دخلت ملاحظات لبنان على مسودة ترسيم الحدود البحرية، التي نشرتها «الأخبار» أمس، على خط العاصفة السياسية التي تشهدها إسرائيل بين مؤيدي الاتفاق ومعارضيه. ورغم السجال الحاد بين رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو الذي اتهم رئيس الحكومة يائير لابيد بالخضوع والاستسلام للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ورد الأخير باتهامه بتنفيذ سياسة حزبية تروج لدعاية نصرالله، إلا أن «ملاحظات لبنان» احتلت حيزاً مهماً في المشهدين السياسي والإعلامي. ودفعت البعض إلى فرملة الاندفاع في تقديراتهم إزاء الاتفاق، وانعكس ذلك في تقارير عدد من المعلقين السياسيين التي تناولت ما قد يترتب على ذلك من نتائج.
ونقل موقع «واللا» عن «مصدر سياسي رفيع المستوى قوله رداً على ما ورد في صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله بشأن الاتفاق البحري: رئيس الحكومة يائير لابيد لن يوافق على أن يبدي مرونة بشأن مصالح إسرائيل الأمنية والاقتصادية. نحن ننتظر الحصول على الملاحظات بشكل رسمي من الجهات المخولة بذلك لكي نعرف إذا كنا سنتقدم وكيف سنتقدم». وأضاف أنه «في حال كانت هذه التقارير دقيقة وكانت هذه فعلاً الملاحظات اللبنانية على المسودة، فإنها تقلص بصورة مهمة فرص التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة».
ويبدو أن هذه الحملة السياسية الإعلامية مدروسة في أهدافها خصوصاً أنها تتعلق بمرحلة ما قبل الحسم النهائي للاتفاق. وفي هذا الإطار، لفت المعلق السياسي في «واللا» باراك رابيد إلى أن الملاحظات اللبنانية تتعلق بمطلبين في الاتفاقية، يعدان بمثابة خط أحمر بالنسبة لإسرائيل، وهما ضمان المصالح الأمنية وضمان حصة إسرائيل من الأرباح المحتملة. وحذر المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل من أنه في حال لم يتم التوقيع على الاتفاق أو تم التراجع عنه بعد الانتخابات، فإن ذلك سيفاقم خطر المواجهة مع حزب الله.
مع ذلك، أعرب وزير الحرب الإسرائيلي بني غانتس عن أمله بالتوقيع على الاتفاق وإنشاء منصتين للبنان وإسرائيل. معتبراً أن «السؤال هو: هل سنصل إلى هذه النتيجة مع تصعيد أو من دونه؟». ولفت إلى أن الاتفاق بخصوص الحدود البحرية «لا يعني أنه لن يحصل أي احتكاك مع حزب الله في أماكن أخرى، لكن في حال لم يحل موضوع البحر عندها ستستخدم مناطق أخرى كأدوات لنوع من التصعيد». ورأى غانتس أنه عندما تكون للطرفين بنى تحتية استراتيجية مقابل بعضها البعض، ولدى كل منهما ما يستفيد منه، فهو أمر يبث الاستقرار. وكان لافتاً أن القيادة السياسية تروج لتبرير الاتفاق أيضاً بأنه سيسهم على المدى البعيد في تقليل ارتباط لبنان بإيران وفي التخفيف من تأثير طهران!
في المقابل، تناول موقع «غلوبس» الاقتصادي ما أسماه تخلي إسرائيل عن المواقف التي تشبثت بها على مدى عقد. وأوضح أن التنازل الإسرائيلي تحقق في الأسابيع الأخيرة، وشمل تنازلاً كاملاً عن كل الـ 860 كيلومتراً مربعاً التي كانت موضع خلاف، بما في ذلك التنازل عن الإدارة المشتركة للحقل (قانا) الذي كان مهماً لإسرائيل من ناحية استراتيجية. ونقل عن مصدر إسرائيلي رفيع أن موقف إسرائيل إلى ما قبل عدة أشهر كان بأنه لا منطق في أن تتنازل إسرائيل أكثر لأنها الجهة القوية، سواء اقتصادياً أو بالطاقة. في حين أن لبنان يواجه أزمة اقتصادية وأزمة طاقة خطيرة. وفي ضوء ذلك، المنطق يقول إن لبنان هي الجهة التي ينبغي أن تتنازل.
ad
وكشف «غلوبس» أن الضغوط ازدادت على شركة «إنيرجيان» لتأجيل بدء استخراج الغاز المخطط له، من أجل تجنّب مواجهة إنذارات حزب الله. وأكد أنه رغم نفي وزارة الطاقة، فإن «ما لا يقل عن ثلاثة مصادر أكدت أن الضغط مورس على الشركة، والدولة نفسها سوّفت، ولا يزال استخراج الغاز يواجه عراقيل». وأشار الموقع إلى أن «التنازلات المبالغ بها التي قدمتها إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، دفعت المنسّق المهني أودي أديري، الذي يواكب المفاوضات منذ مدة طويلة، إلى الاستقالة.
وفي السياق نفسه، رأت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن لابيد لا يريد أن يعترف بشكل صريح بأن هذه الصفقة تهدف إلى شراء الهدوء من حزب الله.
وفي ما يتعلق بالبعد القانوني، فإن التقديرات السائدة الآن في إسرائيل هي أن المستشارة القانونية ستفوض الحكومة التصويت على الاتفاقية، مع الالتزام بتقديمها إلى الكنيست، من دون الحاجة إلى إقرارها منه، وهو ما يحظى بدعم وزير القضاء جدعون ساعر ووزير الأمن بني غانتس.