Site icon IMLebanon

«إعلان النوايا».. صدمة إيجابية للبلد والمسيحيين

إجماع سياسي على أهميته وإنهائه الجفاء والتباعد بين «القوات» و«الوطني الحر»

«إعلان النوايا».. صدمة إيجابية للبلد والمسيحيين

في اليوم الثاني على إطلاق «إعلان النوايا« بين التيار «الوطني الحر« و«القوات اللبنانية«، والذي تم من الرابية بحضور رئيس «القوات« سمير جعجع ورئيس «التكتل« النائب ميشال عون، أطلق ناشطون في «القوات« حملة إعلانية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبوا على أسفل صورة عون وجعجع بنوداً من «إعلان النوايا«، ومزينة بعبارة «كرمال يلي راحوا… الحوار أفضل حل». لا شك أن العبارة تعني أنه بعد أكثر من ثلاثين عاماً على الخصام السياسي يريد الطرفان أن يشكل اللقاء صدمةً إيجابية للمسيحيين، وإن كان الجميع يقر أن وثيقة «إعلان النوايا» التي تطلبت أكثر من خمسة أشهر من المفاوضات بين رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم رياشي، وأمين سر «التغيير والإصلاح« النائب إبراهيم كنعان، هي طريق البداية نحو مسار طويل من النقاشات بين الطرفين اللذين يفصل بينهما اختلاف النظرة إلى أكثر من استحقاق أساسي في البلد وفي مقدمتها انتخابات رئاسة الجمهورية.

ما يمكن تسجيله على هامش «إعلان النوايا» أنها كانت موضع ترحيب ليس من جمهور الطرفين فقط، بل من كل القوى السياسية، وإن كانت هذه القوى لا تخفي ملاحظاتها سواء في الشكل أو المضمون، علماً أن الطرفين المعنيين يبديان الحذر مما يمكن أن ينتجه هذا الإعلان في المرحلة المقبلة، وفي هذا الإطار يقول عضو تكتل «التغيير والإصلاح« النائب آلان عون لـ«المستقبل»: «لا ننكر أن الإعلان» فتح دينامية جديدة في العلاقة بين المسيحيين عموماً وبين التيار والقوات خصوصاً، لكن يجب ترقب كيفية استثمار هذا الانفتاح في المرحلة المقبلة عند كل ما يواجه اللبنانيين والمسيحيين من مواقف واستحقاقات، من خلال فتح باب التعاون والتنسيق والالتقاء الذي من المفروض أن يتم عبر وثيقة النوايا». 

من جهته يعتبر عضو كتلة «القوات» النائب أنطوان زهرا أن «أهمية إعلان النوايا أنه أنهى مرحلة من الجفاء والتباعد والتنافس البعيد عن الإيجابية بين الطرفين وهذه المرحلة لا عودة إليها بعد الآن، وبالتالي فهي خلقت وثيقة مرشدة ومرجعية لمناقشة أي موضوع بين الطرفين في المرحلة المقبلة».

هذا الترحيب الحذر من الأطراف المعنيين لا يعني عدم الترحيب بها من قبل باقي الأطياف السياسية في لبنان، فهم من جهة يبدون تأييدهم لهذه الخطوة التي توفر على البلد والمسيحيين الكثير من الاحتقان السياسي، لكن ذلك لا يمنعهم من تسجيل ملاحظاتهم عليها، إذ يلفت عضو كتلة «المستقبل« النائب عمار حوري إلى أن «عناوين الوثيقة تحظى بتأييد كامل من قبل تيار المستقبل، لكن المشكلة هي مع التيار الوطني الحر الذي لم يطبق بنودها، فبعد أقل من 24 ساعة من إعلانها قلب وزراء التيار الطاولة في مجلس الوزراء محاولين هدم دعائم الدولة».

ويعتبر عضو الكتلة النائب هادي حبيش أن «التقارب بين الطرفين أمر جيد لكن علينا الانتظار قليلاً حتى نتمكن من الحكم على نجاحها خصوصاً أن الخيارات السياسية للطرفين متباعدة، إذ إن الإعلان لم يتمكن من إنجاز فكرة مشتركة بينهما حول رئاسة الجمهورية، بالرغم من أهمية هذا الاستحقاق للبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً«. 

