IMLebanon

وزير الدفاع في الرابية: رفع عتب يسبق التمديد!

رئيس الحكومة تمام سلام لن يفعلها ويستقيل إلا بعد ان يجبر على الخيار المرّ. الوسطاء تدخّلوا، من الخارج والداخل، لثني الرجل عمّا لا يريده أصلا، لكنه يشعر أنه قد يدفع بهذا الاتجاه بأي لحظة إذا استمرّ تخلي الحلفاء عنه و «بطش» الخصوم به وبصلاحياته. هكذا فإن قرار الاستقالة سيبقى بندا حاضرا على جدول أعمال السرايا في حال اشتدّت الازمة ولم تنفرج.

كثر يرسمون مشهدا كاريكاتوريا غير مسبوق في تاريخ الحكومات في حال أقدم سلام فعلا على خطوة الاستقالة. فعمليا، لا رئيس جمهورية يقدّم رئيس الحكومة استقالته أمامه.

ووفق الآلية المتّبعة (إستنادا الى المادة 62 من الدستور) التي تنيط صلاحيات رئيس الجمهورية (الذي يوقع مرسوم تكليف رئيس الحكومة) وكالة بمجلس الوزراء، سيكون سلام أمام سابقة تلاوة بيان الاستقالة أمام الـ 23 وزيرا.

هؤلاء، بحكم الآلية نفسها، يجدر حصد كافة تواقيعهم على تحديد مواعيد لاستشارات نيابية ملزمة، يقوم بها الـ 23 وزيرا، تفضي الى تسمية رئيس مكلف!

مشهد لا يقلّ شواذا عن الفوضى غير البنّاءة التي تطبع أداء الحكومة او جبال النفايات التي قضمت ما تبقى من فتات السلطة.

فريق عمل تمام سلام هو على شكل حكومة تصرّف الاعمال أصلا، ولذلك فإن الاستقالة التي تشرّع وضعها رسميا كحكومة تصريف أعمال، وفي ظل غياب رئيس الجمهورية، ستبقى معلّقة حتى إشعار آخر، خصوصا انها ستحيل كل وزير «ديكا» على وزارته وتمنح سلام نفسه ما قد لا يحصل عليه حين يترأس اجتماعات السرايا.

على خط آخر، وفق المعلومات، وبغضّ النظر عما سيؤول اليه مصير الآلية الحكومية، فإن حكومة تمام سلام التي تعمل بشقّ النفس ستكمّل مسار التمديد لكبار الضباط. سيحصل ذلك ان اعتكف تمام سلام او لم يعتكف. ان استقال او لم يستقل.

يفترض بالزيارة الاولى من نوعها الى الرابية لوزير الدفاع سمير مقبل منذ تعيينه وزيرا، ان تسهم في حرف مسار التمديد عن سكّته المرسومة منذ توقيع التمديد الاول لمدير المخابرات قبل سنتين، لكن هذا ما لم يحصل.

مقبل أوحى بشيء من الايجابية أولا بتقصّده القيام بزيارة إلى الرابية بدا صعبا في المرحلة الماضية توقّع حصولها بسبب خط «التوتر العالي» بين الرابية واليرزة، وثانيا بإدلائه بتصريح من دارة رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» خال من الاستفزاز على عكس عادته، حين أعلن أنه جاء «ليسأل خاطر العماد عون»، وهو الذي تكفّل طوال الاشهر الماضية بتعكير مزاجه وخاطره وتجاهل كافة مطالباته بالركون الى خيار التعيين وليس تأجيل التسريح.

ومقبل الذي كان طلب فجأة موعدا للقاء عون وهيأ له أجواء الزيارة صهره القنصل نصري لحود، وزار مساء كليمنصو حيث اجتمع مع النائب وليد جنبلاط بحضور وزير الصحة وائل أبو فاعور، أكد في الرابية ان «الجنرال هو مئة بالمئة مع التعيين، وانا شخصيا ايضا مع التعيين. لكن ماذا اذا لم يتمّ التوافق والتعيين؟ عندها قال لي عون هذه المرة: لوقتها منصلّي عليها».

وزيارته التي لم تدم أكثر من نصف ساعة لم تأت، وفق مقرّبين من الرابية، إلا تحت عنوان رفع العتب، حيث اشارت المعلومات الى ان مقبل طرح مسألة قرب إحالة رئيس الاركان اللواء وليد سلمان وامين عام المجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير الى التقاعد متحدّثا عن ان التعيين هو القاعدة، مرفقا هذه القناعة بالاسباب الموجبة للتمديد في حال لم يتمكّن مجلس الوزراء من إقرار التعيينات، فيما لم يتطرّق الى استحقاق قيادة الجيش في 23 ايلول.

ويقول متابعون في هذا السياق ان هذه الزيارة لا تشكّل سوى ما يشبه تبرئة الذمّة قبل التمديد الآتي حتما، حيث ان الموانع التي تقف أمام حصول التعيين صارت أكبر بكثير من مسهّلات حصوله، بعد ان باتت الحكومة نفسها وكأنها واقفة على شوار الاعتكاف والتعطيل الكامل.

وفيما تكتّمت أوساط عون على مداولات الاجتماع، إلا ان بعض المقرّبين من عون تحدّثوا عن «تفنيصة» توحي بالشكل ان ثمّة من يأخذ ويعطي مع «الجنرال» بموضوع التعيينات، في حين ان القرار بالتمديد متّخذ سلفا. لكن هذا الواقع لم يمنع عون من إسماع مقبل ما يجب إسماعه إياه في موجبات التعيين وخطورة الركون الى خيار التمديد بشكل مخالف للقانون، وفي كافة المواقع العسكرية والامنية.

هكذا، بعد أيام سيوقّع قرار تأجيل تسريح رئيس الاركان اللواء وليد سلمان ثم اللواء محمد خير ثم قائد الجيش العماد جان قهوجي. المتابعون يجزمون ان أقصى ما يمكن ان يذهب اليه ميشال عون هو تحريك الشارع لايام معدودة، وبعدها سيعود الكباش حصرا الى مجلس الوزراء.

وفي ما يتعلق بتعيين مدير مخابرات جديد فإن ميشال عون يبدي برودة لافتة حيال هذا الملف أولا لمناداته دوما بمبدأ التعيين واحترام الدستور، وثانيا لخوضه معارك أكثر أهمية على جبهات أخرى.

وفيما يدخل على خط تعيين مدير المخابرات بشكل أساس قائد الجيش والرئيس ميشال سليمان، فإن وزير الدفاع سمير مقبل المحسوب على الاخير لن يتردّد لحظة واحدة بالتوقيع على خيار قهوجي حصرا. يعلّق متابعون في هذا السياق: وزير الدفاع سيسلّف حكما «مشروع الرئيس» المحتمل وليس الرئيس السابق.

وفيما يرى خصوم عون ان الاخير، إذا كان فعلا معترضا على مبدأ التمديد، كان يجب عليه ان ينزل شباب «تياره» الى الشارع لحظة تأجيل تسريح مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، فإن الرابية تبقي كل الاحتمالات واردة على طاولتها خصوصا انها ترصد ما يشبه الابتزاز من خلال مقايضة يحاول الاخرون فرضها عليها على قاعدة: الاستقالة او تسهيل عمل مجلس الوزراء.. وعلى رأس اللائحة عدم معاندة تمديد صار بحكم المحسوم.