Site icon IMLebanon

«العصر الذهبي» للـ«دليفري»: التوصيل من خدمة إلى مهنة

 

في الإقفال العام الأول في آذار الماضي، مع بداية جائحة «كورونا»، بدأ «العصر الذهبي» لعمّال الـ«دليفري» مع إدراجهم في لائحة الاستثناءات. ازداد الطلب في ظل منع التجول على خدماتهم في مهنة لا تسدّ جوعاً. وتحوّل «التوصيل» من خدمة إلى مهنة توفر فرص عمل لعدد كبير من الشبان العاطلين عن العمل.

 

مع بداية الجائحة، «زاد الشغل» على حسن حمود، فاستعان برفاق لمساعدته في توصيل الطلبيات ضمن نطاق بيروت والجنوب، قبل أن ينشئ مشروع «شركة» باسم «واصل عبيتك» تعيل اليوم 17 عائلة.

لكن الزيادة التي يشهدها عمل هؤلاء لم «تعدّل» أوضاعهم بسبب الأوضاع المعيشية والأزمة الاقتصادية. «كأننا بعدنا ع الأول»، يقول هشام عمر الذي لجأ إلى تلك المهنة بعدما خسر عمله في أحد الفنادق بعد انفجار مرفأ بيروت. كان هذا العمل «الوحيد المتوفر»، خصوصاً مع امتلاكه «المؤهّلات» المطلوبة: الدراجة النارية. يبدأ هشام عمله منذ الصباح وحتى «الله يقدّر». قبل الإقفال العام، كان يوصل الألبسة ومستحضرات التجميل للزبائن. اليوم، «معظم الطلبيات مأكولات كالدجاج والخضار». صحيح أن الطلبات كثرت، إلا أن هذه «الشغلة لا تطعم خبزاً». «غلّة» أسبوع كامل، وصلت إلى 105 آلاف ليرة هي «ثمن غالون زيت»! مع ذلك، يبقى «أفضل من لا شيء». وهي حال علي خشن الذي يعمل في خدمة التوصيل في أحد الأفران. إذ أن «2000 أو 3000 ليرة على كل توصيلة أفضل من لا شيء». يوصل خشن يومياً «طلبيات» كثيرة، وفي بعض الأحيان يستعين بـ«موظف» آخر يساعده في توصيل الطلبات إلى الأماكن البعيدة.

 

حرمت خدمة التوصيل كثيرين من ممارسة «التنقاية» و«المحارجة»!

 

 

رغم ذلك، «الرفاهية» التي يؤمّنها هؤلاء لزبائنهم لا تُرضي كثيرين لسببَين أساسيين: أولهما الامتعاض من «نوعية» البضائع، وثانيهما الكلفة. في الشق الأول، يروي عمال التوصيل ما يواجهونه مع الزبائن. فبعضهم يشكو من أن «الخضار والفاكهة التي تصلهم ليست من وجه الصحّارة أو أن الدّكنجي اختار لهم أغلى أنواع المنتجات». كما هي حال زهراء حسن التي تطلب كل احتياجاتها عبر الـ«دليفري»، لكن «مرغمة، لأنني أحب أن أختار الأصناف والأنواع بنفسي، لا أن يختار البائع ما يرسله لي على ذوقه»، مشيرة إلى أنه في أحيان كثيرة «تصلني الخضار مهترئة وباهظة الثمن، بينما كنت سابقاً أختار الأصناف حبة حبة وأرخصها». أضف إلى ذلك أن خدمة التوصيل حرمت الزبائن من «محارجة» البائع على ثمن السلعة، فيما باتت الكلفة التي يدفعها لقاء وصول الطلب تشكّل «مصروفاً إضافياً»، على ما تقول فاطمة شحرور. لذلك «أعمل على تجميع كل احتياجاتي اليومية وطلبها مرة واحدة»، وتقول ساخرة: «تخيّل مثلاً تدفع 5000 ليرة لتصلك ربطة الخبز إلى البيت».

يبقى أن قلة من المستهلكين أعجبهم «الدلال»، انطلاقاً من أن الـ«دليفري» يسهّل عملية الشراء ويوفّر عليهم جهداً ووقتاً كبيرين. والأهم أنه يُبعد عنهم شبح الإصابة بكورونا. فـ«عندما تصلني الأغراض إلى البيت لن أبقى قلقاً من خطر الاختلاط في كل محل أقصده»، يقول راجي كيروز.