Site icon IMLebanon

“خدمة التوصيل” تخرق إجراءات الحجر وتتحوّل إلى قطاع قائم بحدّ ذاته

 

جمعت بين استمرار المؤسسات والمحافظة على الصحة بعيداً من مخاطر “كورونا”

 

 

برزت في الآونة الأخيرة مع استفحال وباء “كورونا”، كلمة “Delivery”، أو ما يعني توصيل الطلبيات، بشكل واسع. فازدهر العمل في هذا المجال بصورة ملحوظة، مستفيداً من استثنائه من إجراءات الإغلاق ومنع التجول، وحاجة المواطنين الكبيرة للحصول على الحاجات الأساسية والكمالية. فاتجهت مؤسسات تجارية ومطاعم عدة إلى إدراج قسم التوصيل من ضمن قائمة خدماتها، وأخذ هذا المجال يتحوّل إلى قطاع قائم بحد ذاته.

 

كانت خدمة “التوصيل” في بداية ظهورها تقتصر على المطاعم فقط. أما في الوقت الحالي بعد انتشار التجارة الإلكترونية بشكل واسع، اتجه العديد من المستثمرين إلى تأسيس هذا النوع من الشركات المتخصصة. فعادت هذه المشاريع على المجتمع بالفائدة من عدة نواحٍ، وتحوّل التوصيل من “خدمة” إلى “مهنة” توفر فرص عمل لعدد كبير من الشبان العاطلين عن العمل.

 

حلٌ يراعي الإقتصاد والصحة

 

كثيرة هي المطاعم التي لجأت إلى خدمة توصيل الطلبيات. حيث عملت على تحسينها وتطويرها منذ بدء انتشار وباء كورونا، فكانت الحل الوحيد الذي يراعي الإقتصاد والصحة في الوقت نفسه. وعلى الرغم من أن قطاع المطاعم كان السبّاق بإطلاق خدمة توصيل الطلبيات، فقد اقتصرت الفكرة على المطاعم العادية ولم تطل الفاخرة منها. ولكن مع تغيير نمط الحياة وانتشار الوباء مع ما يرافقه من قيود وقائية والتزام الحجر المنزلي، اضطُرّ بعضها إلى اللجوء لهذه الخدمة بهدف الاستمرارية والحفاظ على اسم المطعم، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الصعبة. وعمدت المطاعم التي كانت معتادة على هذه الخدمة إلى تطويرها وتحسينها لتلبية حاجات الزبائن خلال الحجر الصحي من جهة، ولضمان إستمراريتها وتفادي الإقفال بالكامل من الجهة الأخرى.

 

تطور خدمة التوصيل

 

الطلب على خدمة التوصيل كسر الجمود في قطاع الأعمال بشكل نسبي. و”في الوقت الذي كان فيه معدل طلبيات الدليفري لا يتخطى الـ 20 طلبية يومياً، ارتفع هذا المعدل ليصل إلى ما بين 80 و100 طلبية في اليوم الواحد، بحيث يكون الضغط الأكبر في أوقات المساء”، يقول صاحب مطعم “Sud” ميشال يزبك. كما وبدوره يؤكد صاحب مطعم Lamb House إبراهيم أبو العز “إرتفاع عدد توصيلات “الدليفري” منذ بدء جائحة كورونا حتى اليوم”.

 

الإستمرارية لا الربحية

 

ازدياد الطلب على خدمات التوصيل ترافق مع ارتفاع ملحوظ في كلفتها. فـ”تلاعب سعر الصرف، وارتفاع أكلاف التغليف من ورق، وكرتون، ونايلون، وأدوات بلاستيكية… حتّم على المطاعم زيادة أكلاف التوصيل على أسعارها، بعدما كانت تقدم هذه الخدمة بشكل شبه مجاني”، بحسب يزبك. “فمعدل الربح في المطاعم تراجع كثيراً، ولم يعد يتجاوز 5 في المئة. وما الإستمرارية وتنويع الخدمات إلا للحفاظ على الإسم وتفادياً لصرف الموظفين وتركهم دون عمل وراتب”. كما يؤكد أبو العز أيضاً “أهمية التركيز على الإستمرارية في الوقت الحاضر وليس على الربحية”. وبرأيه فانه “من الصعب الوصول الى المعدل الربحي المعتاد الذي كنا نعتمده من قبل، ونحن كمطعم موجود في السوق لأكثر من 50 سنة، من الصعب أن نرفع الأسعار على أساس تحقيق أرباح هائلة”.

 

الدليفري الشامل

 

الفورة التي أحدثتها ظروف الحجر العام في مجال خدمة التوصيل، أدت إلى نشوء شركات “Delivery” شاملة ومستقلة تبيع خدماتها للمطاعم والمتاجر ومختلف المؤسسات التي تهدف إلى تسويق بضائعها ومنتجاتها عبر الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي. فانضمت مهنة جديدة إلى خانة المهن الخدماتية المتوفرة في لبنان. وكثيرة هي المطاعم او المؤسسات التي لجأت للتعامل مع هذه الشركات المخصصة لـ”الدليفري”، مثل تطبيق “Totters” و”Zomato” … وغيرها الكثير. كما ارتفع عدد الموظفين والسائقين فيها، بهدف تلبية حاجات المستهلكين بشكل أفضل وأسرع. وفي هذا السياق يقول الصحافي والخبير في مواقع التواصل الإجتماعي عمر قصقص، إنه “إضافة الى الضغط الذي تشهده هذه التطبيقات والتحفيزات التي تقدمها، لقد أثبتت مصداقيتها وأصبحت المرجع الوحيد لدى اللبنانيين. كما وأصبحت جميع الأجيال تستعمل هذه الخدمة لتسهيل عملية الشراء. بحيث أن نسبة المستخدمين لهذه التطبيقات تصل إلى 35 في المئة”. ويشير قصقص إلى “أهمية دور مواقع التواصل الإجتماعي كـ “Facebook” و Instagram” وحتى “Whatsapp ” لزيادة الولوج واستعمال هذه التطبيقات، بحيث يتبادل المستهلكون ومحبو المطاعم الآراء، ويقيّمون النتائج”.

 

إنه عصر الأعمال التجارية عبر الإنترنت online business. فهو يسهّل عملية الشراء، ويوفّر على المستهلكين جهداً ووقتاً كبيرين، ويخفف خطر الإختلاط، ويُبعد عنهم شبح الإصابة بكورونا. كما أن مستهلكين عدة اكتشفوا المنافع الكثيرة للشراء عبر الإنترنت، وأصبحوا يطلبون الملابس والأحذية والمعدات الرياضية والمنزلية، وغيرها الكثير من الحاجات عبر المواقع والتطبيقات المختصة. هذا ويعيد الكثير من المؤسسات التي لا تقدّم خدمة التوصيل إلى المنازل بسبب طبيعة المؤسسة ونوع السلع التي تبيعها النظر بشكل جدي باضافة هذه الخدمة. فالاعباء الملقاة على عاتق الشركات من أجور وإيجارات وأكلاف وبدلات أصبحت غير محمولة في ظل تراجع الأعمال. وعلى المؤسسات أن تواكب متطلبات العصر للحفاظ على صمودها واستمراريتها.