Site icon IMLebanon

الإعتداء المُسيّر: السياسة الدفاعية هي الرد؟

 

 

الإعتداء الإسرائيلي المُسيّر على الضاحية الجنوبية هو عدوان على لبنان، الدولة والسيادة والشعب، وبالتالي فهو مُدان ومُستنكر من كل اللبنانيين، رسميين ومدنيين، لأنه يمس كرامة وإستقرار كل لبناني، مهما كانت طائفته، وبغض النظر عن منطقته.

 

هذا الإستنكار الوطني الشامل للإعتداء الصهيوني الجديد، لا يخفي حالات القلق والحذر التي سادت بين الأوساط اللبنانية، الرسمية والشعبية على السواء، بسبب صدمة المفاجأة أولاً، والتفسيرات المتناقضة التي شغلت الناس طوال نهار أمس، فضلاً عن «إنتشار» موضة التحليلات حول الرد المتوقع من حزب الله، على هذا «الإختراق النوعي» لأمن منطقته ومؤسساته، والذي يحصل للمرة الأولى منذ حرب تموز ٢٠٠٦.

 

بقيت الساحة فريسة الهواجس والتناقضات، بسبب الغموض الذي أحاط بتفاصيل العملية العدوانية من جهة، ونظراً لغياب إعلام حزب الله وقيادييه عن السمع، حفاظاً على وهج الخطاب المقرر لأمين عام الحزب بعد عصر أمس، إحتفالا بالذكرى الثانية لتحرير الجرود من مسلحي داعش وأخواتها.

 

الواقع أن حالة البلبلة في الأوساط الرسمية، وما قابلها من قلق وتوجس لدى الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، أكد مدى الحاجة إلى إقرار سياسة دفاعية، تُوحد مرجعية القرار العسكري في السلم والحرب، ضمن آلية تُراعي سيادة الدولة والمؤسسات الشرعية، وتُطمئن الناس إلى أن القرارات العسكرية الكبيرة والمصيرية، يتشارك الجميع في إتخاذها من خلال مجلس الوزراء، والسلطات المعنية مباشرة بما فيها رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوى المسلحة.

 

ولعل موجة الخوف والهلع التي سادت شرائح واسعة من اللبنانيين في مختلف مناطقهم، ومن الشمال إلى الجنوب، ومن بيروت إلى البقاع، سببها إستحضار الذاكرة الوطنية لما حصل في حرب تموز ٢٠٠٦، التي فشل العدو في تحقيق أهدافه العدوانية فيها بعد أربعين يوماً من الغارات والمعارك الضارية، ولكن أضرار الإعتداء الوحشي كانت كبيرة، ولم يكن بمقدور الوطن الصغير تحمل مضاعفاتها الإنسانية والإقتصادية، لولا نجدة الإشقاء العرب في مد يد المساعدة والدعم، لإعادة بناء ما دمره العدوان الغاشم، فضلاً عن وديعة المليار السعودية في البنك المركزي التي حالت دون إنهيار العملة اللبنانية.

 

الموقف اللبناني الوطني الموحد من إعتبار الدولة الصهيونية العدو الأول للبنان، إجتاز أكثر من إختبار بنجاح، وكان هذا الموقف المتطور يتعزز ويقوى بعد كل إعتداء، على النحو الذي حصل بالأمس، حيث إستنكرت كل الأطراف السياسية العدوان الفاشل على الضاحية، ولكن هذا الإجماع قد يُصاب بإهتزاز خطير، في حال تفرد الحزب بقرار الحرب مع العدو، فيما الدولة مهددة بالإفلاس والإنهيار، وتجرأ المسؤولون فيها على إيقاف تزويد الجيش بما يحتاجه من سلاح وعديد، بحجة ضرورات تخفيض العجز في الموازنة، فيما بقيت مخصصات الرؤساء والوزراء على حالها، وكذلك المصروفات التنفيعية في المجالس وبعض الإدارات العامة!

 

قد تكون حصلت بعض المتغيرات على أرض الواقع، منذ طرح مشاريع السياسة الدفاعية في عهد الرئيس ميشال سليمان، ولكن مهما كانت نوعية المتغيرات التي تكلم عنها الرئيس ميشال عون، فإن التوصل إلى إقرار سياسة دفاعية تُعيد سيادة القرار إلى الدولة، يبقى ضرورة لا غنى عنها، بغية تعزيز الشراكة الوطنية في مقاومة الإعتداءات الإسرائيلية، وعدم تحميل فريق من اللبنانيين مسؤولية ما قد يُصيب لبنان من أضرار.

 

إلتفاف اللبنانيين حول المقاومة ضد العدو الإسرائيلي يُعتبر إنجازاً وطنياً باهراً، يستحق الحفاظ عليه وصونه من الإهتزازات، بعيداً عن إستخدام سلاح المقاومة للضغط على الداخل، أو لحساب أجندات خارجية، لا تخدم المصالح الوطنية اللبنانية!