IMLebanon

دير القمر… معركة تُحدِّد بوصلة الزعامة المارونية

 

تستعدّ بلدة دير القمر، «عاصمة الأمراء»، وقلبُ جبل لبنان وأكبر بلداته المارونية ومهدُ استقلاله، لخوضِ المعركة الانتخابية، كغيرها من بلدات وقرى الدائرة الرابعة لمحافظة جبل لبنان التي تضمّ قضاءَي الشوف وعاليه، 170 بلدةً و131 مجلساً بلدياً. وتكتسب المعركة في دُرّة الشوف طابعاً خاصّاً، حيث تتبارز 6 لوائح، ويزيد من حدّة التنافس ما ينضوي عليه الجبل من خصوصية في تكوينه وما يُمثّله من عيشٍ مشترك، بالإضافة إلى تحدّيات البقاء التي يواجهها الأهالي.

تُعدّ دائرة الشوف وعاليه المستحدثة، الأكبرَ في لبنان من حيث المقاعد، 13 مقعداً، 8 في الشوف (2 سنّي، 2 درزي، 3 ماروني، 1 روم كاثوليك)، و5 في عاليه (2 درزي، 2 ماروني، 1 روم أرثوذكس).

أمّا عدد الناخبين المسجّلين فيتجاوز الـ 300 ألف و200 صوت، حيث يستحوذ الصوت الدرزي على الحيّز الأكبر بنسبة 40%، يليه الماروني 27%، السنّي 18.6%، الكاثوليكي والأرثوذكسي بنسبة متقاربة نحو 5%، فيما الشيعي 2.6%.

كيف يبدو المشهد؟

«المرشّحون أكثر من الناخبين!». مزحة يتناقلها أهالي بلدة دير القمر أو «الديارنة» فيما بينهم – إذ إنّ 5 من أبناء البلدة انضمّوا إلى السباق النيابي، وهم: النائب جورج عدوان، كميل دوري شمعون، فريد البستاني، ناجي البستاني، إلياس غريّب – ولكنْ في الحقيقة قد تكون الأصدقَ تعبيراً عن المشهد الانتخابي.

ففي الشوف-عاليه تتنافس 6 لوائح يعمل أصحابها «من الفجر إلى النجر»، وإنْ لم يتواجدوا مباشرةً على الأرض فـ«ملائكتهم» حاضرة، إذ إنّ مندوبيهم ينشطون في كلّ الاتّجاهات وعلى المستويات الخدماتية كافة، على طريقة «الحل عنّا»، وعلى استعداد لتلقّي احتياجات الأهالي بصدر رحب. وفي جولة سريعة على هذه اللوائح؛ الأولى القرار الحر المدعومة من حزب «الوطنيين الأحرار» و«الكتائب» ومستقلين، الثانية «المصالحة» وتضمّ تحالفَ الحزب «التقدمي الاشتراكي»، «القوات اللبنانية»، تيار «المستقبل».

الثالثة «الوحدة الوطنية» يرأسها رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، الرابعة «ضمانة الجبل» تضمّ تحالفَ رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» الوزير طلال إرسلان و»التيار الوطني الحر» و»القومي السوري». الخامسة «كلنا وطني» تضمّ ناشطين في الحراك المدني، والسادسة «مدنية» تضمّ مجموعة شبابية مستقلين من المجتمع المدني.

يُشكّل رفعُ الصورِ والشعارات جزءاً لا ينفصل عن حماسة «الديارنة» في التعبير عن اصطفافاتهم، وغالباً ما يقولون ما يضمِرونه على طريقة «لبِقلبُن ع راس لسانُن»، أحياء البلدة، مِن أبنيتها وأعمدتها تشهد على ذلك.

ومَن تردَّد في تعليق الصورة على سطح منزله، تراه يَصمدها في غرفة الجلوس متباهياً بها، على بعد سنتيمترات من أيقونة سيدة التلة شفيعة البلدة، مُعلقة فوق عتبة البيت. وغالباً ما تطابقَت حسابات أصحاب اللوائح أي «البونتاجات» مع بيدر أصوات المقترعين، من دون أن نتجاهل بعضَ المفاجآت التي كانت تحدثُ في زمن «التشطيب»، والتي رافقت الانتخابات البلدية 2016.

