ايقظت جلسة مجلس الوزراء التي اسقطت مبدئيا خيار الفراغ الامني والعسكري، المخاوف من مرحلة ساخنة سيدخلها الواقع السياسي اللبناني، مع ترقب ردة فعل «التيار الوطني الحر» على قرارات التمديد ، التي كان جزم وزير الدفاع خلال جلسة الحكومة انه سيلجأ اليها «مكرها لا بطل» على قاعدة «ابغض الحلال الطلاق» مع الرابية في حال اصرت على مواقفها بعدما حشرت الجميع في زاوية الوقت على حدّ قول مصادر متابعة، رغم مرور قرارات تأجيل التسريح ، حتى الساعة، بهدوء لا مثيل له، بعدما فقدت عنصر المفاجأة، مستوعبة ردات الفعل التي هددت وتوعدت، وسط التساؤلات التي تركتها مدة تأجيل التسريح التي يبدو انها ابقت الباب مفتوحا نصف فتحة امام الحلول بشكل يتجنب استفزاز اي فريق سياسي، اضافة الى ما تردد عن مشروع تسوية شاملة لم تظهر اي من معطياتها الى العلن، باستثناء حديث وزيري التيار الوطني الحر عنها.
نتيجة قرأت فيها اوساط سياسية وسطية «نصف هزيمة عونية» ستتجرعها الرابية على مضض عاجلا ام آجلا ، وسط مسعى جديد لاحتواء جزء من غضبها بتمرير بعض الملفات التي يطالب بها التيار الوطني الحر، بعدما اوصل المعنيون في الداخل والخارج الرسالة الى «الجنرال»، مفادها ان حظوظه الرئاسية لم تتراجع، بل إنها انعدمت، وعليه التأمل ملياً بموقف الحلفاء ناهيك عن الخصوم، إذ إن ساعة الحقيقة قد دقت، خاصة ان الرهان على تطورات اقليمية قد تزكيه في غير محله، لان اي تقارب أميركي ـ إيراني في السياسة لن يؤدي في لبنان الى رئيس طرف، بل هو سيوصل الى رئيس توافقي ينتج عن تسوية دولية إقليمية على هذا الصعيد.
اشارات يبدو بحسب الاوساط ان عون قد ادركها جيدا، كما ادرك ان الحفاظ على دور او حصة في المرحلة المقبلة ،يفترض الانتظام في «الصف»وعدم العمل على «الخربطة» ومحاولات قلب الطاولة، معتبرة ان رئيس تكتل الاصلاح والتغيير اخطأ كثيرا في اثارة «شرعية البرلمان وقانونيته» ، ما عزز «وحدة» الجبهة المقابلة له واحرجت حزب الله بين الحليف وحليف الحليف.
مصادر الوطني الحر، اسفت، من جهتها، لاسلوب وزير الدفاع في التملّص من البت بملف التعيينات للايحاء بعد ذلك بأنه اُجبر على اعتماد خيار التمديد أو تأجيل التسريح، «وهي سابقة دستورية سمحنا بحصولها مرّة ولن نسمح بتكرارها لأنها تمثّل تهديداً غير مسبوق لمؤسسات الدولة العسكرية، بعد أن افقدوا المؤسسات السياسية كلّها هيبتها الدستورية»، مؤكدة أن «التكتّل يتحضّر للرد على التمديد للقادة الأمنيين وعلى تمادي الحكومة بخرق الدستور والقوانين بأساليب ملتوية لا تمتّ للمسؤولية الوطنية بصلة»،كاشفة أن هدف المعركة ليس فرط عقد الحكومة ، بل تصويب مسار اصول الممارسة الدستورية، كاشفة ان الرد يشمل «خيارات عدّة يتم اعتماد احدها في حينه وحسب ما تفرضه الظروف»، لافتة الى أن نزول جمهور التيار الى الشارع من قبل لم يكن أكثر من اختبار لردّة الفعل لا للفعل، وأن من يظنّ بأن شعبية التيار تراجعت قد يتفاجأ «في حال قرّرنا النزول الى الشارع من جديد».
غير ان ما حصل بالامس بين سلسلة استنتاجات باتت في حكم الامر الواقع بحسب المصادر المتابعة، لعل ابرزها:
– «ادارة» الرئيس ميشال سليمان الجيدة للمعركة، والتي بينت انه ما زال رقما صعبا في المعادلة الوزارية، من خلال امساكه ببعض الملفات، حيث يظهر جليا من اسماء الضباط الذين طرحوا لشغل المناصب ، وجود «قطب مخفية» يستحيل على وزير الدفاع اللعب عليها ، اذ ما حصل يدل بوضوح الى ان الاختيارات جاءت من اشخاص يعرفون بدقة التوازنات داخل المؤسسة.
– الاتصالات البعيدة عن الاضواء التي جرت على خط بيت الوسط – حارة حريك ، والاتفاقات الضمنية على ضرورة السير «بتشريع الضرورة ، ما يفرض حسم ملف التعيينات الامنية قبلا ، واسقاط مبادرة ورفع سن التقاعد للعسكريين ، وهو ما حصل عمليا، علما ان جلسة الحوار، التي سبقت صدور القرارات، بين الطرفين بحثت في المخارج المحتملة لاستحقاق التعيينات الأمنية ومدى إمكانية التوافق عليها، بحسب احد المشاركين.
– تبلغ الرئيس سلام ، عبر مرجع نيابي رفيع، ان قوى الثامن من آذار تعتبر انه في حال صدور قرار بتمديد انتقائي وجزئي، فإن الساحة الداخلية ستكون أمام مأزق حقيقي، يتحمل مسؤوليته من رفض الحوار مع الجنرال.