مُحاولات «إسرائيليّة» لعدم الاعتراف بانتصار لبنان عبر الترويج بأنّ حقل «قانا» وهمي وصغير
باتت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي أكثر جدية وواقعية، مع تبلّغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الاثنين الفائت من نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب أنّ «العرض الخطّي الذي سيرسله الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة للترسيم البحري آموس هوكشتاين، من المتوقّع وصوله الى بعبدا قبل نهاية الأسبوع الحالي». وترافق ذلك مع دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الى جلسة لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية الحادية عشرة من قبل ظهر يوم بعد غدٍ الخميس. فهل أصبحنا على قاب قوسين من الإنجاز التاريخي للبنان؟ وهل حصل التوافق الداخلي على اسم الرئيس المنتظر أم أنّ الجلسة الأولى للإنتخاب ستكون كـ «بروفا» للجلسات التي ستليها، وخصوصاً أنّ هذا الأمر بات شبه عرف في لبنان ؟!
مصادر سياسية عليمة أكّدت أنّ الحديث عن نيل لبنان مطالبه بنسبة مئة في المئة، يعني أنّ «الإسرائيلي» وافق على حصوله على الخط 23 كاملاً أي على بلوكاته الحدودية 8و9 و10على ما هي عليه، كما على حقل «قانا» كاملاً من دون أي مشاركة «إسرائيلية» في عائداته المالية، وإلّا فإنّ لبنان لا يكون قد حصل على كلّ ما يطالب به. وإذ يحاول رئيس الحكومة «الإسرائيلية» يائير لأبيد، على ما تقول المعلومات، إقناع «الإسرائيليين» بجدوى توقيع اتفاقية الترسيم البحري مع لبنان وتمريرها قبل الانتخابات النيابية في 1 تشرين الثاني المقبل، لا يزال بنيامين نتنياهو في المعارضة «الإسرائيلية»، في الوقت نفسه ينتقد لابيد على ما يقدّم من تنازلات للبنان، ومن وجهة نظره، ويتهمه بالخضوع لتهديدات حزب الله.
أمّا الأمر الأكثر استغراباً، تضيف المصادر، فهو محاولة البعض في الداخل «الإسرائيلي» الاعتراض على موقف نتنياهو من خلال إعطاء تبريرات لموافقة الحكومة على الاتفاقية، تفيد بأنّ نتنياهو «يعلم بأنّ «إسرائيل» لا تتخلَّى عن حقل غاز يساوي المليارات.. وهو يعرف أنّ الاتفاق الذي لم يجرِ التوصّل اليه بعد مع هوكشتاين هو في خطوطه العامة الاتفاق نفسه الذي سعى هو اليه، وهو يعرف أنّه لم يُعثر بعد في حقل «قانا»، والذي يسمّيه «حقلاً وهمياً»، على الغاز، وإذا عثروا عليه فالحقل صغير وليس كبيراً. ففي ذلك محاولة «إسرائيلية» واهية للترويج بأنّ حقل «قانا» ليس ذا أهمية، في الوقت الذي يُجمع فيه الخبراء على وجوده، أي أنّه ليس وهمياً، كما على احتوائه على كميات ضخمة من الغاز تساوي مليارات الدولارات.
وتقول المصادر انّ مثل هذا الكلام يأتي لتضليل الرأي العام، ولعدم الإعتراف بأنّ لبنان حقّق انتصاراً على العدو الإسرائيلي في حال أعطت الإتفاقية فعلاً للبنان كلّ ما يريده في المنطقة الحدودية البحرية. ولهذا يجري الحديث عن أنّ حقل «قانا» لا يزال حقلاً وهمياً وأنّه حقل صغير، وليس كبيراً كما يُعتقد. ولكن لو كان هكذا فعلاً لما كان امتد الى ما بعد الخط 23، بحسب التقديرات، ولما كان الجانب الإسرائيلي يُطالب بتعويض مالي عن الجزء الجنوبي منه خلال المفاوضات.
واعتبرت المصادر نفسها أنّه بعد تسلّم لبنان النص المكتوب من هوكشتاين نهاية الأسبوع الحالي، يكون قد دخل المرحلة التفاوضية ما قبل الأخيرة التي يُفترض أن تُتوّج بعد ذلك بالمرحلة الأخيرة التي تتطلّب جلوس الوفدين الى طاولة الناقورة برعاية أممية ووساطة هوكشتاين، من أجل تثبيت التوافق على بنود الإتفاقية على الخرائط فنياً وتقنياً والتأكّد منها على أرض الواقع. ومن المفترض أن يقوم السياسيون بدراسة النص ومناقشة بنوده لتعديل ما يناسب مطالب لبنان ومصلحته، إذا ما دعت الحاجة لذلك.
وأعادت المصادر التأكيد على أنّه لن يكون هناك توقيع بين لبنان والعدو الإسرائيلي على نسخة واحدة من الإتفاقية، لكيلا يفسّرها الأميركي و»الإسرائيلي» على أنّها نوع من التطبيع مع العدو. أمّا ما سيتم التوافق عليه، فسيُدرج في كتابين منفصلين يُرسله كلّ طرف على حدة الى الأمم المتحدة، على غرار المراسيم المودعة لديها، لتحل مكان المرسومين السابقين اللذين يحدّدان الحدود البحرية تبعاً للخط الجديد الذي سيتمّ رسمه بدلاً من الخطين 1 و 23 المتعارف عليهما.
ولا بدّ ، على ما ذكرت المصادر عينها، من أن يتمّ التأكيد في الكتابين على الفصل بين الترسيم البحري والبرّي لئلا يُفسّر الإتفاق على المنطقة الأمنية داخل المياه الإقليمية اللبنانية، أي عند النقطة B1 في رأس الناقورة نوعاً من الترسيم البرّي. وموقف لبنان معروف من هذه المنطقة المحتلّة من العدو الإسرائيلي، وهو لن يتخلّى عنها لأي سببٍ كان، وإن وافق على أن تكون بعهدة القوّات الدولية أو «اليونيفيل»، على ألّا يقترب منها أي من الجانبين.
وفيما يتعلّق بجلسة انتخاب الرئيس التي دعا اليها برّي غداً الخميس، فتجد المصادر بأنّه ليس من توافق حتى الآن على اسم مرشح محدّد ليتمّ انتخابه، لكن أحداً لا يدري ما الذي يُمكن أن يحصل خلالها. ولكنها رجّحت أن تكون هذه الجلسة كـ «بروفا» للمجلس النيابي الجديد، وفي حال تأمّن النصاب القانوني أي حضور 86 نائباً من أصل 128، فلا شيء يمنع النوّاب من انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.