Site icon IMLebanon

مِنْ إعلان الخامنئي إلى بيان السنيورة  حوار الأزرار» بين المستقبل وحزب الله

أن يُعلن المرشد الأعلى للجمهورية في إيران السيّد علي الخامنئي أن بلاده تفاوض فقط على الملف النووي مع الولايات المتحدة، فإن هذا يعني أن الأميركيين، عبر الفريق الذي يقوده جون كيري وزير الخارجية أثاروا عبر المفاوضات، لا سيّما منها الشقّ المتعلق برفع العقوبات، وما يُثار عن دور إقليمي إمبراطوري لإيران في آسيا وأفريقيا، وصولاً الى أميركا اللاتينية الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، حيث من هناك، يتعرّض الأميركيون في الولايات الشمالية «لإزعاجات» لا تُعدّ ولا تُحصى من قبل أنظمة حكم متمرّدة، وشذاذ آفاق، يعبرون الحدود، مؤسس لنظام الهجرة غير المشروعة في بلد الأغنياء والشركات العملاقة والمال والأعمال، وتجارة الأسلحة، والتحكّم بنظام العالم عبر أنظمة إتصالات لها أول وليس لها آخر..

قدّم الأميركيون إغراءات للإيرانيين، فهم أي الإيرانيون يقاتلون النصرة وداعش، بأحسن ما يمكن أن يكون عليه القتال، ليس في العراق وحسب، بل في سوريا، وجرود القلمون، وبالتالي لم تعد إيران أقرب إلى «المحور الشر» الذي كان يضمّها في وقت من الأوقات إلى كوريا الشمالية وسوريا، ولم يعد أيضاًَ «حزب الله» اللبناني «منظمة إرهابية» إلى جانب منظمات أخرى كـ«النصرة» و«داعش» وسواهما من منظمات تملأ أرشيف الـ C.I.A، والخارجية الأميركية على حدٍّ سواء..

بدا أن الإيراني، غير متحمّس إلى «لعبة المقايضة» الكبرى، التي لم يحن وقتها بعد، بين الأميركيين والإيرانيين، والمحور الذي تقوده إيران في الشرق الأوسط، من باب المندب ومضيق هرمز إلى شواطئ طرطوس واللاذقية وطرابلس فبيروت، فصور، وصولاً الى الحدود البحرية في رأس الناقورة مع إسرائيل..

من وجهة نظر الإيراني، لم يكن التعثّر أو توقّف العمليات عند حدود تكريت العراقية في محافظة صلاح الدين، والتي يقودها العميد الإيراني قاسم سليماني، ولا تعثّر المعارك في جرود القلمون، على ضفتيها السورية واللبنانية، وتمكّن تنظيم داعش من إحكام قبضته على «الرقبة السورية» وما يُحكى عن خسائر مُني بها حزب الله في الأسبوعين الأخيرين في قتاله في سوريا (لكن المعلومات لم تؤكدها مصادر الحزب)، ولا حتى عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة المتوقعة في بحر عشرة أيام، لم تكن كل هذه مبررات، لينزلق الإيراني الى لعبة «المساومة الجيوبوليتكية» عبر تقديم تنازلات، تربط بحصته «بالتوزيعة الأميركية»، التي تتحرك لتقاسم النفوذ دولياً (مع نفسها) وإقليمياً (مع المحور العربي المعتدل، والخليجي تحديداً، وإيران)، فأعلن رفضه للدخول في هذا النوع من «البازارات»، وهو الذي يُتقن لعبة البازارات في السوق الاقتصادي والسياسي!

ضمن تطوّر لعبة المفاوضات هذه، بين المسموح والممنوع إيرانياً وأميركياً، بدا الوضع الجيوبوليتكي، آخذاً في التحلل من اليمن إلى فلسطين وإسرائيل، فسوريا ولبنان، على أن تتكفّل مصر بترتيبات الوضع في شمال أفريقيا، وليفاجأ الجميع بقوة تنظيم «داعش» في تلك المنطقة، حيث كانت الضربة الإنتحارية الكبيرة في تونس، ثم تلتها ضربة اليمن عبر تفجيرات في صنعاء طالت المساجد العائدة للحوثيين..

