IMLebanon

الكرة في ملف الترسيم خارج ملعب لبنان مُجدّداً.. فهل تُوقّع الإتفاقيّة خلال أسبوعين أم تؤجّل الى ت2؟!

تطمينات لبنانيّة عن أن “توتال” ستدفع “للإسرائيلي” من حصّتها في حقل “قانا”.. ولكن من يضمن التنفيذ؟!

 

عادت الكرة مرّة جديدة الى ملعب الأميركي و”الإسرائيلي”، ويبدو أنّها لن تعود الى لبنان قبل نحو أسبوعين. فقد سلّم لبنان مساء الثلاثاء المنصرم ردّه الى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، على مسودة الإتفاقية التي كان أرسلها اليه في عرض خطي مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا السبت الفائت، وبات ينتظر الآن إطلاع العدو الاسرائيلي عليه ونقل الجواب النهائي من هوكشتاين. وتضمّن الردّ ملاحظات وتعديلات قانونية ومنطقية، وقد تحفّظ لبنان على الخوض في تفاصيلها، من دون أن يعطي موافقته النهائية على نصّ الإتفاقية. غير أنّ الردّ اللبناني الرسمي الخطّي هذا، يُمكن اعتباره “آخر الكلام” لما يريده لبنان بالنسبة لترسيم خط حدوده البحرية، فيما يجري التفاوض حوله منذ بدء مهمة هوكشتاين كوسيط أميركي بين الجانبين منذ نحو عام.

 

وتقول أوساط ديبلوماسية مواكبة لملف ترسيم الحدود البحرية، بأنّ نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب قد أعطى خلال حديثه التلفزيوني الأخير توضيحات عدّة لبعض الإشكاليات التي طرحها بعض الخبراء والقانونيين المهتمين بملف الترسيم وبحصول لبنان على حقوقه البحرية كاملة. ولعلّ ما قاله حول تأكيد عدم وجود أي شراكة بين لبنان والعدو الاسرائيلي، إذ يعود حقل “قانا” بكامله للبنان، فيما الشركة المنقّبة والمشغّلة أي “توتال” الفرنسية ستدفع، بموجب نصّ الإتفاقية، بدلاً مالياً من حصّتها التي تتراوح بين 38 و42 % ما تجد أنّه من حقّ “الإسرائيلي”، فيما يأخذ لبنان حصّته كاملة (بنسبة نحو 60%) من شمال “قانا” كما من جنوبه، قد طمأن اللبنانيين إزاء بعض الهواجس.

 

فالشراكة الفعلية أو المقنّعة التي رفضها لبنان مع العدو الإسرائيلي لم يتراجع عنها، بما قد يفسّرها “الإسرائيلي” نوعاً من التطبيع معه، أي إعادة العلاقات الى طبيعتها. فهذا لن يحصل ما دامت “توتال” ستتكفّل بدفع التعويض المالي الذي يُطالب به “الإسرائيلي” من حصّتها ومن دون إشراك لبنان بهذا الأمر، لا من قريب ولا من بعيد. ولكن من يضمن للبنان، أن يتمّ تنفيذ هذا البند، والبنود الأخرى بطبيعة الحال، وألّا يقوم الأميركي بالضغط مجدّداً على “توتال”، لسبب أو لآخر فتنسحب مجدّداً من لبنان؟!

 

تجيب الاوساط بأنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يعطي الضمانات بعودة “توتال” وقيامها بعملها المفترض في حقل “قانا” والذي هو جزء من البلوك 9، شرط عدم تدخّل أميركا لاحقاً إذا ما شعرت بأنّ “الإسرائيلي” يعاني من مأزق ما، ويحتاج الى مساندتها لتخطي مضمون الإتفاقية.

