هل نحن في «نظامٍ رئاسي»؟ بالتأكيد لا، هل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتصرّف في الأيام الأخيرة من عهده كأنّنا في «نظام رئاسي»؟ بالتأكيد نعم!
خطوة تكليف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ترؤّس وفدٍ إلى سوريا للتفاوض على ترسيم الحدود شمالاً، توحي وكأنّنا في «نظام رئاسي»، لكن وبما أنّنا في نظام منبثق من الطائف، فإنّ في هذه الخطوة مخالفة للطائف للأسباب التالية:
تكليف وفدٍ للتفاوض مع سوريا يجب أن يمّر في مجلس الوزراء، وهذا ما لم يحصل.
كيف يتمّ تكليف نائب ترؤس وفدٍ وزاري؟
مَن يُعِدّ ورقة التفاوض؟
هذه «الفوضى الدستورية» لا تقتصر على ملفّ التفاوض مع سوريا، بل سبق أن مورِسَت في «التفاوض» مع إسرائيل:
إستردّ رئيس الجمهورية الملفّ من رئيس مجلس النواب بذريعة أنّ التفاوض يجريه رئيس الجمهورية للوصول إلى المعاهدة، ثمّ انتهى الأمر إلى أن لا تفاوض ولا معاهدة بل «تبادل رسائل مع إسرائيل عبر الوسيط الأميركي والأمم المتّحدة»، ألم يقل ذلك رئيس «التيّار الوطني الحرّ» جبران باسيل في معرض ردّه على المطالبة بمناقشة الاتفاق في مجلس النواب؟ في حال تبادل الرسائل فقط، أين دور الحكومة؟
عدا الالتفاف على القوانين في ملفّ الاتفاق مع اسرائيل، فإنّ الرئيس عون يتصرّف في الإتصالات مع سوريا على قاعدة أن لا أحد «يجرؤ» على الإعتراض على ما يقوم به، فرئيس مجلس النواب نبيه بري بالتأكيد غير موافق على تفرّد عون بهذه الخطوة، وعدم الموافقة ينطبق على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لكنّ الأخيرين «يهادنانه» على قاعدة «ما بقا من العهد أكثر ما مضى» ، والإعتراض عليه قد يُفهَم على أنّه اعتراض على الاتصال بسوريا، وهذا ما لا يريدانه أن يكون الاستنتاج.
النائب والوزير السابق البير منصور نشر كتاباً في مطلع عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، عنوانه «الانقلاب على الطائف»، إذا اعاد طباعته فقد يضيف إليه فصلاً تحت عنوان «آخر فصول الانقلاب على الطائف من الهراوي إلى عون».
فمَن نصح الرئيس عون بأن ينهي عهده بمخالفة دستورية صريحة؟ ولماذا يريد ان ينهي عهده وفق مقولة «يا رايح كَتِّر… المخالفات»؟
عشية 13 تشرين 1990، وفي آخر ايامه في بعبدا، قيل للرئيس عون إنّ هناك موعداً لأحد المسؤولين لديه مع اللواء غازي كنعان، قرأ العنوان على أنه صفحة جديدة. يُخشى أن تكون قراءات الرئيس عون في آخر أيامه على هذا المنوال.