هذا ما أبلغه الأميركيّون للجانب اللبناني عمّا ورد بالإعلام «الإسرائيلي»
هوكشتاين لم يزر «اسرائيل» مرتين.. بل غادرها بالليلة ذاتها !
هو الغموض بحد ذاته يلف الملف الذي تتوجه له كل الانظار، والذي يتقدم على كل ملفات الساعة : ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و«اسرائيل» . غموض عززه تضارب المعلومات حول اجواء تفاؤلية بثت بعيد الاجتماع الموسع الذي عقد في قصر بعبدا، وضم الرؤساء الثلاثة الى نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب واللواء عباس ابراهيم بحضور الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، وخلص الى موقف موحد ابلغه المعنيون للوسيط هوكشتاين، تفاؤل سرعان ما بدأ يتقلص منسوبه ما ان غادر هوكشتاين باتجاه «اسرائيل»، وما ان انتهى اجتماع مجلس الوزراء «الاسرائيلي» المصغر الذي انعقد الاربعاء الماضي.
فما جديد المعطيات النفطية؟ وهل لا يزال المعنيون على تفاؤلهم بالتوصل لاتفاق بالترسيم قبيل ايلول او ان ما يحصل على ارض غزة سينعكس حكما تأخيرا ببت الملف، بعدما قيل ان التهديد في لبنان والتنفيذ الفعلي في غزة؟
مصادر رفيعة مطلعة على ملف ترسيم الحدود تجدد التأكيد بانها على تفاؤلها باقية، وانه على عكس ما يقال، فالاتفاق يجب ان يكون قريبا، كاشفة ان لبنان ينتظر الرد عبر الوسيط الاميركي على المقترحات التي تقدم بها خلال اجتماع بعبدا.
وتتابع المصادر بانها تعتقد بان العدوان الاسرائيلي على غزة لن يؤثر على هذا الملف وهو محدود. وتكشف في هذا الاطار، بان وضع مهلة زمنية محددة من قبل الجانب اللبناني خلال اجتماع بعبدا الموسع، كان امرا ضروريا ، لا سيما ان الوسيط الاميركي طرح السؤال : ماذا لو تأخر الرد؟ وبحسب المعلومات فقد استهل بوصعب الكلام بهذا الشق خلال الاجتماع بالقول: «لا نملك ترف الوقت»، فاقترح رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ان يأتي الرد ضمن مهلة 3 اسابيع، قبل ان يعلق رئيس مجلس النواب بوجوب الا يتعدى الاسبوعين، ليدخل بعدها اللواء ابراهيم على خط الكلام مشددا على وجوب الا تتعدى المهلة الـ 10 ايام فقط، لكن اللافت ان مهلة الـ 10 ايام انقضت امس، واي جواب على المقترحات اللبنانية لم يصل بعد، ولن يصل في اليومين المقبلين، بحسب ما تؤكد مصادر موثوقة ، لا بل قد يتأخر لاسابيع!
وتشير المصادر الى ان المسلمات التي حددها لبنان باتت واضحة، اساسها ثلاث لاءات كان اكدها نائب رئيس مجلس النواب في مقابلته التلفزيونية الاخيرة بعيد مغادرة هوكشتاين الاراضي اللبنانية وهي: لا مشاركة بالبلوكات لا 8 ولا غير 8، لا استخراج مشترك، ولا تعويضات !
وانطلاقا من هذه اللاءات الثلاث، حزم لبنان موقفه بانتظار رد «اسرائيل» التي يبدو انها تتخبط وسط تيارين متناقضين حيال هذه المسالة، ترجم كل منهما وجهة نظره في الاجتماع المصغر الشهير الذي ناقش ملف ترسيم الحدود مع لبنان، حيث كان تباين بالرأي بين من يرى وجوب الانتهاء سريعا من هذا الملف وترسيم الحدود بعيدا عن المشاكل كي تتمكن «اسرائيل» من التفرغ لسحب الغاز، مقابل وجهة نظر اخرى تقول بوجوب التشدد بالموقف «الاسرائيلي» وعدم اعطاء اي مكسب ربح لحزب الله بالمعركة النفطية.
وفي هذا السياق، كشفت اوساط عن معلومات وصلتها عبر قناة وسيطة، بعض «الاجواء الاسرائيلية» مما رشح عن اجتماع مجلس الوزراء «الاسرائيلي» المصغر، ان «التيار الاسرائيلي» الذي ابدى وجهة نظر متشددة تجاه عدم الرضوخ للمطالب اللبنانية طالب اولا بضمانات امنية ، لاسيما ان «اسرائيل» تعتبر ان هذا الامر من حقها، لانه جزء من قرار مجلس الامن 1701 الذي لا يزال تطبيقه عند المرحلة الاولى، اي وقف الاعمال العدائية، فيما لم يلغ بعد المرحلة الثانية المتمثلة بوقف اطلاق النار نهائيا او الثالثة، علما ان الجانب اللبناني كان واضحا في اجتماع بعبدا الموسع بعدم اعطاء اي ضمانة امنية على الاطلاق.
