IMLebanon

“بيدر” الترسيم يتخطّى “حقل” الغاز إلى الإستحقاق الرئاسي… بدفع أميركي

 

خطا لبنان واسرائيل خطوات مهمة في مفاوضات الترسيم التي تمّت برعاية الولايات المتحدة الأميركية، «الشيطان الأكبر» حسب توصيف «حزب الله»، وبالتالي باتت أبواب استخراج النفط والغاز مشرّعة أمام بيروت بعدما أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موافقة لبنان على مضمون المفاوضات والسير بالترسيم. وقد حملت الأيام الأخيرة بعضاً من الأخذ والردّ خصوصاً وأنّ الانتخابات الإسرائيلية على الأبواب حيث للرأي العام الإسرائيلي مكانته وأهميته، بينما في لبنان كان القرار لـ»حزب الله» فيما تولّت الدولة اللبنانية التوقيع على اتفاق الترسيم.

 

وبغضّ النظر عن لعبة الأخذ والرد، فإن إسرائيل على عجلة من أمرها لاستخراج الغاز لبيعه لأوروبا، بينما لبنان يغرق في أزمة هي الأشد منذ تأسيس الكيان، ولذلك هناك رهان على مردود الغاز من أجل انتشاله من حفرته.

 

لكن القارئ في مسار الأمور، يكتشف أن المردود السياسي هو أكبر بكثير من مردود بيع الغاز، وذلك لأن لبنان يحتاج إلى الأمن والإستقرار قبل حاجته إلى النفط والغاز.

 

وفي السياق، فإن الكيان اللبناني شهد إزدهاراً استثنائياً بعد إستقلال 1943، ثم وقعت «نكبة 1948» لتعكّر صفو هذا الإزدهار، ودفع لبنان الفاتورة الأكبر للصراع العربي – الإسرائيلي، فعندما كان في عزّ فورته الإقتصادية بين الخمسينات والستينات ومطلع السبعينات، قرر الفلسطينيون تحرير القدس من جونيه، فخرّبوا البلد، من ثمّ أتى الإحتلال السوري، ووقعت «حرب تموز» العام 2006، ومن ثم دفع لبنان الثمن الأكبر لحرب المحاور وتمدّد نفوذ «حزب الله» الذي يستغل شعار محاربة إسرائيل للسيطرة على البلاد.

 

وليس عبثاً أن يشدّد رئيس وزراء إسرائيل يائير لابيد على أن الإتفاق الجديد يمنح إسرائيل ضمانات أمنية، لذلك فإن لبنان يحتاج للإستقرار أكثر من إستخراج الغاز. فبعد توقيع «اتفاق الدوحة» العام 2008 عرف لبنان فورة إقتصادية لا مثيل لها تخطت البلدان النفطية في المنطقة والتي كانت تبيع برميل البترول بحوالى 150 دولاراً، وقبل الحرب كان لبنان مستشفى الشرق وجامعته ومصيفه وكان اللبناني يجني ارباحاً تفوق أرباح البلدان النفطية.

 

ولا بد من الإشارة إلى أن عملية إستخراج النفط والغاز تحتاج إلى بعض الوقت، وحجم مبيعات لبنان يقدر بنحو مليارَي دولار سنوياً، وهذا الرقم لا يصل إلى رقم هدر الأمول على الكهرباء والتي وصلت في بعض السنوات إلى 3 مليارات دولار، لذلك فإن إستخراج النفط والغاز بلا إصلاحات فورية يشبه رمي هذه المواد الحيوية في البحر لأن فنزويلا من أهم البلدان المصدرة للنفط ووضعها منهار.

 

من هنا فإنّ أساس استخراج الغاز يتمثّل بأن الإستقرار الأمني والسياسي سينعش البلد حتماً، فلبنان ليس بحاجة لهذه الطاقة فقط لكي يخرج من أزمته الإقتصادية بل يحتاج إلى سلطة تؤمّن الاستقرار والإبتعاد عن سياسة المحاور وعدم نقل الصراعات الإقليمية إلى أرضه.

 

وإذا سارت الأمور كما يجب فإن أبواب التسوية السياسية ستُفتح على مصراعيها، وبالتالي فإن مسألة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لن تكون بعيدة المنال لأنها شرط أول لتأمين عمل السلطات واستعادة الدولة. وهنا، تؤكد المعلومات أنّ التسوية الكبرى تنتظر انتهاء المفاوضات النووية، لكن هناك فصلاً واضحاً بين ملف لبنان وملفات المنطقة، أقلّه بالنسبة الى الاستحقاقات المقبلة حيث كان القرار واضحاً بعدم السماح بسقوط البلد رغم الأزمة الاقتصادية التي عصفت به.

 

ويُنتظر أن تظهر مفاعيل الانفراج في ملفات حيوية كالكهرباء وبعض المسائل الاقتصادية – المالية وسط ترقب للحراك الاميركي في ما خصّ الرئاسة الأولى والذي سيكون في الأيام العشرة الأخيرة من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، حيث تؤكد المعلومات أنّ الإدارة الأميركية لن تترك الساحة اللبنانية، ولو أنّها لم تتدخل حتى اللحظة بهوية من سيخلف الرئيس عون.