الاعتداء الإسرائيلي على القنيطرة الذي أوقع مقاتلي «حزب الله» والقائد في الحرس الثوري الإيراني يؤكد مجدداً ما نشهده منذ زمن طويل ان النظام السوري بارع في قتل وقمع شعبه وعاجز عن التحرك بوجه من يدعيه عدوه الإسرائيلي. فطائراته وبراميلها منشغلة بقصف الشعب السوري تاركاً الدفاع عن أراضيه للحليفين اللبناني والإيراني. عندما دخل «حزب الله» في القتال الى جانب النظام السوري ضد شعبه كان مرغماً من حليفه الإيراني لأن أمينه العام حسن نصرالله مدرك تماماً أن هذه الحرب دفاعاً عن نظام ضد شعبه تنزع صفة المقاومة التي أرادها لحزبه. فسمعناه تارة يقول إنه دخل القتال في سورية للدفاع عن أماكن المقدسات الشيعية ثم الآن لردع التكفيريين.
واقع الحال أن الضربة الإسرائيلية في القنيطرة ليست مفاجأة. فالجميع في المنطقة يعرف سياسات الدولة العبرية الوحشية ان كان في الأراضي الفلسطينية او في لبنان في كل عملياتها في تاريخها الكارثي. من الاجتياح الإسرائيلي على لبنان في ١٩٨٢ والهجوم الوحشي عليه في ٢٠٠٦ وكل ما تقوم به من ارهاب وقتل واحتلال. ان الضربة على «حزب الله» في القنيطرة ليست الا استمراراً في مثل هذه السياسة.
السؤال اليوم هو الى اين سيأخذ «حزب الله» وحليفه الإيراني لبنان نتيجة قتالهما في سورية.
ان كل التحليلات الغربية عما يريده «حزب لله» وإيران في لبنان خاطئة. فالجميع يردّد لطمأنة وراحة نفسه ان ليس من مصلحة ايران و»حزب الله» تخريب الوضع في لبنان وأنهما بالنتيجة يريدان انتخاب رئيس لأن الحزب حريص على الحفاظ على الدولة. هذا ايضاً خطأ لأن حرب «حزب الله» في سورية تهز استقرار لبنان اضافة الى سقوط عدد من المقاتلين للحزب على الأراضي السورية. فهل من مصلحة لحزب لبناني يهيمن لسوء حظ البلد على الحياة السياسية فيه ان تارة يخرب حياة اللبنانيين المقيمين في الخليج بتصريحات غير مسؤولة وتارة اخرى ينشر الرعب في البلد لأنه سينتقم من ضحاياه في القنيطرة من العدو الإسرائيلي. معروف ان اسرائيل كلما تضرب لبنان تريد تدميره وتركيعه. فإسرائيل لم تتعرض يوماً لنظام الأسد بالشكل الذي تفعله في لبنان علماً أنها تعرف تماماً أنه النظام الذي ساهم مع الحليف الإيراني في تأسيس «حزب الله» وزوّده بالسلاح. فهي تفضّل بقاء أسد ضعيف وسورية ولبنان في خراب وحزب لبناني يحارب ويضعف في سورية ومن فترة إلى فترة عند الحاجة تضربه بوحشيتها المعتادة.
دخول «حزب لله» مستنقع الحرب الأسدية – الإيرانية على الشعب السوري خطر كبير على لبنان بأسره مسيحيين وسنة وشيعة ودروزاً. فـ «حزب الله» لا يمكنه حماية نظام الأسد والقيام بما يدعيه بمقاومة في لبنان في الوقت نفسه. صحيح أنه تمكن من التغلب على إسرائيل في ٢٠٠٦ لكن إسرائيل دمّرت لبنان. ونشوة الانتصار لدى الحزب ينبغي أن تهدأ لأن الوطن في خطر ولا يجوز ان يجر مجدداً الى خراب وساحة حرب مثلما يحدث في سورية. ألم يحن الوقت ان ينسحب «حزب الله» من القتال في سورية لأن ذلك يزيد عبئاً عليه وعلى شبابه المقاتلين. فعندما يسقطون على ايدي اسرائيل ينعيهم الحزب بالشهداء لكن ماذا عن المقاتلين الباقين الذين يسقطون للمشاركة في قتل مواطنين سوريين ثاروا على نظام حمته وتحميه اسرائيل منذ عقود. المنطق والولاء للبنان ان ينسحب «حزب الله» من سورية. إلا إن الحليف الإيراني الصديق الجديد للسيد باراك أوباما لا يتمنى ذلك فهو محتاج إلى هذه الأوراق في بازاره على الساحة الدولية.