الحماسة الحكومية للانتاج والفعالية، في أولى جلساتها بعد الثقة أفضت الى ما يمكن اعتباره، اعادة نظر بالأولويات التي حددها الرئيس ميشال عون في خطاب القسم، وكرّسها الرئيس سعد الحريري في البيان الوزاري، الذي على أساسه نال ثقة مجلس النواب.
فخطاب القسم ومثله البيان الوزاري الذي ولد من رحمه، تحدث عن سلسلة أولويات وعلى رأسها موازنة ٢٠١٧. وبعدها يأتي اقرار التشريعات الجاهزة أمام مجلس النواب، وتقديم مشاريع قوانين من شأنها ان تسهل بيئة العمل الاقتصادي في لبنان، وتعزز دور القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية والسياحية، ليصل البيان في فقرته الخامسة الى تسريع الاجراءات المتعلقة بدورة التراخيص للتنقيب عن النفط واستخراجه، باصدار المراسيم والقوانين اللازمة.
والذي حصل في جلسة الأربعاء ان الاجراءات والقوانين النفطية، احتلت صدارة الأولويات الحكومية، متجاوزة الموازنة العامة المغيّبة منذ احدى عشرة سنة، والتي لم تنضج طبختها، كما يبدو، لدليل استبعادها عن مائدة الأربعاء، ومثلها ملف الفساد، وتاليا قانون الانتخابات النيابية، فالضرورات تجيز اعادة النظر بالأولويات، أحيانا…
على ان التوقعات، تشير الى انه لن يخرج أحد من مولد التسوية السياسية التي حلّت ببركتها على لبنان،. بلا حمص… فملف الميكانيك ما زال مفتوحا على الذلّ اليومي الذي يطرحه على المتزاحمين على أبواب مراكز المعاينة. والذي أغلقه الوزير المشنوق نسبيا أمس بقراره السماح بدفع مستحقات الميكانيك من دون معاينة، وقانون الانتخابات الذي يشكّل حقل الترضية الأوسع، لمن يحتاج الى ما يطمئن، أكثر من حاجته الى أشياء أخرى.
وطبقا للمصادر السياسية المتابعة، فان مشكلة قانون الانتخاب العتيد تخطت معادلة النسبية والأكثرية، ولئن كان الجدل مستمرا في هذا النطاق، انها الآن في الحجر الذي رماه الوزير جبران باسيل في بركة هذا القانون، ولبث يراقب حجم وعدد الدوائر التي أحدث، انه طرح العودة الى العدد ١٠٨ لأعضاء مجلس النواب، الذي تقرر في مؤتمر الطائف، قبل ان تضيف عليه سلطة الوصاية العشرين عضوا، ممن وزعتهم على المناطق والطوائف، وبما فاض عن بعض الدوائر من دون مبرر، سوى اشراك الحلفاء وحلفاء الحلفاء بالغنيمة النيابية، وفي تحليل المتابعين، ان العودة الى ما حدّده الطائف، ضمن اطار التوجه نحو استكمال تطبيقه، يعني حذف عشرة نواب مسلمين ومثلهم من النواب المسيحيين، وبحذف العشرة المسيحيين تهبط نسبة هذه الفئة النيابية التي تصل الى المجلس بأصوات من خارج بيئتهم الطائفية. وفي هذه الحالة تصبح النسبية التي يطالب بها البعض، عن قناعة أو مناورة، لزوم ما لا يلزم.
ويغدو قانون الستين بتعديلاته الدوحوية، أو بدونها، الاطار الأنسب، لصحة تمثيل المسيحيين، خصوصا، وهو القانون الذي استشرعه الرئيس الراحل فؤاد شهاب، صاحب النهج الوطني المتوازن، والذي يرى بعض اللبنانيين في العهد الجديد، تجربة مكررة له.
بعض زوار الرئيس عون نقلوا عنه الاصرار على اجراء الانتخابات، بمعزل عن القانون الذي تتفاهم القوى السياسية عليه، بمعنى انه يريد ان تجري الانتخابات، وليس واردا عنده القبول بأن يتحوّل قانون الانتخابات، الى عائق دائم في طريقها.
انما المعضلة هنا، في الأطراف المنادية بالنسبية، مطلقة كانت أو مختلطة، وهي أطراف ذات فعالية، ومبررها لرفض العودة الى مجلس نواب الطائف، أي الى المئة وثمانية نواب، ان اعتماد هذا العدد من النوع، يفقدها مثل هذا العدد من النواب في المناطق الخاضعة لنفوذها، وكذا الحال بالنسبة الى قانون الستين، الذي لا شك بأنه يضمن لها الفوز في مناطقها، فيما هي تبحث عن ضمانة انتخابية لفوز حلفائها في المناطق الأخرى…