Site icon IMLebanon

الخطوات الشكلية للترسيم انطلقت فماذا عن المضمون؟

 

أول اجتماع لبناني – اسرائيلي يرعاه شينكر في 14 الجاري

 

بينما كان الاتفاق – الإطار قيد الإنجاز بانتظار موافقة الجانب الاسرائيلي للإعلان عنه، كان الجيش اللبناني أنجز تقريباً دراسة الحدود ووضع تصوراً أولياً للتفاوض ونوعية الوفد المفاوض الذي سيتم تشكيله وسيكون برئاسة عميد في الجيش ويتألف من ضباط وخبراء قانونيين متخصصين في القانون الدولي ومسائل الحدود، على ان يعقد اول اجتماع تفاوضي بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي في 14 الجاري بحضور الموفد الاميركي ديفيد شينكر الذي سيصل الى لبنان على رأس وفد في 12 الجاري.

 

وصار محسوماً لدى قوات الطوارئ الدولية في رأس الناقورة أن الطاولة التي ستستضيف الوفود المتفاوضة ستكون على الارجح مربعة الشكل ليتسنى لكل طرف الجلوس على جهة بينما سيوجه اللبناني الحديث الى الجانب الاسرائيلي عبر ممثل الامم المتحدة. وتفيد المعلومات ان رئيس الجمهورية ميشال عون أصبح لديه تصور لتركيبة الوفد ومطلع الاسبوع سيشهد الاعلان عنه بعد عودة الرؤساء الثلاثة من زيارة التعزية برحيل أمير الكويت.

 

في الشكل اعلن الاتفاق – الاطار فماذا عن المضمون؟ والسؤال الاساسي هنا من أين يبدأ الترسيم؟ وهل تضمّن الاتفاق – الاطار أن الخط الازرق هو خط انسحاب وليس خط حدود معترفاً به أم سيسقط التعريف الأممي للخط الازرق ويتم التعاطي معه على أنه خط حدود؟ وماذا عن نقاط الخلاف الـ13 المتنازع عليها ومن ضمنها نقطة رأس الناقورة والتي بموجبها تتحدد المياه الدولية لكلا الطرفين. اي البلوك رقم 9؟

 

ما الذي تغيّر؟

 

خلال المفاوضات الأخيرة حول الحدود أصر الجانب الاميركي على خط “هوف” وقال عبارته الشهيرة للبنان “take it or leave it” فتوقفت المفاوضات. فما الذي استجد وتغيّر اليوم؟

 

يقول العميد عبد الرحمن شحيتلي لـ”نداء الوطن”: “حين وقعنا عام 2013 كان الوفد العسكري يفاوض تحت علم الامم المتحدة وبرعاية أميركية بناء على القرار 1701 وتسبب الخلاف على الحدود البحرية بتهديدات عسكرية وأمنية. بدأت المحادثات تطاول الحدود البرية والبحرية وحضر الجانب الأميركي كوسيط وطلب لبنان حينذاك من الأمم المتحدة التدخل فاعتذرت لأن تدخلها لا يمكن الا بناء على طلب الطرفين، فتدخلت لاحقاً الولايات المتحدة حيث كانت المفاوضات وصلت الى حدود خط هوف”. ومن تلك المرحلة دخل بري على خط التفاوض الذي مر بمراحل مختلفة ولعب خلالها وزير الخارجية السابق جبران باسيل دوراً تمهيدياً مهماً منذ العام 2017 خلال المباحثات مع السفير الاميركي دايفيد ساترفيلد الذي أشاد وزير الخارجية الاميركية بدوره في العملية التفاوضية. أزاح بري عن ظهره ملفاً مثقلاً بالمتاعب ووضعه في عهدة رئيس الجمهورية. وحسب شحيتلي: “لا يتوقف الملف على مجرد اعلان اطار اتفاق ولو ان الخطوة بمجرد حصولها تعني ان شوطاً كبيراً تم قطعه على مستوى ترسيم الحدود من دون ان ننسى ان هذا الملف تسلمه بري وسط تأييد ضمني من “حزب الله”.

