IMLebanon

فكّ قواعد الإشتباك

بعد الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في 25/5/2000 صدر القرار 1310 تاريخ 27/7/2000 الذي تبنّى فيه مجلس الأمن طلب الحكومة اللبنانية بقاء القوات الدولية في منطقة عملياتها بعدما تعهدت بنشر قواتٍ إضافية من جيش وقوى أمن داخلي.

أشار القرار إلى «أنّ إسرائيل قد أزالت أشكالَ الإنتهاكات من على خط الإنسحاب» وطلب مجلس الأمن في هذا القرار من الطرفين إحترام هذا الخط وضبط النفس والتعاون مع الأمم المتحدة وقواتها الموقتة في لبنان.

كذلك طلب مجلس الأمن من حكومة لبنان أن تكفل عودتها ووجودها الفعليَين إلى الجنوب على نطاقٍ كبير وإشاعة مناخ الهدوء في كلّ أنحاء المنطقة والسيطرة على كلّ نطاق التفتيش، وتكرّر هذا الطلب الى الحكومة اللبنانية بموجب القرار1337 الصادر عن مجلس الأمن في 30/1/2001.

وكانت الحكومة قد أرسلت قوى عسكرية محدودة إلى الجنوب فطالبها مجلس الأمن مجدَّداً بالوجود الفعلي ودان الخروق من الطرفين، ثم عاد وأصدر القرار الرقم 1365 في 31/7/2001 ليطلب أيضاً نشر قوات مسلَّحة لبنانية (أي جيش وقوى أمن) وتكرّر هذا الأمر أيضاً في القرار الرقم 1391/2002 في 28/1/2002 والقرار 1428 في 30/7/2002 وفي القرار 1461 في 30/1/2003 والقرار 1496 في 31/7/2003 .

كذلك صدرت قراراتٌ عدة لاحقة بمعدّل قرار كلّ ستة أشهر تذكّر الدولة اللبنانية بهذا الواجب وتحضّ الأطراف على عدم خرق الخط الأزرق وتشدّد على وجوب وقف الإنتهاكات، إلى أن جاءت حرب تموز 2006 وصدر القرار 1701 في 11/8/2006 الذي دعا إلى «وقف الأعمال الحربية» وسحب إسرائيل قواتها إلى ما وراء الخط الأزرق، مطالباً الحكومة اللبنانية أن تمارس سيادتها الكاملة على كلّ الأراضي اللبنانية وأن لا تكون هناك أيّ أسلحة أو سلطة غير سلطة حكومة لبنان.

ومن أهم ما ورد في هذا القرار ما نصّت عليه الفقرة الثالثة من المادة الثامنة التي جاء فيها النصّ الآتي:

«إتخاذ ترتيبات أمنية لمنع إستئناف الأعمال القتالية بما في ذلك إنشاء منطقة ما بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أيّ أفراد مسلَّحين أو معدات أو أسلحة بخلاف ما يخصّ حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان». كذلك طالب الأمين العام للأمم المتحدة «الإتصال بالعناصر الفاعلة الرئيسة الدولية والأطراف المعنية لتنفيذ المقررات ذات الصلة من إتفاق الطائف ونزع السلاح وترسيم الحدود الدولية للبنان بما في ذلك معالجة مسألة منطقة مزارع شبعا».

وعليه أمام كلِّ هذه القرارات الدولية فمِن نافل القول إنّ وجود سلاح غير سلاح السلطات الرسمية اللبنانية لهو أمرٌ مُتاح في المنطقة الواقعة ما بين الخط الأزرق والليطاني، وإذا قلنا إنّ مزارع شبعا محتلّة، فإنّ القرار 1701 لم يأتِ على ذكر سلاحٍ غير سلاح الدولة اللبنانية ما وراء الليطاني، وإذا قلنا إنّ إسرائيل باشرت العدوان على حزب الله في سوريا فإنّ سابقات عدّة حصلت عندما اتُهم حزب الله بتفجيرات تطاول إسرائيليين أو يهود في العالم من نيجيريا والأرجنتين وقبرص وبلغاريا ولم تردّ إسرائيل في لبنان.

وإذا كان كلّ ما قلناه ليس لغضّ الطرف عن عدوان إسرائيل المستمرّ على لبنان، فإنه بالتأكيد ليس لحضّ حزب الله على الرد على إسرائيل من سوريا أو من لبنان، لأنّ الدولة اللبنانية مسؤولةٌ وحدها بجيشها عن الأمن، وعليه فإنّ مسألة فكّ قواعد الإشتباك تعني نزعَ كلّ الضمانات القانونية والغطاء عن لبنان وإبقاء الساحة الجنوبية أو اللبنانية برمّتها عرضةً للإعتداءات بمقدار ما تشاء إسرائيل وإيران على حدٍّ سواء، فالأولى تعتدي والثانية تردّ والمواطن اللبناني ينوء في وطن شرّع ساحته على مصراعيها للخارج والداخل… فأهلاً بفكّ الإشتباك.