بقدر ما تكوّنت لدى المشاركين في الاجتماع اللبناني – الأميركي المشترك الذي عقد في قصر بعبدا، بشأن ترسيم الحدود، انطباعات إيجابية حول هذا الملف، بعد الأجواء التي نقلها الوسيط أموس هوكشتاين، ما ساهم في ردم الهوة بين الموقفين اللبناني والإسرائيلي، أقلّه في الظاهر، بقدر ما تلاشت الآمال نهائياً بشأن تأليف الحكومة، حيث لم يتم بحث الموضوع بشكل مفصّل بين الرؤساء الثلاثة. وهذا ما يعكس استمرار مأزق التأليف على حاله، في ظل معلومات لـ«اللواء»، تشير إلى أن لا أمل مطلقاً من ولادة الحكومة في ما تبقّى من عهد الرئيس ميشال عون، في وقت أبدت أوساط المشاركين في اجتماع بعبدا، أن «الأجواء مشجعة، لكن لننتظر ونرَ ما ستكون عليه الأمور في المرحلة المقبلة، كي يبنى على الشيء مقتضاه، ولا يجب استباق الأمور».
وعلى أهمية التطورات التي قيل إنها إيجابية على صعيد عملية الترسيم، إلا أن مصادر معارضة، تعتبر أن مسار الترسيم ومصيره بيد «حزب الله» الذي أراد القول للأميركيين والإسرائيليين مجدداً، من خلال إطلاقه الفيديو الأخير للإحداثيات فوق حقل «كاريش»، أن الأمر لي في ملف الترسيم، ما يعني إصراره على تهميش دور الدولة اللبنانية، ووضع مصلحة إيران قبل مصلحة لبنان واللبنانيين. باعتبار أن نشر هذا الفيديو، بمثابة رسالة إيرانية واضحة المعالم والأهداف، قبل أن تكون دفاعاً من جانب الحزب عن مصالح لبنان.
وتشير المصادر، إلا أنه لن يكتب لمفاوضات الترسيم النجاح، بما يؤمن مصلحة لبنان، ما لم يكن «حزب الله» موافقاً على ما يجري، بعد أخذ الضوء الأخضر من الإيرانيين، باعتبار أنه يضع المصالح الإيرانية أولوية. وهذا ما يدعو إلى الترقّب أكثر، لمعرفة اتجاهات الأمور، وخاصة أن الوسيط الأميركي الذي زار إسرائيل سراً ليل أمس الأول، أبلغ المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، أن استمرار «حزب الله» في مغامراته البحرية، سوف يؤدي إلى تعقيد الأمور أكثر فأكثر، ويدفع الإسرائيليين تالياً إلى التصلب في مواقفهم من موضوع الترسيم، وهذا بالتأكيد لن يكون في مصالح لبنان وشعبه.
إلى ذلك، و مع ازدياد المخاوف من حصول فراغ على مستوى رئاسة الجمهورية، بعد تعثّر عملية تأليف الحكومة، كما تشير المعطيات، دعت أوساط بارزة في الأكثرية النيابية إلى «متابعة التطورات الميدانية في العراق بدقّة، حيث تجري محاولات صد إيران عن الاستمرار في التدخّل بالشؤون الداخلية، من خلال ما يقوم به مناصرو «التيار الصدري»، رفضاً لسعي طهران وجماعاتها بالعراق، وضع اليد مجدداً على البلد والإمساك بقراره السياسي والأمني»، مشددة على أن «هناك انعكاسات لا يستهان بها لأحداث العراق على أوضاع لبنان، باعتبار أن اتساع النفوذ الإيراني في العراق، سيزيد من إحكام «حزب الله» قبضته على القرار في لبنان، في ظل محاولات النظام الإيراني الإمساك أكثر فأكثر بما لديه من أوراق، سواء في العراق أو لبنان أو غيرها».
وكشفت الأوساط، أنه «وتزامناً مع اقتراب حصول لقاء علني للمرة الأولى، بين المملكة العربية السعودية وإيران، من خلال اجتماع قريب سيعقد في بغداد بين وزيري خارجية البلدين، فإن المفاوضات التي عقدت بين الطرفين لم تحقق نتائج إيجابية لافتة، بسبب المراوغة الإيرانية التي كانت تعتمدها طهران في كل هذه اللقاءات، رافضة تقديم التزامات للجانب السعودي، باستعدادها لفتح صفحة جديدة، والتعهد بعدم التدخّل في شؤون دول الجوار، الأمر الذي يترك تساؤلات عن جدوى اللقاء المرتقب بين الوزيرين السعودي والإيراني فيصل بن فرحان وحسين أمير عبداللهيان، إذا لم يحصل تغيير حقيقي في مواقف النظام الإيراني».
وبرأيها، فإن أوجه الشبه متقاربة إلى حد بعيد بين التطورات العراقية، وما يجري في لبنان، بحيث أن إيران تحاول إلى الإمساك بكل ما أوتيت من قوة بالورقتين اللبنانية والعراقية، في سياق صراعها المستمر مع الإدارة الأميركية التي ترفض الاستجابة للشروط التي تضعها طهران في ما يتصل بالملف النووي . ولهذا سيبقى هذا السيناريو قائماً، ما لم يحصل تقدم جدي على صعيد المفاوضات النووية، ترضي الجانبين الأميركي والإيراني، ولو بالحد الأدنى.