ليس من المفترض، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، أن تنتج أية مشكلة في المنطقة من جراء التوقيع المرتقب بين الغرب وإيران على الاتفاق حول وقف برنامجها النووي مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية عنها.
الاتفاق سيفيد المنطقة، الخليج كله لم يعارضه في المطلق ولم يكن رد فعله بالحرد والانكفاء في العلاقة مع الغرب. كما لم يعتبر نفسه مخذولاً من الاتفاق في حد ذاته.
حتى إسرائيل، الاتفاق مقبول بالنسبة إليها. وبالتالي من المرجح أن يفيد الاتفاق المنطقة، فهو سيخلق أجواء مفتوحة على تفاوض بين كل الأطراف.
بالنسبة الى الانعكاسات على الملف الرئاسي اللبناني، فإن التوتر وانسداد العلاقة بين الخليج وإيران يضرّ بهذا الملف بغضّ النظر عن الاتفاق الدولي مع إيران. كان جرى تفاؤل بإمكان حصول اختراق في الملف اللبناني في مرحلة ما بعد أيلول الماضي، لدى تسوية وضع الحكم في العراق ومجيء حيدر العبادي رئيساً للوزراء، لكن الأمور لم تنسحب لا على اليمن ولا على سوريا، ولا على لبنان.
الآن هناك صعوبة نتيجة ما يحصل في اليمن وهو الموضوع الأكثر حساسية. لكن الأمر ليس مقفلاً على التفاوض هناك.
المملكة والتحالف أخذا موقفاً على الأرض لدعم شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.
إنما على الأرض أيضاً هناك الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وهناك أيضاً «القاعدة». إنه وضع كارثي. إنما الرياض تعمل على استعادة الشرعية اليمنية، ومجلس الأمن تدخّل عبر استصدار القرار 2216. التوازن الموجود في الوضع اليمني، يفترض أن يؤدي منطقياً إلى إعادة التفاوض. لكن السؤال متى سيستعاد، وكيف ستكون نتائجه؟
وتفيد المصادر، أنه كلما طال أمد الوصول الى الحلول في المنطقة، كلما تأثر لبنان سلباً، لكن في السياسة، وليس في الأمن.
الاتفاق مع إيران لا يفترض أن يؤدي إيجابية كبرى. إسرائيل ستتعايش معه، والخليج يقبل به، إنما التعويل هو على تفاهم خليجي إيراني، سيؤثر فعلاً على حل الملف اللبناني، والاتفاق مع إيران لن يؤدي الى مشكلة بالشكل الذي صيغ فيه، كما أنه قد لا يهدئ التوترات. والتوتر لا يزال قائماً. ولو كان الخليج متوتراً منه، ولو وجدت إسرائيل فيه مشكلة، لكانت التوقعات حول أوضاع المنطقة في الأشهر الثلاثة الحالية الفاصلة عن توقيع الاتفاق النهائي مع إيران في 30 حزيران، قلقة ومخيفة. سيتم التعايش مع الاتفاق المرتقب، ولن تكون هناك تحضيرات لضربة عسكرية كبيرة من جانب إسرائيل لإيران، بحسب المصادر، وذلك لأسباب عدة لعل أبرزها: أن إسرائيل لا تخالف واشنطن بصورة مباشرة وفي مسألة مصيرية إلى هذه الدرجة، كما أن الحرب على إيران ليست لعبة سهلة، ثم إنه لا يبدو أن الاتفاق يمثل خطراً على إسرائيل.
الروس في موقفهم في مجلس الأمن لدى دراسة استصدار القرار 2216 حول اليمن، تمايزوا عما يفعلونه بالنسبة الى عرض أية مسألة سورية أمام المجلس، حيث يلجأون الى «الفيتو». الروس في المبدأ لا يقفون الى جانب من ينقلب على الشرعية في الدول، هذه مسألة خطرة بالنسبة إليهم. إنه موقف مبدئي اتخذته موسكو وليس له علاقة بإيران، بحسب المصادر. السبب الثاني لموقفهم، أنهم لا يستطيعون المحاربة على كل الجبهات في المنطقة، سوريا واليمن والعراق. تصلبوا في موقفهم في الموضوع السوري، وتساهلوا في الموضوع اليمني، لأن سوريا بالنسبة إليهم أهم. السبب الثالث، أنه إذا كانت الولايات المتحدة تعمل لكي تتصالح مع إيران، فلماذا تختلف روسيا مع اليمن ومع الخليج برمته؟ لذلك أيدت شرعية الرئيس هادي.
ومن المرجح أن يتعايش أيضاً مع الاتفاق الكونغرس الأميركي، الذي لا يتوقّع أن يذهب بعيداً في مواقفه. مع أن القرار القوي للإدارة يحتاج إلى موافقة الكونغرس القوية. هناك رغبة إيرانية وكذلك أميركية بحل الملف وحل قضية العقوبات التي يريد الكونغرس أن ترفع بشكل تدريجي.
في النهاية، الاتفاق ليس معاهدة، والرئيس الأميركي باراك أوباما يبذل كل جهده مع الكونغرس لعدم العرقلة، ولكي لا يفرض عقوبات جديدة على إيران، في مسعى الى عدم الخربطة على سياسته حيث يريد حل كل المسائل بالديبلوماسية. موقف الكونغرس إذا تصعّد أكثر قد يؤثر، لكنّه لا يوقف الاتفاق، حتى انه من بين الحزب الديموقراطي الذي ينتمي اليه أوباما هناك نواب وشيوخ ضد الاتفاق مع إيران، وهناك مراجعة لموقفهم ان موقف الكونغرس مقلق، انما لدى الرئيس طرق عدة لتجاوزه. ومن بينها قدرته وفق صلاحيته الرئاسية على وضع «فيتو» على أية عقوبات جديدة قد يفرضها الكونغرس.