 

ويشير إلى أن “اسرائيل أرادت تحقيق هدفين من تمييعها المفاوضات وعدم الرد على شروط لبنان وهما: تأخير دخول لبنان في نادي الدول المنتجة للغاز ونيل ثمن سياسي للإنخراط في التفاوض. والمعلوم هنا ان اسرائيل كانت تقدمت بتاريخ 2/2/2017 برسالة الى الامم المتحدة تعترض فيها على تلزيم لبنان لبلوكات النفط الحدودية وتحذر شركات النفط من العمل فيها. ليرد عليها لبنان برسالة مماثلة يعترض فيها على الرسالة الاسرائيلية ويؤكد فيها الحدود التي ابلغ بها لبنان الأمم المتحدة في العامين 2010 و2011”.

 

مصلحة اقتصادية وانتزاع شرعية

 

لكل من لبنان واسرائيل مصالحه من الاتفاق – الإطار، لبنان بحاجة إقتصادية ماسة لإنتاج الغاز، واسرائيل بحاجة ملحة لانتزاع شرعية بحدودها الشمالية بعد ان انتهت من ذلك مع مصر والاردن. التقاء مصالح وسط مناخ اميركي يدفع باتجاه فتح ابواب الإعتراف العربي بإسرائيل. يرى شحيتلي ان “لبنان وبناء على الاتفاق – الاطار لم يحقق مآرب اسرائيل في مفاوضات سياسية، وانما سيدخل في مفاوضات عسكرية حول ترسيم الحدود، فضلاً عن التأكيد على تلازم التوقيع عند الانتهاء من ترسيم الحدود البرية والبحرية”، مشيراً الى “امكانية ألا يقبل لبنان بالتوقيع على ترسيم الحدود البحرية قبل انجاز الحدود البرية”. ومثل هذا الكلام قد لا يخرج عن حدود الاحتمال طالما ان لبنان دخل المفاوضات وهو يعاني وضمن شروط لا تظهره بموقع القوي كما يراد له ان يكون. الاعتقاد السائد لدى المتحفظين على الخطوة ان العبرة في التنفيذ وهذا تلزمه سنوات.

 

 

ما يؤكد عليه شحيتلي هو صلابة الموقف اللبناني خلال المفاوضات والذي يجب ان يدعّم بالبراهين والحجج القانونية القوية واعداد ملف كامل متكامل للتفاوض لسحب حجة تملص اسرائيل من التزاماتها.

 

تكمن الخطوة الثانية بعد الاتفاق – الاطار في تشكيل لبنان للوفد المفاوض وتفيد المعلومات ان الاعلان الذي حصل سبقه اتفاق على كل الخطوات المتبقية بالتفصيل. حيث أنجزت الجهات المختصة في الجيش اللبناني دراسة تفصيلية عن النقاط التي سيتم التفاوض حولها. الثابت أن اللجنة العسكرية الموكلة التفاوض مع الجانب الاسرائيلي في الناقورة برعاية الامم المتحدة لن تكون هي ذاتها وسيتم تشكيل لجنة يرأسها عميد في الجيش وتتألف من ضباط وخبراء قانونيين متخصصين في القانون الدولي ومسائل الحدود وستتم الإستعانة بخبرات متى دعت الحاجة.

 

العمل على موضوع ترسيم الحدود ليس ابن ساعته وفيما كانت المفاوضات جارية مع الاميركيين كان الجيش اللبناني يعمل على اعداد خرائط ودراسات عن الحدود وحقوق لبنان في البر والبحر تم عرضها قبل نحو أشهر على رئيس الجمهورية لوضعه في آخر المستجدات. وهنا يشير شحيتلي الى امكانية استعانة لبنان بمكتب محاماة في لندن كما سبق وفعلت قبرص وقبلها اسرائيل وكذلك لبنان في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2013.

 

ويلفت إلى ان الاتفاق الاطار يمكن ان يبنى عليه ولكن البت في الخلافات يحتاج الى وقت طويل لا سيما مع الاصرار الاميركي على خط هوف. بحسبه يمكن ان يؤسس على هذا الاتفاق وان يدرس من قبل خبراء قانونيين وان تتم الإستعانة بخبراء بالمفاوضات والقانون الدولي والامور التقنية على الارض.

 

وفي اول تعليق لها على الخطوة كتبت وزيرة الدفاع على “تويتر”: “مسؤوليتنا الوطنية ومسؤولية الجيش اللبناني خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي تحتم علينا الحفاظ على سيادتنا وحقوقنا كاملة والإلتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تثبٌت حقوق لبنان”. ويعني هذا ان المتفق عليه الشروع بترسيم بحري في الدرجة الاولى.