Site icon IMLebanon

أوساط ديبلوماسيّة: لماذا يستعجل لبنان إرسال الردّ الى هوكشتاين بدلاً من اقتراح الحلول لبعض البنود المفخّخة ؟!

 

توقيع اتفاقيّة الترسيم لن يحصل قبل دراسة”المحكمة الإسرائيلية العليا” العرض الأميركي في 27 تشرين الجاري!!

 

لم يعطِ لبنان الرسمي حتى الساعة جواباً نهائياً على العرض الخطّي الذي أرسله الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود الجنوبية البحرية آموس هوكشتاين الى المسؤولين اللبنانيين عبر السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا السبت الفائت، إنَّما وضع ملاحظاته القانونية والتقنية والمنطقية التي أجمعوا عليها مع أعضاء اللجنة الفنية التقنية المختصّة. وهذا يعني بأنّ لبنان سينتظر مجدّداً موافقة الأميركي و”الإسرائيلي” عليها أو الأخذ بها في نصّ الإتفاقية النهائي المرتقب. كما سيكون عليه بالتالي تلقّي الملاحظات أو المقترحات “الإسرائيلية” الجديدة التي سيُرسلها العدو الإسرائيلي الى الوسيط الأميركي أيضاً بعد دراستها من قبل “الكابينيت” غداً الخميس، كما من “المحكمة العليا الإسرائيلية” التي أُعلن أنّها ستدرس الملف في 27 تشرين الأول الجاري، ما يحسم الجدل حول إمكانية التوقيع على اتفاقية الترسيم البحري بين الجانبين قبل انتهاء عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. علماً بأنّ الإنتخابات “الإسرائيلية” النيابية ستلي قرار المحكمة بعد أيام قليلة، إذ تجري في الأول في تشرين الثاني المقبل.

 

ويظهر من خلال الموقف “الإسرائيلي” ، أنّ استعجال الأميركي لتوقيع اتفاقية الترسيم بين لبنان و”إسرائيل”، على ما ترى أوساط ديبلوماسية مواكبة لتفاصيل عملية الترسيم البحري، يُقابله تلكؤ “إسرائيلي” ونوع من “مسرحية” عن احتدام الصراع في الداخل بين رئيس الحكومة المؤقتة يائير لابيد ورئيس المعارضة رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، الى حين إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة. فإذا بقي لابيد يبقى ما جرى الإتفاق عليه مع لبنان بوساطة أميركية على حاله، أمّا في حال عاد نتنياهو ، فإنّ تعديلات عدّة ستطرأ على بنود مسودة الإتفاقية، وقد يقوم هذا الأخير بنسفها من أساسها..

 

ولهذا لم يكن على لبنان الإستعجال في درس العرض الخطي وإرسال الردّ عليه الى هوكشتاين خلال يوم أو يومين فقط، على ما أضافت الاوساط، حتى وإن كان البعض يتمنّى حصول التوقيع على الإتفاقية في أسرع وقت ممكن لتُسجّل إنجازاً لعهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. علماً بأنّ البعض الآخر يريد أن يقوم الرئيس عون شخصياً بالتوقيع على هذه الإتفاقية لكي يُلام وحده فيما بعد دون سواه، في حال حصل إخفاق ما في تنفيذها، أو استغلّ العدو الإسرائيلي إحدى الثغرات فيها لمصلحته، كونه يأخذ وقتاً كافياً لدراسة بنودها من جميع النواحي، وعلى مختلف المستويات السياسية والأمنية والقانونية.

