Site icon IMLebanon

الترسيم مع قبرص دونه علامات استفهام

 

 

حمية: الملف قيد الدرس… بو صعب: حذارِ إدخالنا في مشاكل إقليمية

 

هل هي مجرد إجراءات تقنية وقانونية أم أنّ الأسباب السياسية هي التي أخّرت تعديل اتفاق الترسيم بعد أن كانت المباحثات بين قبرص ولبنان بشّرت بنهايات مفيدة للبلدين.

 

قبل نحو شهر تقريباً وقبل نهاية عهد الرئيس السابق ميشال عون أرسلت قبرص تطلب من لبنان إمكانية البحث في ترسيم الحدود البحرية المشتركة بين البلدين. زار وفد قبرصي لبنان لهذه الغاية واستعجل العهد الإنجاز قبيل نهاية الولاية وحصلت إجتماعات واتفاقات وتمّ تحديد جدول زمني لا يزيد على أيام. إنتهى العهد وحول الملف الى لجنة وزارية كلّفها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي برئاسة وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية، إجراء «ما يلزم في سبيل التحضير والاعداد لمشاريع تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة من الجهتين الغربية والشمالية مع كل من قبرص وسوريا».

 

وبينما كان الإتفاق على قاب قوسين، ورهن التوقيع على التعديلات التي أضيفت على الإتفاقية القديمة الموقعة بين لبنان وقبرص تبين أنّ الملف برمته لا يزال قيد الدرس ما عزز شكوك البعض بوجود أسباب سياسية تؤخر بتّه مرتبطة بالعلاقات التركية اللبنانية، وتجنب رئيس الحكومة الإحراج مع الأتراك الرافضين لمبدأ الترسيم.

 

يعني إقرار تعديل النقطة (1) بالنقطة (23) ثلاث دول مجتمعة هي الى لبنان، اسرائيل وقبرص. انطلقت المشكلة عام 2007 يوم رسمت قبرص مع إسرائيل إنطلاقاً من الخط (1) واتفق بشأنه مع رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة ووزير الأشغال محمد الصفدي، ثم أضيفت احداثيات جديدة عليه عام 2009 ووافق مجلس النواب على المرسوم 6433 المتعلق بالمنطقة الإقتصادية الخالصة والتي تتحدث عن حدود ثلاثة هي لبنان وقبرص وإسرائيل. مجرد اعتماد لبنان الخط 23 بدل الخط (1) فحكماً حصل التعديل الذي وافقت عليه اسرائيل فيما لم توافق قبرص، بعد ما دفعهم الى تحريك الملف مع لبنان فور توقيع إتفاق الحدود البحرية مع اسرائيل.

 

تريد قبرص إنهاء الملف وهي كانت المبادرة للتواصل مع لبنان وخلال زيارة الوفد القبرصي بدت الأجواء إيجابية لكن البحث تراجع، ما عزز وجود خلفيات سياسية مردها الى معلومات قديمة كانت تحدثت عن زيارة قام بها ميقاتي عام 2012 الى تركيا مع وزير الأشغال يومها غازي العريضي، وعرض لموضوع ترسيم الخط 23 مع قبرص وأبلغ الأتراك رفضهم لاعتبارهم أن هذه الحدود تدخل في مجالهم الحيوي، فتجاوب ميقاتي خلال اجتماع ثنائي مع رئيس الوزراء التركي وفوجئ العريضي بالأمر، وتدخلت السفيرة الأميركية في لبنان حينذاك مورا كونيللي مستغربة تعاطي لبنان مع قبرص.

 

