاءته في وزارة الداخلية وأعاد لهذه الوزارة المهمة عهدها وتاريخها وذكرنا بالمرحوم الزعيم كمال جنبلاط والمرحوم الرئيس سليمان فرنحية والمرحوم العميد العنيد ريمون إدّة، وهنا لا بد من الإشارة الى أنه في أوّل عمل قام به في هذه الوزارة أنه بنى علاقة متينة مع الجيش اللبناني مدركاً أهمية التعاون مع الجيش وقائده في مجابهة الأعمال الارهابية، وحقق في هذا المضمار إنجازاً أمنياً كبيراً يسجل له في التاريخ، ولسنا هنا بحاجة الى إلقاء المزيد من الضوء على إنجازاته الكثيرة التي تتحدث عن ذاتها وباعتراف قيادات إقليمية ودولية.

أما الذين يحاولون أن يقولوا في الإعلام إنّ هناك خلافاً في «تيار المستقبل» بين الرئيس السنيورة والوزير نهاد المشنوق فنقول لهم إنّ الخلاف في وجهات النظر حق لكل مسؤول في التيار، خصوصاً أن «المستقبل» يتمتع بالديموقراطية، وكل مسؤول عنده مطلق الحرية أن يأخذ القرار الذي يقتنع به، ولكن القرار في «المستقبل» هو للرئيس سعد الحريري.

ويمكننا في العودة الى التاريخ القريب يوم تأليف الحكومة الحالية، كان هناك بعض المسؤولين الكبار ضد مشاركة «المستقبل» في الحكومة وكانوا يرفضون أن يتشاركوا مع «حزب الله» في حكومة واحدة خصوصاً أنّ التجربة بالتعامل مع «حزب الله» غير مشجعة لأن التقية تتغلب على العلاقة مع الحزب فهو، أي الحزب، يقول شيئًا ويتصرّف بطريقة معاكسة.

أما الحدث الثاني وهو عندما حل الاستحقاق الرئاسي فإنّ الرئيس سعد الحريري رشح قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، ولكن «الممانعة» وجماعة 8 آذار قاطعوا الجلسات وعطلوا الاستحقاق، ولكي لا تبقى البلاد من دون رئيس ذهب الرئيس سعد الحريري لتأييد الجنرال عون بالرغم من المشاكل الموجودة معه، ولكن من أجل مصلحة لبنان ومن أجل أن لا يبقى هذا الموقع الأساسي شاغراً أيّد الرئيس الحريري الجنرال عون، وبعد مضي حوالى سنة وجماعة 8 آذار يعطلون الاستحقاق ولم يستطع عون أن يقنع الدكتور جعجع، ذهب الرئيس الحريري الى تأييد الوزير سليمان فرنجية لعلّ وعسى ألاّ يبقى الكرسي الرئاسي فارغاً، ولكن منظومة الممانعة والمقاومة تمانع وتتلطّى وراء عون.

والحقيقة أنّ إيران هي من يعطل هذا الاستحقاق لأنها تريد أن تستعمل هذه الورقة للمساومة في الاتفاق مع أميركا.

نعود ونقول إنّ الرئيس الحريري عندما يرى أين مصلحة لبنان في هذا الاستحقاق فإنه لن يتردد في أن يأخذ القرار التاريخي الذي يأخذه دائماً لا سيما في الحالات الصعبة.