 

ولفتت الاوساط الى أنّ إشكاليات عدّة تنصّ عليها مسودة الإتفاقية الموضوعة في عشر صفحات تحتاج الى بعض التوضيحات، أبرزها المسألة المتعلّقة ب “خط الطفّافات”، أو “خط العوّامات” الذي وضعه “الإسرائيلي” في البحر بعد انسحابه من جنوب لبنان في العام 2000. فهذا الخط يبدأ من رأس الناقورة عند النقطة 31 ويبعد عنه نحو 5 كيلومترات ويمتدّ الى ما يُقارب الكيلومتر في البحر، ثمّ ينحدر ليلتقي في آخره مع الخط 23. وإذا جرى اعتماد النقطة 31، فإنّ رسم الخط البحري سيختلف. وهذا يعني بأنّ لبنان لا يحصل في العرض الأميركي على الخط 23 “كاملاً” ، لأنّ هوكشتاين قد اجتزأ منه مساحة لا بأس بها تصل الى خط العوّامات البحرية، ليجعل منها منطقة أمنية عازلة تحت سيطرة قوّات “اليونيفيل” البحرية. فضلاً عن أنّه يقسم حقل “قانا” الى نصفين شمالي وجنوبي، على أن يُعطى العدو الإسرائيلي تعويضات مالية، لم يجرِ تحديدها في الإتفاقية من قبل شركة “توتال” الفرنسية المشغّلة للبلوك 9، ما يعني بأنّ لبنان لن يحصل بالتالي على حقل قانا “كاملاً ” كما يُروَّج.

 

وفيما يتعلّق ببند عدم الترابط بين الترسيم البحري والبرّي، فيحتاج أيضاً الى توضيح، إذ تخشى الأوساط نفسها، من أن يقوم العدو الإسرائيلي باستخدام لاحقاً الرقعة البريّة التي ستكون بقيادة “اليونيفيل” في خط الطفّافات، وهي الرقعة 72 في الترسيم البرّي، بهدف التطبيع مع لبنان الذي يرفضه جملة وتفصيلاً.

 

وإذ تجد الاوساط في توقيع الإتفاقية نوعاً من الهدنة الطويلة الأجل مع العدو الإسرائيلي، كونها ستمتد الى السنوات الخمس المقبلة على أقلّ تقدير، أو استكمال لاتفاقية الهدنة في العام 1949، وأشارت الاوساط الى أنّ حزب الله لا يعتبرها كذلك. فقد صرّح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، أنّ توقيع الإتفاقية لن يكون بمثابة معاهدة سلام مع العدو، إذ أكّد أخيراً أنّه “لا يُمكن أن ننام ونغفل عن حقّنا، ونعرف أن الصّراع مع الإسرائيلي حتى لو رُسّمت حدودنا سيبقى قائماً”.

 

وفيما يتعلّق باستقالة رئيس الوفد “الإسرائيلي” الى طاولة المفاوضات، فتجده الأوساط أمراً طبيعياً لأنّ “الإسرائيلي” اعتاد على تحقيق الربح في كلّ اتفاقية يقوم بها، وقد استقال بسبب ما يعتبره “تنازلات” للبنان، وكان سبق وأن رفض العدو الإسرائيلي “خط هوف” في العام 2012 الذي أعطاه نحو 45% مقابل 55% للبنان من المساحة المتنازع عليها بمساحة نحو 860 كلم والتي تقع بين الخطين 1 و23. وعزا أحد المسؤولين “الإسرائيليين” يومذاك سبب الرفض الى أنّ “بلاده لم تعتد على أن تحصل على نسبة 45% من أي إتفاقية مع طرف آخر”، على ما روى السفير فريديريك هوف بعد سنوات من فشل وساطته.

 

فأي إتفاقية تنتظر لبنان، على ما تساءلت الأوساط، وما هي هذه الاتفاقية الغريبة العجيبة التي تعطي كلّ طرف 100 في المئة من وجهة نظرهمن حقوقه البحرية، إذ وصفها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بأنّها “قمحة ونصف”، في الوقت الذي أكّد فيه لابيد أنّها “تؤمّن المصالح الاقتصادية والأمنية لبلاده بنسبة مئة في المئة، وتعطيها أرباحاً في حقل نفط إضافي”؟! وإلى متى سيطول الأخذ والردّ، هل حتى 14 تشرين الأول الجاري، الذكرى السنوية الثانية لبدء المفاوضات غير المباشرة للترسيم التي توالى عليها وسطاء أميركيون عدّة من ديفيد ساترفيلد الى جون دي روشيه، الى ديفيد شينكر وصولاً الى هوكشتاين، أم الى ما بعد 27 تشرين الجاري أم الى ما بعد 1 تشرين الثاني المقبل؟!