IMLebanon

شركات التوصيل في زمن الحرب

 

تُشكّل شركات التوصيل جزءاً أساسياً من نظام التجارة الإلكترونية، إذ تساهم في تسهيل وصول المنتجات والخدمات إلى المستهلكين. وبحسب تقرير البنك الدولي الصادر عام 2023، قُدِّرت قيمة التجارة الإلكترونية في لبنان بحوالى 400 مليون دولار أميركي.

يشير التقرير إلى أنّ هذه القيمة تمثل جزءاً من الاقتصاد اللبناني الذي يعاني من انكماش حاد نتيجة الأزمات المتعدّدة، بما في ذلك انهيار النظام المصرفي.

 

وعلى رغم من هذه التحدّيات، شهدت التجارة الإلكترونية نموّاً ملحوظاً، إذ أصبحت منصة حيوية للأعمال التجارية خلال فترات الأزمات.

 

في فترة كورونا، ظهر نمو لافت للعديد من شركات التوصيل، فتضاعف اعتماد المستهلك والمحلّات التجارية على هذا القطاع، وارتفعت الطلبات بنسبة 30% إلى 50% وتضمّنت شراء البضائع والمنتجات، بالتالي ساهم قطاع التوصيل في تمكين آلاف المتاجر الإلكترونية وصولاً إلى إتمام المعاملات الرسمية.

 

هنا لا بُدّ من تسليط الضوء على توفير هذه الشركات فُرَص عمل واسعة للعاملين، سواء كسائقين أو في الإدارة والخدمات اللوجستية، وتُقدّر أعداد الموظفين في هذا القطاع من 10 آلاف إلى 15 ألف موظّف.

 

في المجال الاقتصادي، دعم قطاع التوصيل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكّل 90% من الاقتصاد اللبناني، وقد ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على استمرارية التجارة.

 

كيف تكيّفت شركات التوصيل مع الحرب الأخيرة على لبنان؟

 

واجهت شركات التوصيل تحدّيات كثيرة في ظل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، كونها تتعامل مع الزبائن في مختلف المناطق اللبنانية، من ضمنها المناطق التي تعرّضت إلى القصف، فشكّلت عائقاً كبيراً أمام السائقين في تنقلهم بشكل حُرّ، بالإضافة إلى إلغاء كميات كبيرة من الطلبات بسبب النزوح المستمر بشكل سريع ومفاجئ وفي فترات متفاوتة، ما أدّى إلى تراجع كميات الطلب والتوصيل.

 

عوضاً عن التعديلات في استراتيجية العمل داخل الشركات، بسبب تعرّض الموظفين إلى النزوح، أو التردّد في تنقّلهم إلى أماكن العمل مُتخوّفين من الخطر المحدق على لبنان، عمدت إدارة الشركات إلى إعادة توزيع الطلبات لتجنّب المناطق الخطرة أو التي تتعرّض إلى القصف، فاتجهت إلى تقليص ساعات العمل بحسب نوعية التصعيد خلال اليوم، وفعّلت حالة الطوارئ في فترة الحرب عبر السماح للموظفين الذين يمكنهم العمل من بُعد بالبقاء في المنزل. بالإضافة إلى زيادة مهام على قسم الموارد البشرية، للبقاء على اتصال مع الموظفين المحاطين بالخطر قرب أماكن السكن الخاص بهم.

 

أما إذا أردنا التصويب على الشركات التجارية التي كانت تعتمد على قطاع التوصيل، فقد اتجه عدد منها إلى الإغلاق مع توسع العدوان الإسرائيلي على لبنان، خصوصاً في الجنوب، البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.

 

 

وأوضح الرئيس التنفيذي للاستراتيجية في شركة «وكلني»، المدى الذي تأثرت به الشركة خلال الحرب، خصوصاً أنّ المحلّات التجارية التي تتعامل مع الشركة، تُعدّ من متوسطة أو صغيرة، وينتشر أصحابها في مختلف المناطق اللبنانية المهدّدة بالقصف، بالإضافة إلى توزّع المستهلكين على النطاق الواسع نفسه.

 

وذكر أنّ عمل الشركة يُركّز بشكله الأساسي على التنقّل في مختلف أنحاء المناطق، فبرز التأثير في انخفاض عدد الطلبيات وتوزيعها، ما جعل الشركة تنتقل إلى مرحلة القيام بدورها الإنساني في هذه المرحلة الحساسة.