 

وذكرت الاوساط أنّه في حال تبيّن وجود أي حقول أخرى مشتركة أو متصلة ببعضها البعض في عمق البحر، فإنّه لا بدّ من وضع اتفاقية جديدة، أو تعديل الإتفاقية التي سيتمّ الموافقة عليها من قبل الجانبين. فهذه الأخيرة هي نوع من الهدنة لكي يتسنّى لكلّ طرف من استثمار ثروته النفطية إقتصادياً، وليست تطبيعاً، الأمر الذي يجعلها قابلة للتعديل. ولأنّ كلّ طرف يتمسّك اليوم بالتداعيات الإقتصادية الإيجابية على بلاده جراء توقيع هذه الاتفاقية، فسيسعى الى تنفيذها بحذافيرها، إذا ما وُقّعت مع رئيس “الحكومة الإسرائيلية” الحالية يائير لابيد، وليس بنيامين نتنياهو الذي توعّد، إذا عاد الى رئاسة الحكومة، ليس فقط بتعديل بنودها إنَّما بنسفها برمّتها.

 

كذلك فإنّ إصرار لبنان على عدم منح “الإسرائيلي” أي منطقة أمنية تحت سيطرته، إنَّما القبول بمنطقة عازلة تحت إشراف قوات “اليونيفيل” البحرية، من شأنّه التأكيد على مسار الفصل بين الترسيم البحري والبرّي

 

ومن غير المؤكّد بعد إذا كان الأميركي و”الإسرائيلي” سيُوافقان على التعديلات التي وضعها لبنان، على ما أشارت الأوساط نفسها، ولكن يبدو أنّهما يميلان الى الموافقة، كون لبنان لم يقدّم أي مقترحات جديدة، بل تمسّك بما سبق وأن طالب به من حقوق بحرية في المياه الإقليمية. وتساءلت الاوساط إذا كانت حكومة لابيد ستتمكّن من اتخاذ قرار موافقتها وتوقيعها على هذه الاتفاقية اليوم الخميس خلال اجتماعها، من دون انتظار موقف “الكنيست” من جهة الذي ليس لديه صلاحية للتوقيع على اتفاقيات مماثلة، وموقف المحكمة العليا من جهة أخرى، التي ستجتمع في 27 الجاري لدراسة العرض الخطي الأميركي.

 

فـ “الإسرائيلي” لم يعتد على الموافقة على اتفاقية فيها “رابح- رابح”، تقول الاوساط، بل غالباً ما يعتدّ بنفسه بأنّه لا يُوقّع سوى على اتفاقيات يكون فيها هو الرابح والطرف الآخر هو الخاسر. فإذا وافق هذه المرّة يكون قد أخذ على محمل الجدّ تهديدات حزب الله بضرب منصة “كاريش”، إذا لم يتمكّن لبنان بالموازاة بالتنقيب في حقل “قانا”، وبرفع الضغط أو الحظر عن شركة “توتال” لمعاودة عملها في لبنان.

 

ولفتت الأوساط عينها الى أنّ هوكشتاين قد وجد آلية لتثبيت الإتفاقية، من دون أن تكون موقّعة من قبل الطرفين على نسخة واحدة، ومن دون أن تأخذ طابع المعاهدة، غير أنّه لم يتمّ الكشف بعد عن هذه الآلية. علماً بأنّه يتمّ الحديث منذ أشهر عن أنّ الإتفاقية ستكون عبارة عن العودة الى طاولة الناقورة من أجل الاتفاق النهائي برعاية اممية، ووضع المراسيم أو الرسائل الموحّدة ولكن المنفصلة التي سيتمّ إيداعها لاحقاً من قبل الجانبين، كلّ على حدة، ومن الوسيط الأميركي لدى الأمم المتحدة لتُصبح معترفاً بها “دولياً”.

 

والأهمّ، بحسب رأي الاوساط، أنّ لبنان لم يتنازل عن حقوقه، وقدّم 5 حلول وافق الأميركي على اثنين منها، بعد اطلاعه العدو الإسرائيلي عليها، ما يعني انه يتم الأخذ بالمقترحات اللبنانية. يبقى أن تتمّ الموافقة على الملاحظات اللبنانية الأخيرة، لكي تصبح الإتفاقية بين الجانبين حقيقة واقعة. فهل سيتم التوقيع على اتفاقية الترسيم في غضون أسبوعين أم سيؤجل الى ما بعد الإنتخابات النيابية “الإسرائيلية” التي ستجري في الأول من تشرين الثاني المقبل، والتي لا يعرف حينها ما الذي سيكون عليه مصير الإتفاقية.