على ماذا الرهان؟
ما بين الاعتماد على الزعامة العائلية، الإرثِ السياسي، العصبِ الحزبي، الحنين العائلي، الناخبين الجُدد… يختلف الرهان ما بين اللوائح السِت المتنافسة بصورة عامة. ولكنْ يستعر الرهان ويشتدّ الكباش تحديداً في الملعب «المسيحي»، حيث تبرز غالبية المعركة بين المتنافسين المسيحيين.

فإذا كان فوز بعض الأسماء في الصفّ الدرزي محسوماً لا يَحمل تأويلاً ولا تحليلاً، نتيجة ظروفٍ تفرضها البيئة الحاضنة، إلّا أنّ أمَّ المفاجآت تكمنُ في الصفّ المسيحي عموماً وعلى المقاعد المارونية تحديداً، فالمعركة على الصوت التفضيلي ضِمن اللائحة. علماً أنّ العبارة الأكثر تداوُلاً في كواليس تلك الماكينات الانتخابية للمرشّحين المسيحيين «الحمدالله مرتاحين لوضعنا»، ولكنْ سرعان ما تُرفَق هذه العبارة، بجملة: «إلّا إذا فلان جيَّر من أصواتو التفضيلية لحَدا من خارج حساباتنا».

وما يزيد المعركة حدّةً في الملعب المسيحي، نِسبتُهم في المشاركة، والتي لا يختلف إثنان من أهل الجبل حول أنّها خجولة، تُشبه عودتَهم إلى قراهم. وبحسب مصدرٍ مواكب للعملية الانتخابية لـ«الجمهورية»، «تتراوح نسبة المسيحيين المقترعين ما بين 35% و 38%، رغم المناشدات المتكرّرة لهم في توسيع حضورهم». أمّا بالنسبة إلى عدد المسجّلين في دول الانتشار من دير القمر للاقتراع، فيَلفت المصدر إلى أنّ عددهم «150 شخصاً». لذا عودة المسيحيين إلى قراهم وحثُّهم على المشاركة تبقى من التحدّيات الأساسية التي يواجهها المرشّحون المسيحيون، الذين يردّدون: «كِل صوت بيفرق معنا».

المجتمع المدني: «سنَخرق»
حيال سَيل الرهانات السياسية، يطلّ المجتمع المدني عبر لائحةٍ مدنية يُراهن أصحابها إلى حدّ كبير على الناخبين الجُدد الذين يشكّلون 10% من الناخبين، والذين سيشاركون للمرّة الأولى في الانتخابات النيابية، وعلى استمالة الدمِ الجديد من أبناء الجبل الذين يتوقون إلى طروحات بديلة عن الخيارات السياسية. لا يُنكر أعضاء تلك اللائحة أنّ معركتهم صعبة، وقد يَصعب عليهم خرقُ التحالفات القائمة، إلّا أنّهم على قناعة تامة: «لو بشخص واحد لازم نِخرق، ونكون الفرق».

في مجالس «الديارنة»
لا يخفي أهل دير القمر في قرارةِ أنفسِهم خشيتَهم من التحالفات التي يَعتبرها البعض منهم ظرفية، والبعضُ الآخر يصِفها بالهجينة، «لتمرير الانتخابات»، فيما نسبةٌ لا يُستهان بها تعتبرها تحالفات لولاها يَضيق العيش في الجبل. وفي الوقت عينه، يُراهِن «الديارنة» على مَن يخلق لهم ولأبنائهم فرصَ العمل في البلدة، وتأمينَ الاستشفاء، وإنجازَ مستشفى دير القمر الحكومي… وغيرها من القضايا التي يَحلمون بها والتي يُعوّلون على المرشّحين في تحقيقها. في النهاية «الديارنة»، هم أكثر مِن سواهم متحمّسون لمعرفة ما سيَفرزه القانون الجديد، إذ وللمرّة الأولى يَشعرون بأنّ قرارهم بيدِهم في اختيار ممثّليهم.