ويوافقه الرأي عضو كتلة «الكتائب« النائب فادي الهبر الذي يلفت إلى أنه «من حيث الشكل فإن الصورة الجامعة بين الجنرال والحكيم أمر جيد، لكن على المستوى العملاني أي انتخاب رئيس ودعم المؤسسات الدستورية فلم تحصل مقاربة واضحة، بل إن هذه الأمور تخضع بالنسبة للتيار لمصالح شخصية». 

من جهته يعتبر عضو كتلة «التحرير والتنمية« النائب قاسم هاشم أن «أي تقارب بين مكونين سياسيين في البلد أمر مفيد وعسى أن يكون فاتحة خير لإفساح المجال أمام تقارب أوسع بين التيار والقوات، بما تقتضيه الحاجة الوطنية في هذا الظرف الذي يحتاج فيه لبنان إلى حوار شامل في كل القضايا الخلافية». 

بدوره يشدد أمين السر العام في الحزب «التقدمي الاشتراكي« ظافر ناصر على أن «التواصل بين القوات والتيار أمر مفيد كبديل عن التوتر والقطيعة وهذا ما ينعكس إيجابياً إعلاميا وعلى مستوى جمهور الحزبين مما يساعد الاستقرار العام في البلد في ظل الظروف المحيطة بنا». 

ما يمكن استنتاجه مما سبق أن «إعلان النوايا» سيمر في الفترة المقبلة بمرحلة اختبار بين «التيار« و«القوات«، ومرحلة ترقب من باقي الأطراف السياسية اللبنانية، وفي هذا الإطار يعتبر عون « أن العلاقة بين التيار والقوات دخلت في مرحلة جديدة وهي محل اختبار بانتظار أن تتطور في المرحلة المقبلة إما إيجاباً أو سلباً، وفقاً للمطبات التي يمكن أن تواجهها على الطريق، لكننا لا ننكر أنها فتحت دينامية جديدة بين المسيحيين عموماً وبين التيار والقوات خصوصاً، لذلك يجب ترقب كيفية استثمار هذا الانفتاح في المرحلة المقبلة تجاه كل ما يواجه اللبنانيين والمسيحين، من مواقف وأحداث واستحقاقات وسنحاول فتح باب تعاون وتنسيق والتقاء كبير يتم عبر هذه الوثيقة».

ويضيف: «رئاسة الجمهورية كانت جزءاً من النقاش الذي حصل ولم ينتهِ بعد، وكان صريحاً، وليس بعيداً أن نتوصل إلى رؤية مشتركة حول هذا الاستحقاق، هناك حسابات داخلية وخارجية وظروف تنضج لإيصال التفاهم إلى رئاسة الجمهورية، لذلك لا يمكن القول إن الإعلان لم يتضمن اتفاقاً على الرئاسة، وإن هذا الموضوع لم يتم مقاربته أو أن إعلان النوايا لا يعني شيئاً بل إن الأمور سائرة بين المسارين، وبالتالي العبرة هي في مجموعة معطيات يمكن أن تطور إعلان النوايا في المرحلة المقبلة». 

من جهته يعتبر زهرا أن «الوثيقة أنهت مرحلة من الجفاء والتنافس البعيد عن الإيجابية، وهذه المرحلة لا عودة إليها بقرار من الطرفين مما سيؤدي إلى تطبيع الديموقراطية السياسية في لبنان، وفقاً لما تقتضيه الأصول الديموقراطية التي تعترف بالتنوع السياسي، وبالتالي فالوثيقة أكدت على مواضيع أساسية متعلقة بالسيادة ومرجعية الدولة ودورها، ودعت إلى استكمال بنود الطائف وتطبيق اللا مركزية الإدارية وقانون انتخاب يؤمن التمثيل الصحيح لكل الأطراف، وبالتالي أصبح هناك نوع من وثيقة مرشدة ومرجعية لمناقشة أي موضوع بين الطرفين في المرحلة المقبلة».

