بدت الصورة بعد كلام رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان أشبه بورقة نعي للمبادرة الفرنسية، سوداوية أكثر من أي وقت مضى مع انسداد مخارج الحل أمام تشكيل الحكومة التي دخلت أسبوعها الثالث دون أن تلوح أي مؤشرات بإمكانية إحداث خرق ولو بسيط في الجدار المسدود، جراء رفض «الثنائي الشيعي» التنازل عن حقيبة المالية لمصلحة المداورة بين الوزارات. وهذا الأمر فاقم التعقيدات أمام الرئيس المكلف مصطفى أديب الذي بات في وضع بالغ الدقة، قد يضطره في أي وقت لتقديم اعتذاره إذا ما استمرت العقبات القائمة.
ويظهر بوضوح من كلام عون الذي حاول تحميل مسؤولية تعثر التأليف إلى الرئيس المكلف ومن خلفه رؤساء الحكومات السابقين، والثنائي الشيعي، أن الأمور وصلت منعطفاً حاسماً لا يمكن التكهن بنتائجه إذا ما فشل الرئيس أديب في إنجاز مهمته، وبالتالي فإن الخيارات باتت تضيق أمام انحسار فرص التسوية، بعد ترنح المبادرة الفرنسية التي تحاول باريس إنعاشها بمزيد من الأوكسجين، من خلال العمل على إطالة أمدها وقتاً أكثر ، على أمل المساهمة في إقناع المعرقلين بإزالة اعتراضاتهم، ما يسمح بتأليف الحكومة في وقت قريب، تفادياً للأسوأ.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن «الثنائي الشيعي» أدار ظهره لكل الوساطات والنداءات الداخلية والخارجية، متسلحاً بموقف إيراني داعم بأن لا حكومة في لبنان إذا لم يحصل على وزارة المالية، وهذا الموقف أبلغ إلى جميع المعنيين بعملية التأليف، وعلى رأسهم الجانب الفرنسي بعد صدور العقوبات الأميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فينيانوس. وطالما أن الرئيس المكلف يصر على تطبيق المداورة في الحقائب، فإنه سيكون أمراً بالغ الصعوبة بإمكانية تشكيل حكومة اختصاصيين، إضافة إلى أن لـ«الثنائي» شروطاً أخرى غير حقيبة المالية، ومنها أن يكون له الحق الحصري في تسمية وزراء الطائفة، الأمر الذي سيفقد الحكومة صفتها الاختصاصية كما يريد الرئيس المكلف.
وأشارت المعلومات، إلى أن «الثنائي» لا يبدو أنه في وارد الاستجابة لمبادرة الرئيس عون التي طرحها في مؤتمره الصحافي، أمس. فهو الذي رفض مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون، وما زال متمسكاً بموقفه، ولن يقبل بتقديم أي تنازل لمصلحة تأليف الحكومة، إلا إذا حصل على إقرار واضح بحصوله على «المالية»، وهو أمر مستبعد ولا يبدو قابلاً للتنفيذ، لأن الرئيس المكلف متشبث بموقفه، وليس مستعداً للسير بحكومة تفرض عليه خلافاً لتوجه في تأليف الحكومة التي يريد. ولهذا ثمة ساعات حاسمة تنتظر البلد على الصعيد الحكومي، وإن كانت كل المعطيات لا تشير إلى أن الأمور سائرة نحو الحل، لا بل أنها أصبحت على درجة كبيرة من التعقيد المفتوح على كل الاحتمالات.