 

فبالإضافة إلى مساهمة الشركة في التوصيل المجاني للمساعدات إلى النازحين، عمدت «وكلني» إلى ترجمة عملها في دعمها للنازحين عبر خطوتَين: الأولى ترتكز على دعم المبادرات الفردية والجمعيات بحسب الحاجة، وقد ساعد تنفيذ هذه الخطوة، العلاقة المبنية مع أصحاب المتاجر التي تتعامل مع «وكلني» التي قرّر جزء منها الانخراط في تقديم المساعدات.

 

والخطوة الثانية تمثّلت بتوجيه الفريق التكنولوجي لوضع جهوده في إطار تجميع المبادرات ووضعها ضمن موقع يَسهُل الوصول إليه لمَن يرغب في دعمها.

 

 

وأضاف الرئيس التنفيذي للاستراتيجية في «وكلني»، أنّ ما قدّمته الشركة خلال هذه الأزمة يتعلق بـ»القِيَم التي تركّز عليها الشركة من ناحية مسؤوليتها الأخلاقية أمام المجتمع، وهذه القيم تساهم في الحفاظ على العلاقة الودية مع الزبائن والمستهلكين، وهذا يصبّ في مصلحة الشركة».

 

في ختام حديثه، أكّد على أنّ «العديد من الشركات الصغيرة هي شركات غير رسمية ما، أثّر عليها بشكل كبير خلال الأزمات على رغم من أنّها تؤثر إيجاباً عبر دعمها للاقتصاد اللبناني، وهذا ما لا يشعر به المسؤولون بشكل ملموس، ما جعل «وكّلني» تأخذ على عاتقها نقل بضائع البعض من هذه الشركات والحفاظ عليها في مكاتبها»

 

المتمرّدون يقتحمون مدينة رئيسية أخرى في سوريا

بن هابارد- نيويورك تايمز

في انتكاسة جديدة قوية للرئيس السوري بشار الأسد، انسحبت القوات الحكومية من مدينة حماة بعد تقدّم المتمرّدين.

إقتحم المتمرّدون السوريّون مدينة حماة، يوم أمس الخميس، بينما انسحبت القوات الحكومية، في انتكاسة جديدة مذهلة للرئيس بشار الأسد

 

وجاء التقدّم السريع في حماة، الذي أكّدته كل من الجهات المتمرّدة والحكومة السورية، بعد أيام قليلة من توسيع المتمرّدين سيطرتهم على حلب، وهي مركز رئيسي في شمال سوريا.

 

لقد أدّى التقدّم المفاجئ للمتمرّدين إلى تغيير خطوط المواجهة في الحرب الأهلية السورية التي استمرّت 13 عاماً للمرّة الأولى منذ سنوات، ممّا أضاف صورة جديدة من عدم القدرة على التنبّؤ في صراع دمّر البلاد وأدّى إلى أزمة لاجئين طويلة الأمد في العديد من الدول المجاورة (الأردن، تركيا ولبنان).

 

ويَعزو المحلّلون النجاح المفاجئ للمتمرّدين إلى التآكل التدريجي لقوات الأسد بسبب الحرب، وإلى حقيقة أنّ الحلفاء الأجانب الذين تدخّلوا بشكل قوي لدعمه في الماضي – لا سيما روسيا وإيران وجماعة «حزب الله» اللبنانية المسلّحة – منشغلون الآن بأزماتهم الخاصة.

 

«حزب الله»، المدعوم من إيران، يتعافى من حرب مع إسرائيل أودت بحياة العديد من قادته وشرّدت العديد من مؤيّديه. أمّا روسيا – التي أرسلت قواتها العسكرية لقصف مناطق المتمرّدين، ممّا غيّر مجرى الحرب لصالح الأسد منذ سنوات – فقد حوّلت اهتمامها نحو غزوها لأوكرانيا.

 

المتمرّدون الذين يقفون وراء هذا الهجوم هم مزيج من قوات تقودها «هيئة تحرير الشام»، التي تطوّرت من فرع تابع لتنظيم القاعدة. لكنّ الجماعة تدّعي بأنّها قطعت علاقاتها مع المنظمة الإرهابية العالمية.

 

كما انضمّت إلى القتال مجموعات أخرى مدعومة من تركيا وتتمركز في أراضٍ سورية جنوب الحدود التركية مباشرة.

 

وأعلن المتمرّدون يوم الخميس أنّهم دخلوا مدينة حماة، وهي واحدة من أكبر المدن في سوريا. وأعلن قائد متمرّد، المقدّم حسن عبد الغني، في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي، أنّ القوات الحكومية كانت في «حالة كبيرة من الارتباك»، مع فرار الجنود والقادة من مواقعهم.

 

وأصدرت القوات المسلحة السورية بياناً خاصاً بها، أعلنت فيه أنّ قواتها انسحبت من المدينة بعد أن اخترق المتمرّدون دفاعاتها.