تتجمّع المعطيات في البقاع الشمالي لتقول بأنّ اللائحة المعارضة لـ«حزب الله» لا تتجانس في الأهداف ولا تمتلك التوازن الداخلي بين المرشحين، الكفيل بتحقيق الهدف السياسي من المعركة.
فما يجمع هذه اللائحة تحالف اللحظة الاخيرة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية الذي اتّكأ على مجموعة من المرشحين الشيعة نزعت منهم ادوات المعركة، فيما انصرف كل من المستقبل والقوات الى تأمين فرص مرشحيهما، بغض النظر عن فرصة فوز المرشحين الشيعة أو احدهم على وجه الخصوص هذا الفوز الذي يمتلك المعنى السياسي الوحيد لهذه المعركة.
وفي حين فرض تيار المستقبل إيقاعه على تشكيل اللائحة منذ البداية من خلال الاتفاق الذي حصل بين السيد نادر الحريري والنائب السابق يحي شمص، والذي أتى بعد انسحاب المرشح الشيخ صبحي الطفيلي من المعركة وانسحاب شخصيات شيعية وازنة، فإنّ هذا المسار يعني أنّ المستقبل هو مَن شكّل اللائحة متجاوزاً الاعتبارات الشيعية ومتجاوزاً، ضرورة خوض معركة سياسية، وهو الذي كان يريد حتى اللحظة الأخيرة إدخال التيار الوطني في هذه اللائحة، وقد فشل في اللحظة الأخيرة بعد إصرار القوات اللبنانية على مرشحيها، وبعد تمنيات سعودية بالتحالف بين المستقبل والقوات في هذه الدائرة اليتيمة، التي أُضيفت الى تحالف آخر في عكار يفتقد بدوره الى الثقة بإمكان نجاح مرشح القوات العميد وهبة قاطيشا.
وإذا كان انسحاب الطفيلي من المعركة، ثم انسحاب الرئيس الحسيني في اللحظات الأخيرة لتشكيل اللوائح قد أفضى الى تحالف ثنانئي بين القوات والمستقبل وشخصيات شيعية مستقلة، فإنّ التركيز ينصب الآن من المستقبل والقوات على السواء على إنجاح مرشحيهما، دون الالتفات الى المرشحين الشيعة، بمعنى أنّ هؤلاء سيتركون في لعبة الصوت التفضيلي الى قدرهم، ولن ينالوا اصواتاً مسيحية أو سنّية، علماً انّ «حزب الله» يركّز كامل جهده وماكينته على رفع نسبة التصويت ورفع الحاصل الانتخابي، وتوزيع الاصوات التفضيلية لضمان عدم حصول خرق في أيّ مقعد شيعي، ويركّز الحزب بعد المقاعد الشيعية على المقعد الماروني لإنجاح النائب إميل رحمة، وإسقاط مرشح القوات انطوان حبشي.
ووفقاً لهذه الصورة الأوّلية، فإنّ غياب الدعم والغطاء عن المرشحين الشيعة سيقلّص فرص اختراقهم، كما سيقلّص فرصة اللائحة ككل في تأمين فوز كان يمكن أن يكون كبيراً لو توفرت مقوّمات المعركة.
وبعد الاستهداف المتكرّر للمرشح المنسحب الشيخ عباس الجوهري الذي يتمّ تدفيعه فاتورة كبيرة جراء معارضته لحزب الله، بات واضحاً انّ هؤلاء المرشحين لا يحظون بالغطاء لاستكمال معركتهم، وانّ التفاهمات داخل اللائحة لا تعطيهم امكانية الفوز، فيما التفاهمات السياسية داخل السلطة، تجعل من بعض شركائهم في اللائحة أشبه بالنعام التي لا تريد أن ترى، ففي الاعتداء على الشيخ الجوهري لم يسجَّل لأيّ مرجع أن تدخّل لتأمين سقف قانوني يحمي المعارضين الشيعية، فوزير الداخلية نهاد المشنوق غاب عن السمع، وترك هؤلاء يواجهون سلطة الامر الواقع، التي تسعى قبل شهر على موعد اجراء الانتخاب الى ضبط حالات الاعتراض بكل السبل، ومن ضمنها اساليب ترهيب استعملت في حقبات سابقة.
يقول معظم الدراسات الاحصائية إنّ خوض معركة متكافئة في البقاع الشمالي، كان يمكن أن يؤدّي الى خرق لائحة «حزب الله» بثلاثة مقاعد، أما اليوم وفي غياب الجهوزية الشيعية الناتجة عن إضعاف المرشحين، تدنّت احتمالات الخرق الى مقعد يمكن أن يرتفع الى مقعدين، واذا ما حصل ذلك سيكون من نصيب المستقبل والقوات، اما المقاتلون الديموقراطيون في المعارضة الشيعية فقد تُركوا في المعركة من دون سلاح.