ويضيف: «لا شك أنه سيتم في المرحلة المقبلة ترجمة إنهاء القطيعة والتشنج والتزام الفريقين بتشريع الضرورة وقانون الجنسية وقانون الانتخابات، وهذا أمر مهم على أن تتبلور الأمور في المرحلة المقبلة وفقاً «لإعلان النوايا». 

ويرى حوري «أن إعلان النوايا تضمن خطوطاً عريضة لا خلاف عليها، بمعنى أنها تنطلق من اتفاق الطائف والدستور والمواثيق الوطنية ومقررات الحوار الوطني وتغليب سلطة الدولة واحترام القرارات الدولية، والدعوة إلى ضبط الحدود مع سوريا في الاتجاهين، لذلك فإن عناوين الوثيقة تحظى بتأييد كامل، لكن المشكلة مع التيار الوطني هي في تطبيق البنود، فبعد أقل من 24 ساعة على لقاء الرابية، وفي الوقت الذي لم يجف حبر الإعلان، قلب وزراء التيار الطاولة في مجلس الوزراء محاولين هدم دعائم الدولة». 

ويضيف: «لا شك أنها بداية جيدة ولكن المطلوب تنفيذها، وبرأيي حين نتحدث عن احترام الطائف هذا يعني أن على نواب التيار التوجه فوراً إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية«. 

ويشير حبيش إلى أن «التقارب بين القوات والتيار أمر جيد، لكن هناك أموراً أساسية يهم اللبنانيين أن يتوصل كل من التيار والقوات إلى حلها وأولها رئاسة الجمهورية وهذا ما لم يحصل، وبالتالي علينا منح الأمور المزيد من الوقت لتبيان مدى فعالية إعلان النوايا على الأرض، خصوصاً أن للطرفين خيارات سياسية مختلفة والأمور تحتاج إلى مزيد من الصبر والعمل على تقريب وجهات النظر». 

ويلفت الهبر الى أن «ما حصل في الرابية أمر مهم من حيث الشكل، لكن السؤال في مدى قدرة هذا المشهد على إطلاق مشاريع وطنية خصوصاً أن لكلا الطرفين التزامات على المستوى الإقليمي، فالتيار ملتزم مع حزب الله في العديد من الملفات، ولذلك أظهرت صورة الرابية أن الجنرال استغل جعجع لتشكيل مشهدية مسيحية، في حين أنه على المستوى العملاني كانتخاب رئيس ودعم مؤسسات الدولة، كانت مقاربة التيار وفقاً لمصالح شخصية».

ويضيف «الجيد في الأمر أنهم سينطلقون من الصفر ما يعني أنها محاولة جدية لإبقاء المسيحيين في أجواء إيجابية خصوصاً أن العوامل التي تؤثر في انتخاب رئيس للجمهورية ليست مسيحية فقط بل أيضاً إقليمية«. 

ويشدد هاشم على أن «أهمية إعلان النوايا بين التيار والقوات أنه يظهر التقارب بين فريقين متباعدين وهذا أمر جيد، في حين أن مضمون الإعلان يخص الفريقين وما يهم هو أن يكون هذا التقارب فاتحة خير لإفساح المجال لتقارب أوسع وأشمل، لأن المصلحة الوطنية في هذا الظرف تحتاج إلى حوار وطني شامل من أجل بحث جدي فاعل في كل القضايا الخلافية». 

ويتابع: «من حيث المضمون ربما تحتاج الأمور إلى مزيد من الوقت خصوصاً أن لكل فريق قوانين ومعايير لم تتبدل تجاه ملفات معينة سواء رئاسة الجمهورية أو الوضع السوري وتأثيره على لبنان». 

ويؤكد ناصر «أن أي تقارب بين طرفين هو استجابة لمبدأ الحوار الذي يدعو إليه الحزب التقدمي الاشتراكي بين المكونات اللبنانية، وهذا ما سيترك أثراً إيجابياً ليس فقط على مستوى الشارع المسيحي بل أيضاً على مستوى البلد، وذلك بديلاً عن التوتر والقطيعة والتشنج الإعلامي والشعبي بين القوات والتيار ويساعد على ترسيخ الاستقرار العام في البلد».