IMLebanon

فرحتنا وقرعتنا

لم تكد فرحة اللبنانيّين تصل إلى قرعتهم بنجاح المفاوضات عن طريق الوسيط الأميركي بين لبنان وإسرائيل وبنجاتهم من حرباً وضعوا أيديهم على قلوبهم خشية أن تقع حتى نقلت قناة الجزيرة عن صحيفة إسرائيليّة أنّ المحكمة العليا في دولة العدوّ ستنظر في اتفاق ترسيم الحدود البحريّة مع لبنان يوم 27 تشرين الأوّل الجاري وفي وقت من المنتظر فيه أن يجري التوقيع خلال أيام قليلة تخوض إسرائيل في الأول من تشرين الثاني إنتخابات هي الخامسة التي تُجرى في إسرائيل خلال أقل من 4 سنوات قد تطيح بالاتفاقيّة في حال عاد حزب الليكود إلى السلطة وعودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة، بكلّ الأحوال ستكثر النقزات والخضّات باعتبار أنّ الاتفاق الذي فرضته الحاجة الأميركيّة إلى الغاز الإسرائيلي والرّغبة الإسرائيليّة في الاستفادة من بلوكات الغاز مقابل الأموال الأوروبيّة والأميركيّة إضافة إلى الخوف الحقيقي من قدرات حزب الله الحربيّة والقتاليّة ـ سواءً أعجبنا هذا الأمر أم لم يعجبنا ـ في هذه المرحلة خصوصاً وأنّ “العجلة أيضاً من الشيطان” وهي تماماً مثل “الشّياطين التي تكمن في التّفاصيل”، وهذا الدّرس اللبناني مفيد جدّاً خصوصاً في هذا التّوقيت الذي يفترض أن يعتبر فيه اللبنانيّون من التّجربة الأوكرانيّة وتكون لهم درساً وعظةً فمصالح أميركا فوق وقبل الجميع ولنتّعظ من أحداث ضمّ روسيا أربعة أقاليم أوكرانيّة إلى أراضيها فيما وقفت أميركا وأوروبا تتفرّجان على الرئيس الأوكراني الأحمق وهو يعيد نفس ما فعله عندما اتاح للجيش الرّوسي أراضي بلاده فاستنجد الذين عشّموه بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي  فجاءه الردّ بالتريّث، ومع هذا رأيناه يوقّع على الملأ طلب انضمام بلاده إلى قوات النّاتو وجاءه ردّ الرئيس الأميركي جو بايدن بأنّ الوقت غير مناسب لهذا الأمر وصبّره الرئيس الفرنسي بوعد فرض المزيد من العقوبات على روسيا!

سيكون غير مناسب أبداً أن يظهر قسم كبير من اللبنانيّين ـ ونحن منهم ـ امتعاضهم من دور حزب الله في إنجاز هذه الاتفاقيّة بطائرة مسيّرة أرسلتها تستطلع فوق حقل كاريش،العقلانيّة والمصالح يحكمان السياسة بمصالح الدول العظمى إسرائيل شعبها جَلَب ما يزالون يأتون بهم من أصقاع العالم وهؤلاء لا رغبة لديهم بموت أبنائهم في الحرب ولا رغبة عند أبنائهم في الذهاب إلى جبهات القتال وهم على استعداد للعودة من حيث أتوا لم يعد هناك في إسرائيل ديفيد بن غوريون ولا مناحيم بيغين وهي غارقة في مشاكل وصعوبات اقتصادية داخليّة مثل كلّ دول العالم والحرب مكلفة ومواجهة حقيقة أنّها فشلت في القضاء على الشّعب الفلسطيني وإبادته في الدّاخل برغم السياسات الإستيطانيّة وقلع الزيتون وهدم البيوت، وأن الدّول التي تحميها تتهمّها بأنها استنفدت كلّ الوقت والشّعب الفلسطيني لا يزال حيّاً لم يختفِ مثل السّكان الأصليّين في أميركا وكندا، وأنّها أمام جيل فلسطيني مختلف تماماً عن كلّ الأجيال التي حاربتها إسرائيل، وهي متأكّدة أنّها بسبب المسيّرات ودخولها في الحرب سيكلّفها أكثر ممّا قد تظنّ، وأنّ مصالحها معقّدة جداً في هذه اللحظّة الرّوسية ـ الأميركيّة المحتدمة على أرض أوكرانيا وأكبر دليل على هذه المصالح امتناع إسرائيل عن بيعها “القبّة الحديديّة” عندما طلبها منها الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي مستنجداً بيهوديته فامتنعت عن استفزاز الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين، الذي حذّرت أميركا حلفائها بالأمس أنّ غوّاصته النوويّة “يوم القيامة” اختفت، فهل نتحضّر لمشاهدة تسونامي تحدثه صواريخ الغوّاصة الرّوسية فيما الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يتّكل عليه الحلفاء يسأل عن “جاكي” التي نعاها قبل شهر ويصافح الهواء في المناسبات الرسميّة، هكذا رئيس قد تندلع ـ وهو يشبه رئيساُ نعرفه ـ قد يخرب العالم كلّه على أيّامه ويديْه!