Site icon IMLebanon

“حزب الله”.. عين على هوكشتاين وإصبع على الزناد!

 

شَعر المسؤولون اللبنانيون، الذين التقوا الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة، بأنّ نسبة الجدية في مهمته كانت أعلى من قبل، إنما من دون أن يعني ذلك النوم على حرير.

حتى في تصاريحه العلنية، بدا هوكشتاين اكثر تفاؤلا واستعجالا مما كان يبدو عليه في إطلالاته السابقة، خصوصا الأخيرة التي أظهر خلالها مقداراً من الفوقية في مخاطبة اللبنانيين.

 

أما هذه المرة، فقد اعطى إشارات واضحة الى ضرورة إنجاز اتفاق الترسيم سريعاً ربطاً بالحاجة الدولية الى الغاز تحت وطأة تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية، معتبراً ان هناك فرصة متوافرة الآن يجب التقاطها، كما يُستدل من التصريحات التي أدلى بها إلى المؤسسة اللبنانية للارسال انترشيونال.

 

ولكن المُكتوين بالتجارب المريرة مع الأميركيين ينصحون برفع الشعار الآتي: «ما تقول غاز حتى يصير بالانبوب»، لافتين الى ان الإيجابيات المعلنة تبقى سمكاً في البحر، إن لم تبدأ الصنارة الدبلوماسية في «صيد» الانجازات المحسوسة.

 

ويشير هؤلاء الى انّ «الأميركيين اختصاصيون في المناورات و»بياخدوك على البحر وبيرجّعوك عطشان». وبالتالي، يجب عدم التسليم الكلي بتفاؤل موفدهم، خشية من ان يكون مجرد حقنة بنج موضعي لتخدير المسؤولين واحتواء ضغط المقاومة، وصولاً الى محاولة سحب الذرائع منها والايحاء بأنّ اي تحرك إضافي قد تبادر اليه لاحقاً هو غير مبرر وغير منسجم مع التقدم المسجل في المجال الدبلوماسي».

 

ولئن كان هوكشتاين قد أبلغ إلى وزير الطاقة وليد فياض ان رسائل «حزب الله» الميدانية لا تساعد في الوصول إلى حل بل تزيد الاسرائيليين تصلّباً، الا ان القريبين من الحزب يعتبرون ان «تأثيرات رسائله التحذيرية انعكست بشكل او بآخر على سلوك هوكشتاين في زيارته الماضية التي ترافقت مع نشر فيديو مصوّر بتقنية عالية لسفينتي الحفر والإنتاج ومنصة عائمة ضمن منطقة حقل كاريش، إضافة إلى عيّنة من صواريخ بحرية للمقاومة، في تهديد واضح وصريح بأن الحقل في مرمى النيران».

 

والمتحمسون لاندفاعة الحزب «البرمائية» يلفتون إلى انّ «التهديدات الجدية التي أطلقها على دفعتين أعادت تصويب المسار التفاوضي وتقويمه في الاتجاه المتناسب مع مطالب الدولة اللبنانية وحقوقها بعد سنوات من المماطلة».

 

ويؤكد هؤلاء ان شهر آب سيكون حاسماً فعلاً، موضحين انّ الحزب اطلع على حصيلة إجتماعات هوكشتاين في بيروت، وبالتالي «هو يضع عيناً على مجريات المفاوضات وعيناً أخرى على كاريش، والاهم ان الإصبع على الزناد بغية منع اي محاولة لمواصلة اللعب بالوقت والمصير».

 

وغالب الظن، ان هوكشتاين سيجد نفسه خلال هذا الشهر أمام فرصة اخيرة لابتكار اتفاق مريح ومريح للجميع، علماً انّ المنحى الذي ستتخذه الأمور سيتضح على الارجح في الأسبوعين المقبلين، إما انفراجا وإما انفجارا.

 

ومع ان الحزب لا يناور ولا «يهوبر» عندما يهدد باستخدام القوة لمنع اسرائيل من استخراج الغاز اذا لم يُعط لبنان حقوقه في الحدود والحقول وفق معايير الدولة، ومع انه يتحسّب لأسوأ الاحتمالات ويستعد للحرب كأنها واقعة غدا، الا انه يدرك كذلك انّ الأميركي والاسرائيلي لا يستسهلان الذهاب إلى مواجهة عسكرية قد تحرق الأخضر واليابس والنفط والغاز في المنطقة وعندها ستكون خسارتهما الاستراتيجية اكبر بكثير من خسارة لبنان المنهار أصلاً.

 

ولذلك، يحاول الحزب ان يستنفد آخر سنتيمتر من حافة الهاوية التي يتحرك عليها، لزيادة الضغط على الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة، مازجاً في حساباته بين جدية الإنذارات الموجهة اليهما والجهوزية لتنفيذها إذا اقتضى الامر، وبين معرفته بأن ليس لديهما اي مصلحة حالياً في خوض معركة عسكرية فوق الآبار البترولية.

 

إزاء كل هذه الاعتبارات، وعلى رغم كل المصاعب التي تواجه لبنان، الا انّ امامه لحظة مؤاتية لانتزاع حقوقه من بين أنياب الحوت في البحر استناداً الى التوازنات الميدانية من جهة والظروف الدولية من جهة أخرى، فهل يلتقطها؟