اذا كان فيلم «شيفرة دافنشي» اقام الدنيا ولم يقعدها يوم عرضه على الشاشات فان «شيفرة» رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط لا تزال اصداؤها تتردد عميقة في كواليس الاروقة السياسية كون صاحب الازمة «الى اين؟» يشهد له حسن الاستشراف والرجم بالغيب السياسي لما يملكه من صداقات لا تبدأ بباريس العاصمة الفرنسية ولا تنتهي بصداقته العميقة مع السفير جيفري فيلتمان الذي يسميه جنبلاط تحببا بـ «الصديق جف» الذي يشغل موقعا مهما في الجمعية العامة للامم المتحدة حيث خزانات الاسرار والمطابخ التي تقرّر مصير الشعوب والامم وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
تغريدة جنبلاط التي اعلن فيها ان «كلمة السر وصلت الله يستر» وضيفا في تغريدة اخرى «مشفرة» انحرقت الحلبة المحلية بالاسئلة وعلامات الاستفهام لا سيما وان البلاد على عتبة انتخاب رئىس للجمهورية كونها حمالة اوجه كثيرة وقد توقف المراقبون امام كلامه «الله يستر» وما يعنيه بذلك وما يقلقه من وصول الجنرال ميشال عون الى رئاسة الجمهورية كونه سبق له وان جمعته الحرب به وسألت الاوساط هل يخشى جنبلاط من الهدوء الذي ظل كلمة عون في ذكرى 13 تشرين واحتوت ما يشبه برنامجه الرئاسي على خلفية ان «الطباع تغلب التطبع» وان المزاج الناري للجنرال غاب عن خطابه وفق قاعدة «تمسكن ليتمكن» تمهيدا لوصوله الى بعبدا.
وتضيف الاوساط اما الكلمة الثانية التي شغلت المنهمكين في مراقبة سير المعركة الرئاسية في كلام جنبلاط ان كلمة السر «مشفرة» فهل يعجز جنبلاط عن فك رموزها ام انه لن يبوح بما توفر لديه من معلومات حول الطبق الرئاسي لا سيما وانه على تواصل مع السعودية عبر الوزير وائل ابو فاعور الذي ينشط على خط بيروت – الرياض دون ان يفصح عن لقاءاته ومستواها في قيادة المملكة فهل التقى رئىس جهاز الاستخبارات في المملكة كما تجري العادة ام من هم دونه رتبة في زيارته الاخيرة؟ وهل صحيح ان ابو فاعور عاد بمحصلة ان السعودية غير مهتمة بانجاز الاستحقاق الرئاسي ولا مبالية باسماء المرشحين لملء الشغور في بعبدا وانه على اللبنانيين تقليع شوكهم بايديهم كون لدى المملكة اهتمامات اخرى وفي طليعتها المجريات الميدانية في العراق وسوريا واليمن اضافة الى علاقتها المضعضعة مع مصر.
وتشير الاوساط الى ان جنبلاط اوفد نجله تيمور الى عين التينة يرافقه النائبان اكرم شهيب وغازي العريضي لاستيضاح موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري حيال رفضه المطلق للسير بعون مهما كانت التكاليف وانتقاله الى خانة معارضة «العهد العوني» قبل ان يصير «الفول بالمكيول» يبني على الشيء مقتضاه، لا سيما وان «ابو تيمور» عالق بين مطرقة بيت الوسط وسندان الرابية، الا ان كلام العريضي من عين التينة بعد الاجتماع ببري يشير الى ان جنبلاط ونواب «اللقاء الديموقراطي» سيصوتون للجنرال ولكن ليس بالاجماع، فلرئيس الحزب الاشتراكي حسابات بميزان الصيدلاني تتعلق بالانتخابات النيابية اولاً وبزعامة وريثه ثانياً، فهو لن يستعدي سنة الاقليم ومسيحيي الجبل الذين يشكلون الاكثرية الناخبة، واذا كان جنبلاط يرى في وصول عون الى بعبدا – الكأس المرة منسجماً بذلك مع بري، الا انه مضطر لشربها خلافاً للاخير الذي يحصنه تحالفه مع «حزب الله» على خلاف سيد المختارة العاري كالسيف في لعبة التحالفات وربما يتفهم بري بعمق موقف جنبلاط حيال السير بعون على قاعدة «مكره اخاك لا بطل».