وفي سياق مرحلة ما بعد الإتفاق على النووي الإيراني، مع أن كثيرين ما يزالون يستبعدون إمكان التوصل إلى إتفاق على هذا الصعيد.. بدا المشهد الإقليمي مقبلاً على تغيّرات، تنطلق من أن «المكاسب النووية» لإيران، لا ينبغي أن تؤدي إلى «مكاسب جيوبوليتكية»، لا في فلسطين، ولا في العراق، ولا في اليمن، فضلاً عن سوريا ولبنان، والمقصود هنا بالمكاسب الجيوبوليتكية ليس فقط عدم توسّع النفوذ في العواصم الأربع (صنعاء، بغداد، دمشق، بيروت) التي تعتبرها إيران مناطق حمراء لا يجب تجاوزها، بل تعني أيضاً إحداث تناقص في قوة النفوذ في هذه المدن، التي تشكل قلب الصراعات المقبلة، على الثروات والسياسات ومصالح الدول ومستقبلها..

ولا حاجة، بعد ذلك، للخوض في ما يدعّم هذه الاستنتاجات، بل لا بدّ من رؤية مسارها الآخذ بالتبلور، في ما خصّ الوضع في لبنان:

1- تحمل التقارير من عواصم عدة أن لا ربط بين انتخابات الرئاسة الأولى،. وتقدّم أو تأخّر الملف الإيراني النووي. وبالتالي، فإن إيران لن يكون بمقدورها وحدها أن توصل رئيساً للجمهورية، لا العماد ميشال عون، ولا النائب سليمان فرنجية..

2- يستفيد الفريق المناوئ سياسياً لحزب الله، وحلفائه في 8 آذار، من «ترنّح» الهجوم الإيراني، على محاور القتال مع «داعش» بهدف حسم الصراع أو تطويق التنظيم، وإعلان إيران قوة عسكرية كبرى، قادرة على الإنفراد، أو بالشراكة مع روسيا، في ترتيب «الإقليم المقتطع» من الشرق الأوسط لحسابها..

3- كما يستفيد هذا الفريق، من المعلومات الواردة من جبهات القتال، والتي تتحدث عن خسائر غير متوقعة لحزب الله، سواء في حلب أو جرود القلمون السورية، أو سواها، حيث يشيّع الحزب تباعاً أكثر من 15 شهيداً، نجح، في المفاوضات الجارية مع «النصرة» وتنظيمات أخرى، في استعادة جثثهم، وكانوا سقطوا في أوقات سابقة إبّان المعارك الجارية في سوريا.

على أن الأخطر، في هذا الموضوع إندلاع اشتباك كلامي بين صقور تيار المستقبل والمفوضين بالردود الإعلامية في حزب الله على الحملات أو التحريض أو حتى التصريحات، التي يرى الحزب أنه من مصلحته الردّ عليها..

4- حوار عين التينة: شهدت الجلسة الأخيرة للحوار الجاري بين التيار والحزب في عين التينة، برعاية مباشرة من الرئيس نبيه بري، عبر الوزير المفوّض علي حسن خليل، ليس توتراً، بل مكاشفة، ومصارحة، وصفت بأنها «غسيل قلوب» وعتب، لم يصل إلى حدّ كسر الجرّة..

قدّم الحزب في الجلسة، أو في معظم الوقت، الذي استغرقته المناقشات، ما يشبه «المضبطة» بتصريحات لقياديين ومسؤولين في «المستقبل» تريث مصادره أن تؤثر سلباً على بند «تخفيف الاحتقان المذهبي»، بل ربما تؤدي الى وقف الحوار، وفقاً لتصريحات صقور في حزب الله، من أمثال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب المتمكن أحمد رعد.

ردّ التيار على «المضبطة»، التي كانت متوقعة، وأبدى موقفه بصراحة عبر نقطتين، الأولى: أن الحوار، أو الشراكة في الحكومة لا يعني الكفّ عن الإنتقادات، وأن ما جاء في البيان – الوثيقة عن اجتماع فريق 14 آذار في البيال في 14 آذار (السبت ما قبل الماضي) هو موقف معروف أو مكرّر في كل المناسبات منذ انتفاضة الاستقلال الى اليوم، فما العجب، ولماذا إثارة كل هذا اللغط؟

سلسلة المواقف التي قضّت مضاجع راعي الحوار، سيّد عين التينة، سقطت كالمياه الباردة، على رأس المعنيين بهذا الحوار واستمراريته، ويؤكد مَنْ التقى، أو سمع من المعنيين في مقرّ الرئاسة الثانية، وفي مقدّمهم رئيس المجلس، أن «حوار الضرورة» لا ينبغي أن يتوقف، باعتباره من خطوط الدفاع الأولى عن الاستقرار اللبناني، ولو كان نسبياً.

وبصرف النظر عمّا إذا كان الرئيس فؤاد السنيورة، يسعى إلى «عرقلة» الحوار أو «التشويش» عليه. كما تردّد أندية 8 آذار، فإن المسألة، تتخطى ما يُرسم على الطاولة المحلية، بانتظار مشهد غير مألوف من «تكبيس الأزرار» في كل اتجاه؟!