اما المطلب «الاسرائيلي» الثاني فتمثل، وبحسب الاوساط، برغبة بان يتم تسهيل عملية استخراج الغاز اي ان تجرى من دون ان تلاقي اي اعتراض او مشاكل. وييقى المطلب الثالث المتمثل بالحصول على ضمانة اميركية مفادها انه في حال تبين في المستقبل ان هناك حقولا تحت الماء قد تكون مشتركة، وهذا عادة ما يحصل بموضوع الحدود البحرية بين الدول، فعندئذ من حق «اسرائيل» ان تستفيد منها عبر تعهد تحصل عليه من الجانب اللبناني عبر الوسيط الاميركي باعطائها حصتها من هذه الحقول المشتركة، وهذا ما يرفضه لبنان جملة وتفصيلا، لانه يعتبره تطبيعا وتنسيقا مع «اسرائيل».
وعليه وامام هذا التناقض «الاسرائيلي» بوجهات النظر، فقد خرج الاجتماع «الاسرائيلي» بالاستمهال لمزيد من التشاور، ما يعني عمليا ترددا «اسرائيليا» واضحا باعلان موقف واضح، ورغبة بتأخير الجواب «الاسرائيلي» والاتفاق ككل.
وفي هذا الاطار، ترى مصادر موثوقة ان تطورات غزة التي تشغل القيادة العسكرية والسياسية «الاسرائيلية»، قد تخلق جوا سلبيا تجاه ملف الترسيم، وقد تريح «الاسرائيليين» تجاه تأخير الجواب المتوقع من جانبهم على المقترحات اللبنانية.
وبالانتظار، ووسط حال الغموض، تؤكد اوساط متابعة بان لبنان ينتظر الجواب «الاسرائيلي» عبر الوسيط الاميركي، كاشفة ان معلومات وصلت تفيد بان لا مشكلة لدى «اسرائيل» بالتأخير بالتنقيب في حال تأخر ابرام الاتفاق مع لبنان، لكن تشترط ان يتم التأكد عبر الوسيط الاميركي ان هناك جدية باتجاه قرب الاتفاق. وتتابع الاوساط المتابعة بانها تتوقع بان يتأخر الرد «الاسرائيلي»، علما انها ترى ان هوكشتاين لن يعود الى بيروت بلا جواب «اسرائيلي».
وتكشف الاوساط ان ما يعمل عليه حاليا هوكشتاين هو محاولة الاضاءة على القواسم المشتركة عبر اقتراح واحد للخروج بالاتفاق المطلوب الذي يعلن في الناقورة ، واذا قبل لبنان بالاقتراح فهو يعمد (اي الجانب اللبناني) الى ايداع الاحداثيات التي تؤكد على ان هذه هي مطالبه لدى الامم المتحدة، والامر نفسه تفعله «اسرائيل» اذا قبلت ايضا بالاقتراح الموحد.
وختمت الاوساط بالقول : لا نزال متفائلين، لكن الارجح ان يتأخر الرد «الاسرائيلي» ، اكثر من ذلك تكشف معلومات خاصة بان الرد «الاسرائيلي» عبر الوسيط الاميركي قد يتأخر لاسبوعين وحتى 3 اسابيع، علما ان اوساطا بارزة موثوقة كشفت بانه على عكس كل ما قيل او سرّب عمدا في الاعلام «الاسرائيلي» في الايام القليلة الماضية غير دقيق ، لاسيما ان الاوساط الموثوقة كشفت ايضا ان الجانب الاميركي ابلغ الجانب اللبناني رسالة مفادها ان كل ما حكي بالاعلام «الاسرائيلي» بما خص الرد «الاسرائيلي» او اي تطور بملف الترسيم هو مجرد تحليلات.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع على جو هوكشتاين، بانه خلافا لكل ما قيل فاية زيارة ثانية لهوكشتاين الى «اسرائيل» في الايام الماضية لم تحصل، مؤكدا ان الوسيط الاميركي زار «اسرائيل» فقط في اليوم نفسه الذي غادر به لبنان، وقد عاد من «اسرائيل» في الليلة نفسها.
وعليه، وامام كل هذه المعطيات التي تفيد بان الرد على المقترحات اللبنانية سيتأخر، فهل سيكون فعلا ايلول بطرف الترسيم مبلولا؟ او ان ورقة الترسيم لم يحن موعدها بعد لا في ايلول ولا بعد بعد ايلول؟ !
سؤال يبقى مشروعا لحين التماس ايجابية تترجم فعلا على ارض الواقع.