Site icon IMLebanon

صخرة الصومال تدعم موقف لبنان في ترسيم الحدود البحرية

 

كسب لبنان ورقة رابحة جديدة في ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل. فقد أعطت مرجعية قانونية عالمية حقوقاً للبنان من حيث لا يدري، في سابقة قانونية تستدعي منه التحرّك لتثبيت موقفه وحقه بالخط 29. إذ بعدما استعملت اسرائيل صخرة «تيخيليت» كحجة لتخسّر من خلالها لبنان مساحات في حدوده البحرية، تبين قانوناً، انّه لن يكون لهذه الصخرة اي تأثير في ترسيم الحدود بعد اليوم.

 

في التفاصيل، شرحت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخبيرة في شؤون الطاقة لوري هايتيان لـ»الجمهورية»، انّ الوفد المفاوض اللبناني، بنى قضيته في اعتماد الخط 29 في رسم الحدود، على انّ صخرة «تخيليت» الواقعة في المياه الاقليمية الاسرائيلية القريبة من الساحل الاسرائيلي، لا تأثير لها مطلقاً في عملية ترسيم الحدود، على عكس ما كان يطالب به الجانب الاسرائيلي، الذي يعتبر انّ هذه الصخرة جزء لا يتجزأ من ترسيم الحدود، معلّلا ذلك انّه عندما تكون هناك صخرة (اسرائيل تعتبرها جزيرة) قريبة من الساحل وتقع في المياه الاقليمية، يكون لها تأثير كامل في الترسيم. في المقابل يرفض لبنان هذا التوجّه، معلّلا انّه بمجرد احتساب هذه الصخرة في الترسيم فإنّ ذلك يخسّر لبنان مساحات واسعة من المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهذا ما يتعارض مع المبدأ التناسبي والعدالة في الترسيم.

 

هذا الاختلاف أوقف المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين. الّا انّه وقبيل الحديث عن استئنافها في المرحلة المقبلة، لا بدّ ان يعود لبنان مدعماً بحجة قانونية قوية، تتمثل بالقرار الصادر عن محكمة العدل الدولية في موضوع ترسيم الحدود البحرية بين الصومال وكينيا. فقد تجاهلت المحكمة في قرار أصدرته في 12 تشرين الاول الصخرة الصومالية المتاخمة والقريبة من الساحل. واعتبرت انّ لا تأثير لها في ترسيم الحدود مع كينيا، بسبب موقعها غير التناسبي على خط الترسيم.

 

ما يهمّ لبنان من هذا القرار، انّه يمكن العودة اليه في سياق دفاعه عن حقه بالخط 29، لأنّ الصورة نفسها تتشابه في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل والخلاف الحاصل على صخرة مشابهة. وعليه، فإنّ قرار محكمة العدل الدولية ينطبق على لبنان ويعطيه نفس الحق، ويؤكّد صوابية المبدأ الذي اعتمده الوفد اللبناني المفاوض لدى مطالبته بالترسيم وفق الخط 29. وأكّدت هايتيان، انّه بات للبنان اليوم مرجعية قانونية مثبتة، بأنّه لا يمكن ان يكون لهذه الصخرة تأثير كامل في الترسيم، والاّ فإنّ الترسيم يُعتبر غير عادل. كما بات لدى الدولة اللبنانية سابقة قانونية تنطلق منها، لتؤكّد للجانب الاسرائيلي انّ الموقف اللبناني من الخط 29 قوي ومتين ومحق بالقانون وبالتقني وبالتاريخي، وقد اضيف اليها راهناً هذا القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية، والذي يسري ويتطابق مع الحالة اللبنانية-الاسرائيلية.

 

وبالتالي، انّ هذا الجدال والذي توقفت على أساسه المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين، انقلب اليوم مكسباً قانونياً للبنان، قبيل إعادة استئناف المفاوضات، حيث من المتوقع ان يزور رئيس الوفد الأميركي المكلّف مهمّة إدارة المفاوضات غير المباشرة آموس هوكشتاين بيروت في منتصف الأسبوع المقبل، في مساعٍ لإحياء البحث في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الخط البحري.

 

وترى هايتيان، انّ هذا القرار الدولي أعطى زخماً للتفاوض متى استؤنف مع هوكشتاين، وورقة رابحة جديدة، على لبنان ان يضمّها الى ملف الترسيم، لتقوية موقفه وتثبيت حقه بالخط 29. إذ لا بدّ من الاستفادة من هذا القرار القضائي لتثبيت موقف لبنان. وبالتالي، ما عاد في إمكان اسرائيل القول انّه لا يحق للبنان بالخط 29، متذرّعة بحالات سبق ان بتّت بها محكمة العدل الدولية، ولا تتشابه مع لبنان بشيء. كما لا بدّ من الإشادة والتنويه بمهنية الوفد اللبناني المفاوض وحرفيته منذ البداية. واليوم انتفى الخوف من تعديل المرسوم 6433، بعدما ثبت بالقانون الدولي انّ لبنان كان يسير في الطريق الصحيح. كذلك انتفت الحاجة للسير باقتراح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باستجلاب شركة من الخارج لدرس الملف، وتأكيد المؤكّد في قضية رابحة لصالح لبنان، الّا اذا كان المطلوب من هذه الشركة الدفاع عن الخط 23.

تقاسم الموارد؟

 

من جهة أخرى، وقبيل وصول هوكشتاين الى لبنان منتصف الاسبوع المقبل، والحديث عن إحياء المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، رأت هايتيان انّ لدى هوكشتاين فكرة واضحة، بحيث من المتوقع ان يطلب من جميع الأطراف تناسي الخطوط البحرية وإغفالها والانتقال لتحويط المنطقة المتنازع عليها وإدخال شركات عالمية اليها تتولّى استخراج النفط وتقسيم الموارد بين لبنان واسرائيل ضمن آلية محدّدة. وهذا التوجّه سبق ان تحدث عنه الوزير جبران باسيل في 24 نيسان الماضي، باقتراحه تقاسم الموارد مع الاسرائيليين إذا دعت الحاجة.

 

وأخيراً، دعت وزيرة الطاقة الإسرائيلية الى عدم التفكير بالطرق القديمة المتمثلة برسم الخطوط، لافتة الى اننا «نتشارك ولبنان في حقل غاز، ويتعيّن أن نجد حلاً بشأن كيفية استخدامه، بما يجعل كل جانب يحصل على نصيبه منه بطريقة عادلة».

 

الى ذلك، اعتبرت هايتيان انّ القبول بهذا الاقتراح او رفضه لا يأتي انطلاقاً من موقف تقني، انما من موقف سياسي يحتاج الى قراءة متأنية ودقيقة، لمعرفة ما اذا كان هكذا قرار يصبّ لصالح لبنان، هل يأتي ضمن تسوية في المنطقة؟ مقابل اي ثمن قد يقبل لبنان بهذا الاقتراح؟ هل ينظر الى هذا الاتفاق على انّه تطبيع اقتصادي؟

 

وعمّا اذا كان القبول بهذا الاقتراح هو أربح للبنان من حيث الكميات التي قد يحصل عليها، فيما لو اصرّ على الخط 29، تقول هايتيان: «انّ تقاسم الحقول في المنطقة المتنازع عليها أوسع من تقاسم البلوك «كاريش»، لكن في هذه المنطقة هناك حتى الساعة اكتشاف واحد هو حقل «كاريش». لا شك انّ السير في هذا الاتفاق هو الطريق الأسرع للاستفادة من الغاز، والذي من المتوقع استخراجه مطلع العام المقبل، بينما لا يزال لبنان بعيداً عن التنقيب سنوات».