على رغم التحدي المتجدد الذي شكله الانفجار الارهابي في بعل محسن في اول انذار خطير للوضع الداخلي مطلع السنة الجديدة، فانه يخشى أن تكتفي القيادات السياسية بالتحصين السياسي الذي باتت تجد انه يؤتي ثماره عبر الحوار الثنائي السني الشيعي القائم وتستمر في الا تجد حاجة الى تحصين اضافي عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فهذا الموضوع لم يعد على غير ما توحي بعض التصريحات والمواقف، مطروحاً في باب الاولويات خصوصاً في ظل عدم الالحاح والتمهل اللذين يبديهما المسؤولون المسيحيون الى الحد الذي استفز ويستفز رؤساء بعثات ديبلوماسية دول كبرى لا يرون ان مسار الدولة صحيح ولا كذلك عمل مجلس الوزراء وعجزه عن اتخاذ قرارات مهمة لادارة البلد ويثير تساؤلات حول ماهية المخاطر التي لا تراها القيادات المسيحية في شكل خاص في ظل التطورات في المنطقة وفي موازاة الدعوات الى الخارج لمساعدة المسيحيين على البقاء في دولهم وعدم الهجرة منها.
وواقع الأمور، وفق ما تراها مصادر سياسية عليمة، انه اندثرت بعد انطلاق الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله وبدء الكلام على حوار مسيحي مسيحي، فورة التوقعات التي نظرت الى احتمال تحضير الارض من أجل مواكبة توافق اقليمي ما في لحظة مؤاتية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، على عكس ما ذهب ويذهب اليه البعض من تكهنات بأن موضوع الرئاسة سيكون على جدول اعمال الحوار السني الشيعي، وكذلك بالنسبة الى الحوار المسيحي المسيحي المرتقب. فكل المعلومات التي تتداولها أوساط سياسية في هذا الاطار ترحّل موضوع الانتخابات الرئاسية الى أمد غير محدد داحضة في الطريق النظريات أو ما يمكن اعتباره بالاحرى التمنيات بأن تحصل العملية الانتخابية في آذار المقبل، وفق ما ذهبت بعض المواقف بما في ذلك النظرية التي تبني على رهان حلحلة العماد ميشال عون موضوع الرئاسة لاعتبارات متعددة، من بينها انعدام فرصه فعلاً في الوصول الى رئاسة الجمهورية ولو انه لا يزال يكابر ويخوض نقاشات حامية مع زواره الاجانب حول هذا الموضوع. وثمة من يعتقد انه وفي ظل تراجع آذار كموعد محتمل للعملية الانتخابية، فان مرور سنة وبضعة اشهر اضافية على الشغور لن تكون عائقاً فعلياً. ومع التوقعات والتحضيرات لانطلاق حوار مسيحي مسيحي حصل في الواقع بفعل الضغوط الى حدّ ما خجل القيادات المسيحية عن تقاعسها عن مبادرة من هذا النوع في مقابل حوار سني شيعي من أجل اراحة البلد، وباتت الكرة في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد أكثر فأكثر في ملعب القوى المسيحية بحيث لا ترى القيادات السنية أو الشيعية نفسها مضطرة الى خوض نقاش لا مكان له في ظل عدم رغبة الافرقاء المسيحيين في خوضه أو عدم استعدادها لتذليل خلافاتها حول هذا الموقع، وذلك على رغم ان رئيس الجمهورية لكل اللبنانيين. فالوقت والوضع ليسا ضاغطين على “حزب الله” الذي تقول مصادر ديبلوماسية انه يتمتع بحق الفيتو في ما خصّ ملف الرئاسة وهو يمارسه بقوّة بالمواربة عبر التمسك بالعماد عون وعبر تحقيقه ما يمكن اعتباره ثلاثة انجازات: الاول هو منع حصول انتخابات رئاسية ولو انه يقف وراء الذريعة التي يشكّلها العماد عون وبقاء موقع الرئاسة شاغراً هو أكثر ما يناسب الحزب في هذه المرحلة. والثاني هو التمديد للمجلس النيابي والثالث هو قيام حوار بينه وبين تيار المستقبل يبقي كل المواضيع الخلافية جانباً فيما يبعد عنه مبدأ الحوار الاتهام بأنه يستهدف السنّة في الحرب التي يخوضها في سوريا الى جانب النظام بدليل انه يحاور السنّة المعتدلين في لبنان ويساهم في تعزيز دورهم فيما هو يقف ضد المتطرفين السنّة. وهو سبب من بين أسباب كثيرة حيث تكمن المصلحة في الحوار بالنسبة الى الحزب في حين ان أسباباً أخرى مماثلة قائمة لدى تيار المستقبل ولو لم يؤد الحوار الى نتائج في النقاط المهمة الخلافية.
ويسري تسييل مبررات المصلحة في الحوار بالنسبة الى الفريقين المسيحيين كما بالنسبة الى الفريقين السني والشيعي أولاً في ضوء اطمئنان هؤلاء الى ان حليفيهما لن يجريا اي اتفاق بينهما بعيدا منهما ولا خشية لديهما من ذلك وثانيا في ظل مراهنة لدى كل منهما على تحقيق مكاسب بعيدة المدى من الحوار.
خلال الاسابيع الماضية عمد سياسيون لبنانيون الى الطلب الى زائر ديبلوماسي غربي رفيع ايلاء بلاده أهمية أكبر الى الانتخابات الرئاسية وايصال رسالة الى القيادات اللبنانية على اختلاف انتماءاتها ، خصوصاً المسيحية منها، ان موضوع الانتخابات بات موضوعا يحتل الاولوية لدى ابرز العواصم من اجل الضغط في اتجاه الذهاب الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وان يتولى رئيس البعثة الديبلوماسية لبلاده ابراز مضمون هذه الرسالة على نحو دائم وشبه متواصل في موازاة حتمية الكلام مع ايران من أجل تسهيل حصول انتخابات رئاسية. وهذه النقطة الأخيرة قال الزائر الغربي ان فرنسا تولته وعادت باجوبة لا يحتمل ان تجد ترجمة لها في المدى المنظور فيما بلاده ستتولى الجزء الآخر. لكن كلا الاتجاهين استمر من دون فاعلية حتى الآن وبلا أوهام.