يترقّب لبنان عبر الأميركيين الرد الاسرائيلي على الطرح الذي قدّمه خلال الزيارة الأخيرة للموفد الأميركي عاموس هوكشتاين.
وعُلم انّ هوكشتاين كان قد تلقّى أثناء وجوده في بيروت نصيحة بالتعجيل في مَسعاه بُغية الاستفادة من الظرف المناسب والضاغط لدى طرفي النزاع لتحقيق تسوية تسمح لهما باستخراج آمِن للغاز.
فيما يواصل أنصار الخط 29 معركتهم لدفع الدولة اللبنانية الى اعتماده انطلاقاً من مُرتكزات قانونية تسمح لها بذلك، وفق رأيهم، تعتبر أوساط رسمية على صِلة بملف التفاوض ان نيّات بعض المنادين بهذا الخط ليست سليمة، مشيرة الى انّ بينهم من يتعمّد رفع السقف لإحراج الرئيس ميشال عون والحؤول دون حصول الانجاز النفطي في عهده، وبينهم مَن يزايد لاستدراج «حزب الله» إلى مواجهة عسكرية مع اسرائيل لعلهم يتخلصون منه بهذه الطريقة.
والى حين اتّضاح المسار الذي سيتخذه النزاع على ترسيم الحدود البحرية، يؤكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب لـ«الجمهورية» انّ الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين سمع خلال زيارته الأخيرة من الرؤساء الثلاثة موقفاً موحداً قوامه التمسّك بالخط 23 مع حقل قانا كاملاً ورفض اي تراجع الى ما دون هذا الخط.
وعندما يُسأَل بو حبيب: ألم يكن يُفترض ان تنطلقوا في موقفكم من الخط 29 لتحسين شروطكم التفاوضية وتحصيل أفضل المكاسب الممكنة؟ يجيب: «الخط 23 جرى إيداعه لدى الامم المتحدة منذ عام 2011 وهو موضع تفاهم بين جميع المسؤولين المعنيين في الدولة، وإنّ السفراء والديبلوماسيين الذين التقيهم يَحضّوننا في استمرار على إبرام تفاهم تحت هذا السقف. اما بالنسبة إلى الخط 29 فإنه بصراحة تَفاوضي فقط كما جَزمَ مَن وَضعه، وفي حال قَونَنّاه فهذا سيكون معناه «المناقرة» و«المكايعة»، أي تعقيد الأمور وعدم التوصّل الى اتفاق نحن في حاجة اليه». ويضيف: «ليس صحيحاً انّ المطالبة بالخط 29 تُحسّن موقعنا التفاوضي، والدليل انه عندما عُرَض هذا الخط على طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة تعطّلت المفاوضات. وبالتالي، فإنّ هذا الخيار قد جُرب ولم يعط نتيجة». ويتابع: «بعيداً من المزايدات، نحن أصحاب مصلحة كبيرة في حصول الاتفاق سريعاً، لأنه ممرّ ضروري للخروج من نفق الازمة الاقتصادية، واللحظة الحالية هي مؤاتية دولياً لاستخراج الغاز في ظلّ الطلب الكبير عليه بعد الحرب الروسية ـ الاوكرانية».
ويُنبّه بوحبيب الى «انّ الوقت لا يعمل لمصلحتنا وعلى لبنان استغلال الاشهر الأربعة المتبقية قبل انتخابات رئاسة الجمهورية لإنجاز الاتفاق، وإلّا فإذا تم انتخاب رئيس يرفض الخط 23 فسنعود الى النقطة صفر، او إذا انتهت ولاية الرئيس ميشال عون ولم يتم انتخاب بديل في الموعد الدستوري المحدّد فذلك سيؤدي الى فراغٍ من شأنه ان يُعطّل القدرة على اتخاذ القرار، خصوصاً انه سيكون من الصعب على وزراء الحكومة التي ستُمسك بالسلطة ان يتوافقوا على قرار واحد».
ويرجّح بوحبيب «ان توافق اسرائيل على احتساب حقل قانا ضمن حصة لبنان شرط أن تنال مقابلاً في مكان آخر». ويلفت الى «انّ هوكشتاين بَدا خلال زيارته الأخيرة إيجابياً ومُتفهماً للطرح اللبناني، بينما أتى في المرة الأولى مُستكشفاً وفي المرة الثانية كان يميل للسلبية».
على صعيد آخر، تستعد وزارة الخارجية لاستضافة اجتماع تشاوري لمجلس وزراء الخارجية العرب في بيروت في 2 تموز المقبل، حيث سيترأسه بوحبيب بصفته رئيس الدورة الحالية، «هذا اذا بَقيتُ في مركزي ولم تتشَكّل حكومة جديدة حتى ذلك الحين». ويوضِح انه لم يتم بعد تحديد جدول أعمال للاجتماع «ولكن المعروف في مثل هذه اللقاءات التشاورية انّ كل وزير يطرح القضايا التي تهمّ بلده والاقليم، وأنا سأركّز بالتأكيد على قضية النازحين السوريين التي لم نعد في مقدورنا تَحمّل أعبائها الثقيلة وملف ترسيم الحدود البحرية، إضافة إلى أمور أخرى تتعلق بوضع لبنان والمنطقة».