إستذكار الرواية القديمة مرده الى تأكيد المعنيين بالملف وجود عقبات سياسية أخّرت الإتفاق على ترسيم الحدود مع قبرص، على اعتبار أنّ «هناك اتفاقية موقعة مع قبرص وقد اتفقنا على إضافة تعديلات عليها وتوقيعها من وزير الأشغال». ويغمز هؤلاء من قناة عدم رغبة ميقاتي البت في الموضوع حالياً ولذا احاله الى لجنة وزارية. غير أن وزير الأشغال علي حمية يتجنب الإفصاح عن تفاصيل الملف ويكتفي في إتصال مع «نداء الوطن» بالقول: «تسلمت كامل تفاصيل الملف منذ العام 2002 وحتى تاريخه وأعمل على قراءة كل الأوراق والمستندات بعناية ودقة لأبني على الشيء مقتضاه»، رافضاً إبداء إي إنطباع أولي عن «الإتجاه الذي سيسلكه الملف». وتابع قائلاً: «كلفت من قبل رئيس الحكومة برئاسة لجنة معنية بملف الترسيم مع قبرص وسوريا والعمل متواصل على قدم وساق، ولست مخولاً التوقيع بل مراجعة الملف ورفع التقرير بشأنه الى رئيس الحكومة»، لافتاً الى الفصل في الترسيم بين قبرص وسوريا وأن المسألة مسألة أيام قليلة.

 

لكن المصادر المواكبة للإتصالات مع القبارصة قالت: «الأمر لا يلزمه تفويض للتوقيع ولا مراسلات ولا لجان بحث بقدر ما يلزمه قرار سياسي»، ودليلها الى ذلك ما سبق وصرح به حمية عقب لقائه الوفد القبرصي وإعلانه أنه تم «اعتماد النقاط 1 و24 و25 و23 وكذلك تطرق النقاش الى النقطة رقم 7»، وتحدث عن «قواسم مشتركة مع قبرص»، واعداً في نهاية الشهر الماضي وهو تاريخ عقد الإجتماع الإنتهاء من الملف بحلول منتصف الاسبوع المقبل».

 

وأكثر من ذلك، أبلغ حمية في إتصال مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أن الإتفاق حصل مع القبارصة ليحال من جديد الى لجنة وزارية لدرسه. وهو ما فسر على أنه تقصد بالتأخير لعدم بت الموضوع في عهد عون وتجنب ميقاتي الإحراج تجاه الجانب التركي، الذي لا يزال على موقفه الرافض للترسيم البحري بين لبنان وقبرص لأسباب متصلة بالخلاف المستمر بين البلدين. وتساءلت المصادر كيف يمكن انجاز اتفاق بين لبنان وإسرائيل بينما يستهلك تعديل إتفاق منجز مع قبرص كل هذا الوقت، ما يؤكد غياب النوايا الجدية للمعالجة ولأسباب لا يمكن فصلها عن السياسة.

 

في إتصال مع «نداء الوطن» إستغرب نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي سبق للقبارصة أن طالبوا بأن يكون مشرفاً على الملف وقد تمّ تجييره إلى وزارة الأشغال لأنه من مهامها، أن يكون الملف لا يزال قيد الدرس بعد أن «كنا قد تبلغنا من وزير الأشغال عقب اجتماعه مع الوفد القبرصي بانتهاء التفاوض، وأن الأجواء إيجابية ستتم ترجمتها قريباً من خلال تعديل الإتفاقية»، وأبدى خشيته من «عرقلة لأسباب إقليمية»، داعياً الى «عدم زج لبنان بمشاكل هو في غنى عنها».

 

لا يرى بو صعب «مبرراً للتأخير في تعديل الإتفاقية خاصة بعد أن توافق الجانبان معتبراً أنّ «التعديلات كان يجب أن تحصل وفق القوانين المرعية الإجراء والتي لا يفترض أن تستغرق أكثر من ساعات لتوقيعها، فما هو السبب الحقيقي للعرقلة خاصة وأن النقطة المتعلقة بالحدود مع سوريا تم الإتفاق على أن تبقى عالقة ريثما يتم الإتفاق بشأنها بين لبنان وسوريا».

 

ونبه الى أن التأخير سيدفعه الى «مطالبة المتأخرين والمتسببين بعرقلة الإتفاقية مع قبرص بإعطائنا الأسباب الموجبة لذلك»، مكرراً خشيته من «أن تكون مشاكل إقليمية هي السبب الضاغط على بعض السياسيين في لبنان لوقف إقرار هذا التفاهم»، ومتمنياً «لو يتم تقديم مصلحة لبنان على ما عداها لأن عدم إيجاد حل سيبقي البلوك (1) و(2) موضع خلاف، ما يؤخر في استدراج عروض الشركات الراغبة في التنقيب فيها».