IMLebanon

النسيج الاجتماعي المعيب لطرابلس

تقع مسؤولية النهوض بطرابلس على اهلها والمسؤولين فيها، الذين أفقدوها الدور الحيوي، والسمعة الحسنة، وتركوها رهينة “قادة المحاور” والزعران وحفنة من الاصوليين التكفيريين الذين حجبوا عنها وجهاً حضارياً مفترضاً لمدينة بهذا الحجم وبالتاريخ الذي تختزنه.

بالأمس كتبت عن طرابلس وأسميتها “مدينتي”، وما زلت عند هذا القول، تمسكا بالمدينة، وبكل مدينة وقرية، ان تبقى لبنانية، فلا تنخرها اوبئة الفساد والافساد والمذهبية البغيضة ورفض الآخر والانغلاق، بما يعزلها عن التفاعل ويجعلها رهينة مؤامرات ظاهرة وخفية، تحاك في غرف سوداء.

لقد حان الوقت للكلام على مذهبية المشكلة في الفرع الثالث لكلية ادارة الاعمال (الجامعة اللبنانية). فالمطالبون بتغيير المدير المعيّن، والمصرّون على المطلب على رغم ابدال الاول بمديرة، رفعوا شعار “مدير من النسيج الاجتماعي لطرابلس”. ويفهم من هذا الشعار رفض تعيين مدير مسيحي، وحصر الادارة بالطائفة السنية، وهذا كلام معيب بحق الجامعة، والتربية، وخصوصا الاساتذة والطلاب، واكثر هو مطلب معيب بحق طرابلس. يظن البعض ان المعترضين مجموعة محدودة من الطلاب، لكن ظهورهم الاعلامي من دون مواجهة من اهل المدينة انفسهم، يظهرهم اكثرية، ويجعلهم مرآة للشارع الطرابلسي. ونحن هنا امام واقعين:

الاول، ان لا تكون المجموعة المعترضة من طرابلس نفسها، ولا تعبر عن واقع اهل المدينة، وان تكون منقادة لمراجع دينية او سياسية تحاول استغلال الوضع للعب دور، او لتحقيق مآرب شخصية ومنفعية. وامام هذا الواقع يبرز دور الفاعلين في المدينة، وممثليها، من الرئيس نجيب ميقاتي، والوزراء الحاليين والسابقين اشرف ريفي ورشيد درباس ومحمد الصفدي واحمد كرامي وفيصل كرامي وسمير الجسر وغيرهم، الى النواب، مع مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار، والمجتمع المدني، للوقوف صفا واحدا رفضا لتغليب هذه اللغة، واظهار حقيقة الاعتراض امام الرأي العام، اذا كان من سبب وجيه له، او القبول باتهامهم بالتواطؤ الضمني دعما لهذا التحرك.

الثاني، ان تكون المجموعة المعترضة تعبر حقيقة عن اهل المدينة ورفضهم الاخر، ومحاولتهم فرض ارادتهم بالقوة التي تعلو القانون. وهنا يفتح الملف على مجموعة اخرى من الاقتراحات ليصير كل المعيّنين في كل المواقع والمناصب والمناطق من النسيج الاجتماعي ذاته، وهذا الاقتراح يفتح ايضا على اعتماد اللامركزية الادارية الموسعة، لأنصاف المناطق، واعطائها حقوقها في التنمية وفي التعيينات. وامام الواقع المقترح، يجب ان تخرج الكليات من مركزيتها في قلب المدينة ذات الاغلبية السنية، وتنقل كلية الى زغرتا ويعين لها مدير ماروني من النسيج الحاضن، وكلية الى الكورة فيعين لها مدير ارثوذكسي من النسيج المحيط، وثالثة الى البترون، وهكذا دواليك…