IMLebanon

وزير الدفاع سمير مقبل وخلفيات الحملة عليه

أحياناً كثيرة يُعيد التاريخ نفسه، ولأنَّ في الإعادة إفادة فإنَّه يُفتَرض بالبعض أن يستفيد من عِبَر هذا التاريخ حين يُستعاد، فعِبَر التاريخ تُنشِّط الذاكرة وتؤدي إلى تلافي الوقوع في الخطأ.

تُشنُّ هذه الأيام حملةٌ شعواء على نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، على خلفية ما يُحكى عن قرارٍ يمكن أن يتَّخذه بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

إنَّ أقلَّ ما يُقال عن هذه الحملة إنَّها ظالمة للأسباب التالية:

إنَّ المهلة المتبقية للعماد قهوجي في قيادة الجيش هي ثلاثة أشهر، حتى أيلول المقبل، فلماذا العجلة في طرح الموضوع اليوم؟

وإذا افترضنا أنَّ هناك توافقاً على تعيين قائد جديد للجيش، فكيف يجوز التعيين فيما القائد الحالي ما زالت لديه ثلاثة اشهر؟

فهل نكون أمام قائدين للجيش؟

أليس في هذا الأمر إحداثٌ للبلبلة في وقتٍ يواجه الجيش أخطر الإستحقاقات؟

واستطراداً لماذا الحملة على وزير الدفاع؟

ما الشيء الذي أقدم وربما يمكن أن يُقدِم عليه ولم يسبقه نظراؤه إليه؟

في صيف العام 2013، وفي إحدى جلسات مجلس الوزراء برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، جرى التمديد للعماد قهوجي حتى أيلول 2015، عملية التمديد جاءت بناءً على اقتراحٍ من وزير الدفاع آنذاك فايز غصن حليف العماد عون، والحكومة التي مددت للعماد قهوجي كانت مؤلفة من ثلاثين وزيراً بينهم تسعة عشر وزيراً حلفاء للعماد عون. نائب رئيس مجلس الوزراء آنذاك، سمير مقبل، كان يراقب هذا المشهد، ويتذكره دائماً حيث أن حكومةً، للعماد عون فيها الأرجحية الوازنة، مدَّدت للعماد جان قهوجي، فلماذا لم يقُم قيامته آنذاك؟

لماذا لم يعلِّق مشاركته في الحكومة؟

لماذا لم يطلب من الوزراء التسعة عشر الإعتكاف؟

لماذا لم يُقل في فايز غصن، صاحب إقتراح التمديد، ما يقوله في سمير مقبل اليوم؟

علماً أن غصن أقدم على التمديد فيما مقبل يُحاسَب على النيات. لماذا هذه الإزدواجية في المعايير؟

حبَّذا لو يرضى الوزير مقبل أن يروي ما حصل في تلك الجلسة الشهيرة فيضع بذلك حدًّا للحملات.

أكثر من ذلك، فإنه في غمرة التمديد للعماد قهوجي في صيف 2013 خرج أحد حلفاء العماد عون بتصريحٍ جاء فيه، إن استمرارية قائد الجيش العماد جان قهوجي في مهامه على رأس القيادة أمر مهم جداً في الحياة العامة نظراً للظروف الإستثنائية التي تشهدها البلاد، ومن الطبيعي أن يتحمل المسؤولية وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن ويُمدَّد له، هذا التصريح مرَّ من دون أي تعليق لا من العماد عون ولا من أحد نوابه أو وزرائه، ألا يُعتَبر الصمت علامة الرضى؟

الأرثوذكسي الأول في مجلس النواب، فريد مكاري، لاقى الأرثوذكسي الأول في مجلس الوزراء، سمير مقبل، في منتصف الطريق، فعبَّر عن موقفٍ منطقي باسم الرئيس سعد الحريري حين أكد أنَّ لا حاجة ليقنع أحد سعد الحريري بشامل روكز إذ هو مقتنع به، وهذا كلام سمعته منه، وبالتالي لا خلاف على مسألة قدرة العميد روكز أو مناقبيته، بل الخلاف هو على التوقيت وعلى ضرورة احترام مقام رئاسة الجمهورية، إذ لا يجوز تعيين قائد جيش من دون أن يكون لرئيس الجمهورية المقبل رأي فيه.

بمعنى آخر، لا اعتراض على شامل روكز قائداً للجيش ولكن بعد إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. هذا الموقف يدعم بشكلٍ أو بآخر خيارات وزير الدفاع سمير مقبل الذي يعتبر أنَّه لا يجوز التعيين قبل إنتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية.

وإذا كان العماد عون حريصاً على موقع رئاسة الجمهورية وعلى مهابة الرئيس العتيد، ألا يؤيد أن تكون للرئيس المقبل الكلمة في تسمية قائد الجيش في عهده؟

ربما التحامل على الوزير مقبل ليس مستجداً بل مرَّ عليه ربع قرن، الذاكرة تقول إنَّ الوزير مقبل كان وزيراً في أولى حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بين تشرين الأول من العام 1992 إلى أيار 1995، أيام المقر الرئاسي المؤقت في الرملة البيضاء، وكان لأيادي بيضاء حصة كبيرة في المساهمة في إعادة بناء قصر بعبدا وكذلك للوزير مقبل أيضاً ليعود مقراً لرأس الشرعية ورمزها. فهل سببت هذه المساهمة الحملة عليه لأنه ساعد على انتقال الرئيس الهراوي إلى قصر بعبدا؟