يتحضّر العهد القوي لرفع راية الانتصار مع الإشارات المتسارعة بقرب توقيع ما يشبه الاتفاق بين لبنان وإسرائيل بشأن ما يشبه ترسيم الحدود البحرية للجارين العدوين، وبما يسمح لـ»العدو الصهيوني الغاشم» بالعمل المباشر لاستخراج غازه وبيعه، في حين سينهمك لبنان بما يشبه الإجراءات التي ستقود نحو هذا العمل، ولكن بكثير من علامات الاستفهام المحكومة بالصفقات والسمسرات لحيتان المنظومة المتعودين على ملء جيوبهم من المال العام.
وبالتالي، ليس مهمّاً ما سيحل بالشعب حتى تستوي الصفقات وتتبلور مسارات السمسرات.
المهم يبقى الانتصار في بلد متروك لقدره، وعلى اللبنانيين أن ينسوا كل ما هم فيه، ويستكثرون بخير هذا العهد الذي استمات لتحقيق الإنجاز حتى يجد ما يدرجه في سجله، ويتحملون كل التطبيل والتزمير المرتقب لأن لبنان «الرسمي» «لبى جميع مطالب إسرائيل في اتفاق الحدود البحرية»، كما صرّح مسؤول إسرائيلي. هذا «اللبنان الرسمي» الذي يفتخر ويتباهى بأنه «في عهد الرئيس عون، سجّل اهم انتصار منذ عام 2000 في استعادة حقوقه، لأن الانجاز هو سياسي سيادي، ولكنه اقتصادي مالي ايضاً… هذه هي المقاومة الاقتصادية المطلوبة لفك اسرنا المالي. عقبال هزم الفساد بالداخل لأن هذا هو التحرّر الأهم»…
ولصاحب التغريدة أن يتجاهل كل الدراسات الجدية المتعلقة بالموجبات العلمية الكفيلة بفك أسرنا المالي، ويتناسى كل ما ارتكبه العهد القوي بالتكافل والتضامن مع «فساد الداخل»، وينتشي بهذا الانتصار، وهو الوحيد في السنوات العجاف. فمفاعيله لا تلغي أن سعر صرف الدولار بالليرة اللبنانية يواصل طيرانه مع ما يتداعى من سبل صمود الناس، وأن التوجه إلى شرعنة الإطاحة بأموال المودعين تتفاعل كالنار تحت الرماد، وباقي المصائب التي يعرفها القاصي والداني لن يغيِّر في واقعها، ولن يفك أسرها إنجاز الترسيم.
وضجيج الاحتفالات بهذا الانتصار ستطغى على صوت رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود المنتفض على وزير العدل هنري خوري، الذي يلبي أوامر صهر العهد القوي ومن خلفه الحاكم بأمر المحور الإيراني لمحو آثار جريمة تفجير مرفأ بيروت، والرافض «محاولات التدخل السياسي السافر في العمل والأداء القضائيين من خلال حملات ممنهجة ومتمادية تضمنت تجنيات وافتراءات وتهجمات وتجاوزات»… وستتكفل الاحتفالات للمبتهجين من مريدي هذا العهد القوي بخنق أصوات أهالي ضحايا جريمة التفجير الذين يحاولون تفعيل العدالة من خلال المطالبة بلجنة تقصّي حقائق دوليّة، لمساعدتهم في الوصول إلى الحقيقة والضغط على القضاء اللبناني لمحاسبة المرتكبين المحميين من المنظومة ومن يتحكم بها. الصفقة استوت، وبمباركة الحاكم بأمر المحور الإيراني الذي يملك قبل غيره، وتحديداً قبل الوزراء المعنيين، ومنهم وزير الطاقة ووزير الدفاع، وقبل نواب الأمة المختلفين على جنس الرئيس العتيد ومواصفاته، تفاصيل اتفاق ترسيم الحدود البحرية، بكل حيثياته وأبعاده.
وأهم ما في هذه الصفقة هو بند ضمني «داخلي» يقضي بتسهيل تشكيل حكومة الفراغ التي ستتسلم إدارة البلاد حتى تستوي صفقة أخرى تتعلق بتنصيب رئيس جديد للجمهورية شروطه أن لا يكون «بلا لون»، وأن لا يكون «رئيس تحد يريد المواجهة وفرض رؤيته التي تتقاطع مع أميركا وتخرب لبنان»، بل «رئيساً منفتحاً ومرناً، له رؤية وطنية ويعالج القضايا الشائكة بالحوار وليس مستزلماً للأجنبي»، وفق التعليمة التي تنص على «تأليف الحكومة قبل انتخابات رئاسة الجمهورية حتى لو بقيت أياماً معدودة… لأن المهمة الأولى لهذه الحكومة أن تنقذ لبنان من التخبط السياسي الذي يمكن أن يقع عندما يأتي وقت الاستحقاق الرئاسي ويبدأ الخلاف في الداخل»… واضح… أو نفسر أكثر للشعب الجاحد والناكر للجميل الذي لا يجيد إلا الشكوى…؟؟!!