Site icon IMLebanon

Déjà vu

 

مجدداً يتكرر فيلم تشكيل الحكومة الذي شهدناه خلال تكليف الرئيس سعد الحريري، مع الرئيس نجيب ميقاتي.

 

يتم الإيحاء بأن الأمور على أحسن ما يرام بين الأخير وبين الرئيس ميشال عون، ويساير ميقاتي هذا الإيحاء فيتحدث عن تقدم والتوصل إلى نتائج إيجابية في بعض اللقاءات، ثم تأتي الشروط التعجيزية. يطلب الرئيس عون تسمية الوزراء المسيحيين العشرة من أصل 12 وزيراً، (بالإضافة إلى الوزيرين اللذين يسميهما تيار المردة) من دون احتساب وزيرين يسميهما الطاشناق والنائب طلال أرسلان، حليفا عون على أنهما من حصة الرئيس. وحين يقال إنه يسعى إلى الحصول على الثلث المعطل في حكومة من 24 وزيراً وأكثر، تردّ تسريبات الفريق الرئاسي نافية أن يكون طلب الثلث المعطل. وهو ما سبق لسفراء وديبلوماسيين أن علقوا عليه بالقول: يرددون أمامنا أنهم لا يريدون الثلث المعطل، لكن عند تعداد الوزراء الذين تصر الرئاسة الأولى على حقها بتسميتهم نكتشف أنهم يريدون الثلث المعطل.

 

لا يكترث الفريق الرئاسي إلى أنه لم يعد قادراً على إخفاء توقه للحصول على ما يمكنه من تعطيل الحكومة حتى يتمكن من التحكم بقراراتها حتى لو كان الثمن المزيد من المآسي للبنانيين جراء تأخير الحكومة.

 

وليستمر المسلسل التعطيلي مثلما حصل مع الحريري، يجري تسريب خبر بأن ميقاتي “بكرا طالع على القصر حاملاً تشكيلة كاملة” للرئيس عون، ومن المرجح أن يوافق عليها الأخير، في وقت لا يكون الأخير قد عقد العزم على زيارة القصر الرئاسي بل أنه لم يطلب موعداً ولا في نيته ذلك لأن العقد على حالها ولم تتغير. هكذا المطلوب أن يظهر ميقاتي بأنه يتلكأ عن التواصل مع رئيس الجمهورية، مثلما كان الأمر مع الحريري، مع الفارق بأن الأخير كان يغادر البلاد لفترة، لعل الجهود محلية كانت أم خارجية، تنجح في غيابه، في تليين الموقف الرئاسي.

 

والرواية تقول الآن إن الرئاسة باتت تردد أمام بعض الخلّص أنه عليها الترحم على تكليف الحريري، فتتهم ميقاتي بتغيير أسماء كان جرى الاتفاق عليها سابقاً، إذ هو عدّل فيها في الجلسة الأخيرة بينهما. ففي رأي عون أن بإمكانه أن يأخذ من الحريري تنازلات مع الوقت، فيما ميقاتي يناور ويداور…

 

وكما حصل مع الحريري حين بدأ يفكر بالاعتذار ونصحته باريس بالتريث ريثما تجري جولة متكررة من الاتصالات مع القوى السياسية المعنية ولا سيما الفريق الرئاسي، يتكرر الأمر نفسه مع ميقاتي حيث يصر عليه بعض أعضاء خلية الأزمة في الرئاسة الفرنسية. فالجانب الفرنسي لعب دوراً رئيساً في الدفع باتجاه تسمية ميقاتي والدعوة إلى دعمه كخيار بديل للحريري، خصوصاً أن هناك اتفاقاً على مساندته من قبل رؤساء الحكومات السابقين، ومنهم الحريري نفسه.

 

نقاط التشابه بين وقائع محاولة التأليف مع زعيم “المستقبل” لا تقتصر على الوقائع المحلية والخارجية، بل تتعداها إلى تلك المراهنات على أن يؤدي تفاقم الأزمة المعيشية وانهيار الخدمات الحيوية إلى الإفراج عن الحكومة. وسرعان ما تبين أن هذه المراهنات كانت مجرد تمنيات. وبعض الأوساط يتحدث الآن عن حاجة الفريق المؤثر في موقف الرئاسة ومحيطها، أي “حزب الله” إلى خطوة ما تنفس الاحتقان إزاء العهد وتستوعب تنامي النقمة في وسط الجمهور الشيعي على استمرار الفراغ الحكومي كرمى للتحالف مع عون، وأنه يحتاج إلى حجب الأنظار عن محاولة فك الحصار عن إيران عبر استقدام المازوت منها، وأن بمجرد وصول المحروقات بسلام وخرق الحصار لأن إسرائيل وأميركا لن تتصديان لذلك خشية التسبب بحرب، سيفرج عن التركيبة الحكومية.

 

هذه تمنيات كانت إبان تكليف الحريري تستخدم حجج التقدم المزعوم في مفاوضات فيينا بين الجانبين الأميركي والإيراني، فإذا بها تستند الآن إلى التأزم بين الجانبين لعلها تقود إلى ملء الفراغ الحكومي بعد أن يكون الحزب حقق ما أراد.

 

تسلسل الوقائع المتشابهة لا ينتهي، في وقت باتت القاعدة هي نفسها لأن الفريق الرئاسي يوهم نفسه بأنه يحكم منفرداً عن طريق اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع، والموافقات الاستثنائية، وآخرها استيراد النفط المدعوم جزئياً على سعر الـ 8 آلاف ليرة للدولار. فقرارات كهذه لا توحي بأن أسر الحكومة سيُفك.